أدب فتوى الدفاع المقدسة
أحياناً أكون انت..!
2017/01/17
أعرف أن هناك مواقف انسانية لا يمكن أن تمر مروراً عابراً دون أن تحفر في الذاكرة عميقاً، وأعرف أيضاً أن الكثير من المشاهد الحياتية المشابهة تذكرنا بالموقف المؤثر بل إن بعض المواقف المتضادة تحيلنا اليه، بما يمتلك ذلك الموقف من تأثير قوي، صورة عابرة في خبر أظهر شاباً عراقياً مع مجموعة اسرى يذبحون، ويطلب منهم الداعشي الاقرار بعصابات الدواعش كدولة باقية..!
رفض هذا الشاب العراقي بإباء فقتلوه، قتلوه دون أن يعرفوا انه هو الذي قتلهم، هو الذي جرّد منهم الكرامة والإنسانية والاسلام، جرّد منهم نصرهم المزعوم، وصار لا يفارقني لحظة واحدة.
انسان مثل هذا الشجاع، لا يموت من الذاكرة اطلاقا، ترك في قلبي ضميرا ينزف حتى صرت اراه في كل شارع كربلائي، وأرى وجهه احيانا في اوجه الزائرين..
قفزت صورته امامي، وانا اقف امام عشرات الاسرى الداعشين، انظر في عيونهم ولا ارى سوى المذلة والخوف، وأنا انظر اليهم نظرة الغضب، صعقتني حينها المفاجأة واذا به يقف بقربي، صرخت فرحا: انه أنت.. نعم والله هو انت.. ما الذي اتى بك ايها العراقي في هذه اللحظة..؟
قلت له:ـ لماذا قتلوك وانت اسيرهم..؟ ولماذا مثلوا بك بعدها..؟
اجابني وهو يبتسم: لأنهم حين نظروا في عيني شاهدوا العراق بكل ما فيه، رأوا العراق بحزنه وفرحه، بهدوئه وغضبه، بسلامه وثوراته العارمة، هم لا يعرفون سوى لغة القتل والذبح، ولهذا جئت اليك لأوصيك واقسم عليك بمحبتي أن تقاتل من اجل العراق وخير العراق، وأن لا تعاملوا احدا منهم كما عاملونا، بل عاملوهم مثلما كان ائمتنا (عليهم السلام) يعاملون أعداءهم، قدموا الموقف الانساني الذي يكشف سوءة النقيض..!
استغربت اكثر حين رأيته في وجه مقاتل.. اووه انه اكثر من واحد..!
كلما ادقق النظر اجده في وجه ثالث ورابع.. رأيته هنا وهناك وفي كل قواطع الجبهة يحضر يؤازر المقاتلين.. أيقنت حينها ان الشهداء لا يموتون..
وقبل أن يمضي يسألني: من أنت..؟ أجبته:ـ أحياناً أكون انت..!

علي حسين الخباز