أدب فتوى الدفاع المقدسة
قراءة في بحث (قياس الصلابة النفسية بين أمهاتِ شهداء الحشد الشعبي وغيرهن من الأمهات )
2017/12/19
 دراسة مقارنة للدكتورة نهى حامد طاهر عبد الحسين لجنة البحوث والدراسات في صحيفة صدى الروضتين .. 

أهم معالم الثقافة ادراك الدور الذي تقوم به كل شريحة من شرائح المجتمع بخصوصية وضعها وانتمائها البنّاء الى هويتها، وفي بحث الدكتورة نهى حامد طاهر عبد الحسين والمعنون (قياس الصلابة النفسية بين أمهات شهداء الحشد الشعبي وغيرهن من الأمهات) دراسة مقارنة.. نحن سنأخذ منها ما نراه قريباً من اشتغالاتنا التدوينية، لعلمنا ان هذه المعرفة تتأثر بما يمكن ان تكون سبباً لتحصين هذا التماسك عند أمهات الشهداء. الصحة النفسية تتأثر بالمواقف والضغوط الاجتماعية، نحن بحاجة الى توعية ثقافية للمجتمع من اجل ادراك خصائص الانتماء، وليدرك فرادة الدور الذي تشغله الأمهات؛ بسبب تلك النكبات التي قد تكون بأسباب خارجة عن نطاق الانسان: كالكوارث الطبيعية، وبعضها الآخر يكون سببها الانسان كالحروب، فتشعر انها فقدت الكثير من أسباب توازنها، وذابت في سمات الحزن والانزواء بعيدة عن حراكها الإنساني؛ لكون الدمار بشتى اشكاله يهدد أمان الانسان وتكوينه النفسي، ويترك آثاراً سلبية. ولكي لا تخسر مقومات هويتها، لابد من صياغة مشاريع تعرف الناس معنى الصلابة النفسية التي تعد من أولى العوامل التي تساعد الانسان بالتغلب على هذه الأزمات، ومثل هذه الصلابة هي التي تكمن وراء احتفاظ الافراد بصحتهم النفسية، بمعنى إشاعة نظم تبث روح الوعي بعظمة الدور الذي تشغله الأمهات، وتقوي من عزيمة الانسان والأمهات، نموذج حضاري يمثل انماء ثقافة الصبر والتصابر والحزم. الصلابة النفسية لا تستطيع رفع الأحداث الضاغطة؛ لكونها لا تستطيع ارجاع الشهيد الى أمه، لكنها قادرة على رفع الروح المعنوية عند الأمهات كمصدر من مصادر المقومة والصمود والوقاية من الانكسار والآثار التي تحدثها تلك الضغوط النفسية والجسدية للإنسان، وترتبط بقوة الانا، وتقدير الذات والكفاءة الذاتية والتفاؤل، ودليل نمو فكري يستند على قوة الايمان، والقدرة على التماثل مع اهل البيت (عليهم السلام)، وما تعرضوا له من أذى الفقد. الاقتداء بهم يمثل مرحلة النضج، وتعد من قدرة تنمية السلوك التأثيري بأهل البيت (عليهم السلام)، التأكيد على الهوية والتركيز على أسس الدعم البناء، سمات التحكم والالتزام والتحدي، وبين الوعي الديني الجوهري ومعنى ادامة الحياة ورفع معنويات المرأة؛ لكونها تشعر بالمظلومية وألم الفقد وهي كإنسانة من أهم مكونات المجتمع عرضة للمواقف الشديدة والضغوطات الناتجة عن حرصها على أولادها، ولأنها مثال للعاطفة والحنان. فلا يمكن صياغة قوالب محددة للصبر او التصابر، وإنما هي أساليب فكرية قادرة على بث الشعور العظيم للدور التضحوي، من أجل ابعاد ظاهرة الاغتراب النفسي المسبب للازمات النفسية لأمهات الشهداء سعياً لخلق المناعة (المقاومة النفسية) والاتزان النفسي وقدرة الانسان على ادراك معنى الواقع المعاش. عينة من الأمهات اللواتي تعرضن للضغوط الصادمة في حياتهن نتيجة لفقد الأبناء، التضحية المدركة انجاز تحقق بقدرة الثقة، وفهم المستقبل، ومعرفة يقينية لدور التضحية الناهض في الحفاظ على العراق ومقدساته والحفاظ على شرف البيت العراقي، والذي هدد علاقته دون خجل من قبل الدواعش. أمهات الشهداء قدمن دروساً عظيمة في التضحية وفي الصبر والتصابر، حيث تعد رمز المحبة؛ كونها ضحت بأولادها من اجل ان يعيش الناس حياتهم، ويترسخ هذا الوعي بقدرة الانتماء وتجسيد التأريخ التضحوي، والأثر البناء لشخصيات عربية قدمن فلذات اكبادهن، وهن صابرات كمولاتنا أم البنين (عليها سلام الله)، والى الضغط النفسي الصادر عن ظاهرة الفقد وهي ظاهرة جماعية وتفاعل انساني، وهن تعلمن من الإمام الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) التماسك والروح المعنوية العالية.

الاديب / علي حسين الخباز