أدب فتوى الدفاع المقدسة
هجوم الأذان
2018/04/28
علي حسين الخباز
شراسة القتال وتنوع أشكاله يمنح المقاتلين خبرة المطاولة، ويفرض عليهم التحرك في مجالات أوسع، وخاصة اذا امتلك المقاتل روحاً ابتكارية قادرة على إيجاد سبلاً جديدة لم تكتشف من قبل عند العدو، تخلق له خوراً، وتعد عاملاً من عوامل المباغتة وبالمقابل تعزز روح النصر عند مقاتلينا، والمقاتل الشيخ ميثاق الزيدي استطاع أن يوقد جمرة الوجد في هذه القرى الندية لتحمل هذا المقاتل وجداناً في ذاكرتها، يعمر انفاس الناس، زرع مشاعر الترقب في ضمير قرية الكرغول، والبوطارش، والجمهورية المطيرات. يستيقظ النداء في قرية البو حشمه، لم ينتبه أهل الحشد لفاعلية هذا السلاح، إلا من خلال قوة معاناة الخصم وتأثيره الفاعل بهم، كان هذا الرجل الحوزوي الذي يدرس طلابه كتاب اللمعة والمكاسب والكتب العلمية بأسلوب جديد ومؤثر، جعله يفكر في اكتشافه الرهيب لفاعلية هذا السلاح الذي قصم ظهر العدو، قرر أن يقاتل بعقله وعلمه ورسالته التي جاء من اجلها ليقاتل وليضحي ويستشهد من اجل ان يرفع اسم الله الجليل واسم رسوله الكريم وأهل بيت النبوة (عليهم السلام)، يعتلي شهقة الطريق، ويؤذن لصلاة الفجر، كان هدير صوته يجتاز وطأة النوم الى يقظة الحياة، لتستيقظ على ندائه مشاعر الحنين والمعابر ومعارج الطريق القتالي والشجر، وتنهض مرعوبة أصوات الرصاص والقنابل، وكل ما يمتلكه الأعداء من قوة. عندما يحين موعد الأذان، كنا نبتسم ونحن نقول سيبدأ هجوم الله وأكبر، كيف اكتشف الشيخ ميثاق ثقل هذا السلاح؟، كيف عرف أن نداء (الله أكبر) يزعجهم ويؤذيهم الى هذا الحد؟ كيف كان الشيخ ميثاق يعرف ان الشجر والبيوت والبساتين تردد صدى هذا الأذان؛ لتعانق روح تلك القرى وناسها وأشجارها؟ وتهد خنادق تحملهم، فيكون الرد عاتياً، ولتصهل في ازيز رصاصهم خيول ابن سعد ثانية، كان صوت (الله أكبر) قاهراً يتحدى زمر الكفر والجحود، العجيب في الأمر انهم أيضا يصرخون تكبير عند كل اطلاقة شر. لماذا لا يرعبنا هذا النداء رغم انهم يذبحون الناس باسمه، ويقتلون باسمه والنداء الذي يطلقه الشيخ ميثاق هو رمز مودة وسلام، الله لو يستجيبون له لما احتجنا الى حرب وضحايا وقتال، كان كثافة الرد من الأسلحة التي تستهدف المؤذن وحده يعادل مستوى هجوم كبير، والشيخ ميثاق يحمد الله تعالى عند كل انتصار. وفي إحدى صولات الأذان كان هناك تحشيد كبير من العدة والعدد قوات مسلحة تسليحاً كاملاً وانتحاريين وقناصة.. وكل هذا الهجوم بعدته من أجل ان يسكتوا صوتا متفردا. استشهد أخيراً الشيخ ميثاق، ولهذا سادت أجواء من الحزن في وجوه أبناء سريته حاملين هم الفجر الذي يسشرق دون أذان، الفجر الأعزل من الشيخ ميثاق، وهذا ما سيجعلهم يشمتون بنا.. لا ندري كيف يبزغ الفجر والشيخ لم يؤذن للصلاة، ومع أول الفجر وإذا بالله اكبر تنطلق، ترفع هامات التحدي. فرحنا كثيراً، ونحن نسمع أذان الفجر بصوت الشهيد الشيخ ميثاق.. من منا لا يعرف صوته؟ هو يخرج للأذان كل يوم لصلاة الفجر ثم يعود.