الاخبار
قصّة لرجال الله على لسان مشرف فرقة العبّاس(عليه السلام) القتاليّة خلال كلمته في افتتاح فعاليّات مهرجان فتوى الدفاع المقدّسة..
2017/05/18
ذكر المشرفُ العامّ على فرقة العبّاس(عليه السلام) القتاليّة الأستاذ ميثم الزيدي قصّةً لأحد عوائل مقاتلي الحشد الشعبيّ خلال كلمته التي ألقاها في حفل افتتاح فعاليّات مهرجان فتوى الدفاع المقدّسة الذي انطلقت فعاليّاته هذا اليوم الخميس (21شعبان 1438هـ) الموافق لـ(18آيار 2017م). وفي ما يلي نصّها:

الى من تصدّى للمسؤوليّة من السياسيّين وليسوا لها أهلاً.. قصّةٌ من واقع العراق وأهله الطيّبين.. اتّقوا الله في هذا الشعب وأبنائه الذين لولاهم لما كان لكم أيّ شأنٍ أو جاه..

قصّةٌ حقيقيّة أشبه بالخيال.. كما وصلتني أنقلها لكم... حصلت في مكبّ النفايات الشماليّ لمدينة النجف الأشرف، باع صديقي قبل ثلاثة أيّام داراً له بمبلغ (150) مليون دينار من فئة الخمسين ألف، وجاء بها إلى بيته ليلاً ومن خوفه على المبلغ أخفاه في مكانٍ غير متوقّع من البيت (تحت مغسلة تنظيف أواني المطبخ) ورزمه بأكياس مع مجموعة من مستحضرات التنظيف وأدوات المطبخ التي توضع عادةً في ذلك المكان. ونام ليلته.. وفي صباح اليوم التالي اكتشف أنّ المبلغ قد رُمِي في النفايات، حيث قامت إحدى بناته بتنظيف المكان وظنّت أنّ ما في الكيس عبارة عن مخلّفات لأوراق تنظيف مستعملة. فزع الأب إلى حاوية النفايات فلم يجد كيس النقود. ثمّ سارع في الاتّصال بإخوته وأخبرهم بعد أن جنّ جنونه. فأخذ وإخوته في البحث عن سيّارة التنظيف فوجدوها. لكنّهم لم يجدوا النقود. وأخبرهم السائق أنّه أفرغ حمولته في المحطّة الرئيسيّة عند الطريق الشمالي الحوليّ. فذهب إلى هناك فوجدوا الجرافات تعمل في دفع النفايات والأطفال والنساء والشيبة تلتقط ما يمكن أن يكون رزقاً لهم (لا أرغب في التعليق على هذا الموضوع الآن) المهمّ لكثرة الناس وعمل الجرافات (الشفلات) يئس صاحبي من العثور على نقوده. ورجع يجرّ أذيال الخيبة وقلّة حظّه. وهناك عند حافة المزابل جلس يندب حظّه، غير أنّ إخوته الأقلّ منه سنّاً لم ييأسوا وذهبوا وسط الناس للبحث والتنقيب والسؤال. وهنا اقترب من صاحبي رجلٌ سبعينيّ وسأله: (خو ما كو شي عمّي؟) قال صاحبي: (لا والله عمي أكو هجمان بيوت). الشيخ: (خير إن شاء الله؟). صاحبي: (ضاع بيتي). الشيخ: (شلون؟). فحكى صاحبي القصّة لهذا الرجل. الشيخ: (تعال وياي). ظلّ صاحبي يمشي خلفه بخيبة وحزن حتى وصل الشيخ إلى خيمةٍ صغيرة من أكياس متهرّئة ومهملة. وإلى جانبها معزتان وامرأةٌ وأطفال لا يملكون من الملابس إلّا ما يُسمّى عند الآدميّين ملابس داخليّة، وحتّى هذه ممزّقة وتملؤها الأوساخ.. جلس الشيخ وأمر صاحبي بالجلوس. لم يستحسن صاحبي المكان وهو يرمق إخوته وسط الباحثين في الأزبال. أخيراً جلس وهو يتفقّد الأرض. الشيخ: (فلوسك شگد عمي؟). صاحبي: (150 مليون). الشيخ: (لا يعني العلاقة شكبرهه؟). صاحبي: (يعني علاقة مسواگ زغيرة). الشيخ: (فلوس أمّهات العشرة أبو الخمسة وعشرين؟). صاحبي: (لا أمهات الخمسين ألف). الشيخ: (هاي فلوسك). بعد أن أخرج المبلغ من عباءته المهترّئة. ذُهل صاحبي كأنّ الطير وقف على رأسه للحظة، ثمّ صاح بأعلى صوته على إخوته الذين لم يسمعوه إلّا بعد أن كرّر صياحه وهرول باتّجاههم. أخرج صاحبي مبلغاً مقداره خمسة ملايين ودفعها الى الشيخ.

المفاجأة...؟؟؟ الشيخ يرفض أخذ المبلغ مكافأة ويُريد مكافأةً من العليّ القهّار.

صاحبي لم يصدّق الأمر. فكرّر طلبه.. والشيخ يكرّر الرفض. المرأة التي مع الشيخ كانت بعمر بناته. لم تنبس ببنت شفة. وليس بينها وبين بنات جيلها أيّ عامل مشترك سوى كونها أنثى، وهي زوجة شهيد في الحشد الشعبيّ والشيخ والده والأطفال هم أبناء الشهيد.

صاحبي يتكلّم مع الشيخ: (عمّي أخذ المبلغ مو إلك للأطفال). الشيخ يقول: (اللي خلقهم ينطيهم). فلم تفلح كلّ وساطات إخوة صاحبي في ثني الشيخ عن عزمه بقبول مكافأة من الله لا غير.

ذهب صاحبي وإخوته ومعهم تمام المبلغ وكانت الساعة تقترب من (12 ظهراً) ويوم الخميس الماضي كان حارّاً. فذهب صاحبي إلى حيّ عدن واشترى مبرّدة وثلّاجة وغسّالة وطبّاخ وجاء بها إلى مملكة هذا العارف الواقعة في مزابل النجف. توقّفت السيّارة أمام الخيمة وقد هدأ المكان من أصوات الجرّافات وذهب الزبّالون إلى محاريب الكسب الحلال. تقدّم صاحبي نحو الشيخ الذي رمق السيّارة بنظرة. وعلى وجهه ابتسامة خفيفة. لم يتوصّل خبراء التعبير إلى فكّ طلاسمها بعد. فنهض الشيخ ليسلّم على صاحبي وابتدأ بالقول: (ما تنزل ولا حاجة من السيّارة). وعبثاً تذهب محاولات صاحبي في إقناعه. إلّا أنّ الشيخ أبى.

في نهاية المطاف أشار الشيخ على صاحبي بأن يُعطي الموادّ إلى العوائل المتعفّفة ومَنْ هم أحوج منه. وأشار بإصبعه إلى غرفةٍ بُنِيت من الصفيح (التنك) بعيدة تعود لامرأة عجوز ابنُها مقاتل في الحشد الشعبيّ في الموصل الآن وليس لديهم أب. فقد توفّي أبوه في حربٍ سابقة من حروبنا القوميّة التحرّرية.

فأيّ سموٍّ هذا الذي جسّده هذا الشيخ؟!!! وأيّ معرفةٍ تلك التي يختزنها عقله؟!! وأيّ عارفٍ أنت مولاي؟!!! طوبى لخيمتك التي تحجّ اليها ملائكة الرحمن. وتعساً لمن سرق قوت عيالك وتركك تهيم في طلب الرزق الحلال على مزابل مدن الطارئين.