المرجعية الدينية العليا تؤكّد على المواطنين جميعاً أن يكونوا على حذرٍ من الحملات الإعلامية المغرضة ومراعاة النازحين بالتعامل معهم بالحسنى، وتشدّد على الحكومة أن تطبّق آليات صارمة في اختيار من يُسمح لهم بالالتحاق في القوات المسلحة..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
أكّدت المرجعيةُ الدينيةُ العليا على المواطنين جميعاً بأن يكونوا على حذرٍ ووعي تامٍّ من الأهداف الحقيقية التي تقف خلف هذه الحملة الإعلامية، وأهمّها هو إدخال الخوف والرعب في النفوس وإضعاف معنويات القوات المسلحة العراقية والمتطوعين، كما طالبت العشائر العراقية الأصيلة وبالخصوص في المناطق الغربية من العراق التي تتعرّض منذ أشهر إلى حملة شرسة من عصابات داعش أن تعقد العزم وتتوكّل على الله تعالى وتثق بقدراتها وقدرات الجيش العراقي في هزيمة هذه العصابات.
كما شدّدت على أن تقوم الحكومة بتنظيم عملية التطوّع وتطبيق آليات صارمة في اختيار من يُسمح لهم بالالتحاق في القوات المسلحة والحضور في جبهات القتال، وتقديم الدعم المالي للمتطوّعين الذين لا يملك أكثرهم مصدراً ثابتاً لمعاشه وتوفير ما يحتاجون إليه من السلاح والعتاد، كما أوصت المواطنين بالنازحين خيراً ومراعاة مشاعرهم بالتعامل معهم بالحسنى، وأن لا يصدر من أيّ واحدٍ كلامٌ جارحٌ بحقّ أيّ نازح.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (22ذو الحجة 1435هـ) الموافق لـ(17تشرين الأول 2014م)، والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، وقال فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات نذكر الأمور التالية:
الأمر الأوّل: تستمر معركة العراقيين بمختلف طوائفهم وأعراقهم ضدّ عصابات داعش الإجرامية في مناطق مختلفة في العراق، وفي الفترة الأخيرة كان هناك تقدّم في العديد من الجبهات كما حصل إخفاقٌ في بعضها ولاسيما في محافظة الأنبار، وعقب ذلك لوحظ أنّ بعض وسائل الإعلام أطلقت حملةً حاولت من خلالها الإيحاء للرأي العام العراقي باحتمالية سقوط بعض مدن العراق المهمة بأيدي هذه العصابات وتعرّض العاصمة الحبيبة بغداد للخطر، وهنا نودّ أن نؤكّد على المواطنين جميعاً بأن يكونوا على حذرٍ ووعي تامٍّ من الأهداف الحقيقية التي تقف خلف هذه الحملة الإعلامية، وأهمّها هو إدخال الخوف والرعب في النفوس وإضعاف معنويات القوات المسلحة العراقية والمتطوعين، وتوهين عزيمتهم وإرادتهم على القتال بعد الانتصارات الملموسة التي حقّقوها في عدّة مناطق، إنّ بعض الجهات التي كانت تخطّط لتحقيق أهدافٍ معيّنة من وراء سيطرة المجاميع التكفيرية على بعض مدن العراق قد أصيبت بالمفاجأة والصدمة بعد صدور نداء المرجعية الدينية العليا للمواطنين بالتطوّع للقتال دفاعاً عن العراق ومقدساته، والاستجابة الواسعة منهم لهذا النداء واندفاعهم بعزيمة لا تلين ونيّةٍ خالصة للانخراط في القوات الأمنية العراقية، حيث أثبتوا قدرتهم على صدّ هجمات العصابات التكفيرية وتحرير بعض المناطق وفكّ الحصار عن بعض المناطق الأخرى، إنّنا نؤكّد على أنّ القوات المسلحة العراقية ومن التَحَقَ بهم من المتطوّعين وكذلك أبناء العشائر الكرام في المناطق الغربية من العراق ممّن أخلصوا لبلدهم وشعبهم قادرون بإذن الله تعالى على صدّ هجمات داعش وحماية مدنهم وأراضيهم من شرورها وطغيانها وهناك أمثلة لمدن عراقية لم تكن تملك السلاح والعتاد الكافيين كآمرلي والضلوعية صمدت لأشهر عديدة أمام هؤلاء المدججين بأفضل الأسلحة، بفعل إدارة القتال والصمود والتوكّل على الله تعالى والثقة بالقدرات الوطنية للعراقيين وبنصر الله تعالى لهم.
وإنّنا نهيب بالعشائر العراقية الأصيلة وبالخصوص في المناطق الغربية من العراق التي تتعرّض منذ أشهر إلى حملة شرسة من عصابات داعش أن تعقد العزم وتتوكّل على الله تعالى وتثق بقدراتها وقدرات الجيش العراقي في هزيمة هذه العصابات، إنّ التأريخ أثبت أنّ هذه العشائر كانت ضمانة أساسية لوحدة العراق وحماية شعبه مقدساته، ومن الخطأ أن يتصوّر البعض أنّ الحلّ يكون في الاعتماد بصورةٍ أساسية على الغير لحماية البلد مما يتعرّض له اليوم من المخاطر، وهذا لا يعني عدم استثمار مواقف طيبة لدولٍ شقيقة وصديقة لدعم العراق في محنته الراهنة ولكن لا يكون الاعتماد بالدرجة الأساس إلّا على العراقيين أنفسهم.
أقول هنا يا أبناءنا في القوات المسلحة، يا أبناء عشائرنا في المنطقة الغربية من العراق، حيث تتعرّضون لهذه الهجمات الشرسة، هناك أمثلة لمدنٍ كما ذكرنا كآمرلي والضلوعية كانت محاصرة لعدّة أشهر ولم تكن تملك إلّا القليل من السلاح والعتاد والأرزاق، لكن بفعل الإرادة والعزيمة إرادة القتال والثقة بالله والثقة بالنفس مع قلّة العتاد والسلاح انتصروا، فإنّ الله تعالى نصرهم لأنّهم مع الحق، وهكذا نقول لأبنائنا في القوات المسلّحة والمتطوعين مهما كانت الظروف التي تحيط بكم مع إرادتكم مع عزيمتكم مع صلابة إيمانكم بقضيتكم مع ثقتكم بالله تعالى وثقتكم بأنفسكم ستنتصرون إن شاء الله تعالى، مهما كان لهؤلاء الأعداء من السلاح والعتاد ومهما كان لهم عونٌ من أيّ جهة كانت.
الأمر الثاني: سبق ولمرّاتٍ عديدة أن أكّدنا على أهمية إدامة الزخم الشعبي للمواطنين المتطوّعين والحفاظ على ما أبدوه من روحٍ معنويةٍ عالية واندفاعٍ خالصٍ للدفاع والمشاركة في القتال لدحر أعداء العراق، وهنا نشدّد على الجهات المعنية الحكومية بأمرين:
1- تنظيم عملية التطوّع وتطبيق آليات صارمة في اختيار من يُسمح لهم بالالتحاق في القوات المسلحة والحضور في جبهات القتال، وذلك لاستبعاد القليل من العناصر غير المنضبطة والتي تسيء بتصرفاتها غير المسؤولة إلى سمعة المتطوّعين.
2- تقديم الدعم المالي للمتطوّعين الذين لا يملك أكثرهم مصدراً ثابتاً لمعاشه وتوفير ما يحتاجون إليه من السلاح والعتاد.
إن واجب الحكومة أن تحقّق مستلزمات صمود هؤلاء الأبطال ونصرهم في معركتهم مع الإرهاب ولكن في نفس الوقت نهيب بهؤلاء الأعزّة أن لا يكون ما يعانونه من نقصٍ في الدعم والإسناد مدعاةً للتراجع والإحباط، فإنّ الله تعالى قدّر لعباده أن يبتليهم ويختبرهم في مدى صبرهم وتحمّلهم وصمودهم في مواجهة الأعداء، وهذه سنّة الله تعالى جرت في الأمم الماضية، فعليهم أن يتحلّوا بالصبر والتحمّل والصمود والثقة بأنّ الله تعالى سيؤيّدهم بنصره ويُفرّج عن هذا الشعب قريباً إن شاء الله، وأنّه قد أعدّ لهم من الأجر والثواب ما يتمنّون معه الثبات والصمود مهما طالت المعركة وعظمت مصائبها، ونهيب بالمواطنين الذين منّ الله تعالى عليهم بالقدرة والمُكنة أن يُنفقوا ممّا آتاهم الله تعالى في سبيل حماية العراق ومقدساته من خلال دعم المتطوّعين وفق الضوابط والآليات القانونية، لئلّا يصيب هذا الزخم الشعبي أيّ فتور أو تراجع فيصيب الجميع في الخسارة لا سمَحَ الله تعالى.
الأمر الثالث: أوصيكم إخواني بالنازحين خيراً هؤلاء أبناء بلدنا هؤلاء نزحوا قسراً وتركوا ديارهم وأوطانهم ومدنهم، أوصيكم به خيراً، راعوا مشاعرهم وتعاملوا معهم بالحسنى، لا يصدر من أيّ واحدٍ منكم كلامٌ جارحٌ بحقّ أيّ نازح حتى لو صدر من البعض تصرّفات غير مقبولة، هؤلاء يعانون الشيء الكثير من الصعب جداً هكذا يترك مدينته يترك بيته يترك معاشه ورزقه ويعاني في هذه الغربة، نوصيكم بهم خيراً، الله تعالى سيفرّج عن هذا الشعب ويفرّج عن النازحين ولكن يبقى شيء مهم، ما هو موقفنا في هذه المعركة التي ندافع فيها عن العراق وعن مقدسات العراق وأعراض المواطنين؟ ما هو موقفنا تجاه هؤلاء النازحين، هم إخواننا وأبناء بلدنا؟ لابدّ أن تكون لنا وقفة معهم نعينهم نساعدهم بقدر ما لدى الإنسان من إمكانات مالية أو حتى معنوية، ولو بكلمةٍ طيبةٍ بكلمةٍ تصبّر فيها هذا النازح حتى يفرّج الله تعالى فإنّ هذه الأمور ستنتهي ولكن يبقى للإنسان موقفه وفعله ونصرته، ماذا سيقدّم في هذه الظروف؟ هذا الذي سيبقى ويسجّل لكم، لذلك نوصيكم إخواني وأخواتي كما حصل سابقاً حصلت موجات نزوح ومن ثمّ فرّج الله بعد ذلك وإن شاء الله ستفرج الأمور وتكشف هذه الظروف عن هذا البلد".