المرجعيةُ الدينية العُليا تؤكّد أنّ انتصارات القوات الأمنية والحشد الشعبي أثبتت زيف ادّعاءات البعض بأنّها عصيّةٌ على أبناء العراق..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
أكّدت المرجعيةُ الدينية العُليا أنّ الانتصارات التي حقّقتها القواتُ الأمنية ومقاتلو الحشد الشعبي أثبتت عكس ادّعاءات البعض، والذين كانوا يعتقدون أنّها عصيةٌ على أبناء العراق، كما أوصت مسؤولي المواكب الحسينية والمشاركين في مسيراتها أن تكون شعاراتهم وهتافاتهم وأشعارهم في إطار هذه المناسبة الحزينة.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (6محرم 1436هـ) الموافق لـ(2014/10/31 م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف والتي كانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي.
وجاء فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات أعرض عليكم الأمور الآتية:
الأمر الأوّل: شهدت ساحات المواجهة التي يخوضها مقاتلو الجيش العراقي ومن يساندهم من المتطوّعين ومقاتلو البيشمركة مع المجاميع الإرهابية ملاحم بطولية تُوّجت خلال الأيّام الماضية بانتصاراتٍ ونجاحاتٍ عسكرية مهمة في مناطق مختلفة من البلاد كان يعتقد البعض أنّها عصية على هؤلاء المقاتلين الأبطال، وبهذه المناسبة نودّ بيان ما يلي:
النقطة الأولى: إنّنا إذ نثمّن ونقدّر عالياً هذه النجاحات التي تحقّقت من خلال الإرادة الوطنية الصلبة والمعنويات العالية وحبّ التضحية والصمود والاستبسال والشجاعة التي اتّصف بها المقاتلون، نؤكّد على الجهات المعنية بضرورة الإسراع في توفير الاستعدادات اللازمة ووضع الخطط العسكرية المناسبة والتنسيق بين مختلف صنوف المقاتلين والمتطوّعين لتحرير المزيد من المناطق وتخليص مواطنيها الذين ما زالوا يُعانون من سطوة العصابات الإرهابية، ونثمّن عالياً مواقف الكثير من المقاتلين الجرحى الذين رفضوا الإخلاء من الجبهات بل أصرّوا على مواصلة القتال واستمرار المشاركة في ساحات المواجهة بالرغم من إصاباتهم، وكذلك أولئك المقاتلين الذين يواصلون الحضور في الجبهات لفترةٍ طويلةٍ ويرفضون الإجازة لزيارة عوائلهم والاطمئنان عليها، بل همّهم هو تحقيق النصر والظفر على الأعداء.
النقطة الثانية: لقد أثبتت هذه الانتصارات المهمة أنّ القوات المسلّحة العراقية الباسلة بكلّ صنوفها ومَنْ يساندهم مِن المتطوّعين الغيارى من أبناء العراق كافة، قادرةٌ إن شاء الله تعالى بدرجة أساسية على تخليص العراق وشعبه من العصابات الإرهابية، متى ما توفّرت مقوّمات النجاح من خططٍ عسكريةٍ رصينةٍ ووجودِ ارادةٍ وطنيةٍ خالصةٍ ومعنوياتٍ عالية، والتحلي بروح الاستبسال والصمود بالإضافة الى قيادات ميدانية تحمل همّ الحفاظ على العراق ومقدّساته وشعبه ولا تبحث عن مكاسب شخصية، وهذا لا يعني التخلّي عن دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة بل يكون دورها دور المساند والداعم للقوات المسلحة والمتطوّعين.
النقطة الثالثة: لقد كشفت هذه الانتصارات الرائعة عن مدى زيف ما يقوم به البعض من تضخيمٍ وتهويلٍ إعلامي لقوّة العصابات الإرهابية، يُقصد به إدخال الرعب والخوف في نفوس المقاتلين وإضعاف معنوياتهم وشلّ قدراتهم عن القتال والصمود، إنّ هذه النجاحات العسكرية أثبتت خور وضعف قوى الإرهاب وأنّها عاجزة عن مقابلة العراقيين متى ما وحّدوا صفوفهم وتظافرت جهودهم وأخلصوا النية في حفظ بلدهم، والمطلوب منكم أيّها المقاتلون الأبطال يا أبناءنا في القوات المسلحة أيّها المتطوّعون الغيارى، المطلوب منكم أن تحافظوا على إنجازاتكم وتُمسكوا الأرض التي طُهّرت من دنس الإرهابيّين الغرباء، وتتعاونوا مع أبناء المناطق التي لا زال يُسيطر عليها الإرهابيّون لتطهيرها منهم، ونجدّد الوصية لكم بالحفاظ على أرواح المواطنين الأبرياء وحفظ أموالهم وممتلكاتهم مهما كانت انتماءاتهم المذهبية، فإنّها أمانةٌ في أعناقكم، وأشعروهم بالأمن والاطمئنان وأنّكم تقاتلون من أجل تخليصهم من هذه العصابات، وحذارِ حذارِ أن تُمدّ يدٌ الى شيءٍ من ممتلكاتهم أو تُصيب أحدٌ منهم بسوء، فإنّه حرامٌ حرامٌ فاتّقوا الله، يرحمكم الله.
الأمر الثاني: قامت عصابات "داعش" الإرهابية بإعدام أعدادٍ كبيرة من أبناء بعض العشائر الكريمة في المناطق الغربية من العراق، لاتّخاذهم موقفاً وطنياً شجاعاً برفض الإرهابيّين والدفاع عن مدنهم وأهاليهم وهذا ليس بمُسْتَغرَبٍ عن سلوكيات وممارسات هذا التنظيم البعيد عن قيم الإسلام والإنسانية، وإنّنا إذ نواسي ذوي الضحايا الأعزّاء ونتعاطف معهم، نؤكّد لإخوتنا وأبنائنا وأحبّتنا من أبناء هذه العشائر وغيرهم من العشائر العراقية الأصيلة بأنّ خلاص العراق من الإرهاب الداعشي لا يتمّ إلّا بتظافر جهود جميع أبنائه ومساندة البعض للبعض الآخر، فهلمّوا هلمّوا الى ذلك كما عهدناه منكم من اتّخاذ مواقف وطنية شجاعة كلما تعرّض الوطن للبلاء، ومن المؤكّد أنّ الانتصارات الأخيرة في مناطق جرف الصخر والعظيم وشماليّ تكريت وبيجي وغيرها من المناطق تُعطي الأملَ للجميع بأنّ النصرَ على الإرهابيّين أمرٌ ممكنٌ بل وقريب -إن شاء الله تعالى- مع توفّر مقوّمات النصر من وحدة الصف والإرادة الوطنية الخالصة، لتخليص جميع المناطق التي تعاني من ويلات هذه العصابات، والمطلوب من الحكومة العراقية وبالذات من وزارة الدفاع والداخلية تقديم الدعم والإسناد العاجل لهذه العشائر التي تقاتل الإرهابيّين، وكذلك تحقيق المطالب المشروعة المُقدَّمة من قبلهم، والتي تساهم في قدرتهم على الصمود وثباتهم على مواقفهم وصدّهم لهجمات الإرهابيّين، وتوفّر الفرصة والإرادة لبقيّة العشائر للانضمام الى صفوف المقاتلين ضدّ تنظيم "داعش" الإرهابي، كما أنّ المطلوب منها -من الحكومة العراقية ووزارتي الدفاع والداخلية- الاستجابة السريعة للاستغاثات الكثيرة من أهالي ناحية بلد التي تتعرّض لهجماتٍ مستمرّة من قبل عصابات "داعش"، ويُعاني المقاتلون الأبطال المدافعون عنها من قلّة السلاح والعتاد.
الأمر الثالث: تشهد مختلف المدن ولا سيّما المدن المقدّسة هذه الأيام مسيرات للمواكب الحسينية لإحياء ذكرى عاشوراء الإمام الحسين(عليه السلام)، ونوصي الإخوة مسؤولي هذه المواكب والمشاركين في مسيراتها أن تكون شعاراتهم وهتافاتهم وأشعارهم في إطار هذه المناسبة الحزينة وتُساهم أيضاً هذه الشعارات والهتافات والأشعار في توحيد الصفوف وشحذ الهمم وتعطي زخماً معنوياً لمقاتلينا الأبطال في الجبهات، فإنّ المعارك التي يخوضونها والتضحيات الكبيرة التي يقدّمونها تمثّل تجسيداً حيّاً وامتداداً للمبادئ التي ضحّى من أجلها الإمام الحسين(عليه السلام)، كما نوصي المواطنين عامة وأصحاب مواكب العزاء والمجالس الحسينية بالتعاون التامّ مع الأجهزة الأمنية لتفويت الفرصة على الإرهابيّين من الاعتداء على الزائرين ومواكب العزاء، كما نؤكّد مرّةً أخرى على إدامة إغاثة النازحين ومساعدتهم والتخفيف من معاناتهم مع حفظ كرامتهم، أيّها الإخوة والأخوات هؤلاء النازحون هم أبناء بلدنا، مواطنون مثلنا اضطرّوا للنزوح من مدنهم وديارهم، ولابدّ من حفظ كرامتهم وعدم جرح مشاعرهم، وأن لا نوجّه اليهم أيّ كلامٍ جارح بل علينا أن نحفظ كرامتهم الى أن يأذن الله تعالى لهم بالفرج فيعودوا -إن شاء الله تعالى- الى مدنهم سالمين غانمين، لذلك نؤكّد مرّةً أخرى على إدامة إغاثة النازحين ومساعدتهم والتخفيف من معاناتهم مع حفظ كرامتهم، ونتمنّى من أصحاب الحسينيات التي يسكنها النازحون أن يستمرّوا في تقديم هذه الخدمة لهم، طبعاً مع مراعاة شروط الوقفية، وليعلموا أنّ في خدمتهم لهم أجراً وثواباً عظيماً، ويمكن توفير بدائل أخرى تتحقّق من خلالها خدمة الزائرين أيضاً.
وختاماً أودّ أن أكرّر ما نبّهتُ عليه في الخطبة الأولى، أيّها الإخوة والأخوات الصلاةَ الصلاةَ الصلاةَ، عليكم بالمحافظة على الصلاة وأدائها في أوّل أوقاتها، ونكرّر إذا حصل هناك تزاحم بين أداء الصلاة وإقامة هذه المراسيم عليكم أن تُبادروا بأداء الصلاة في أوّل وقتها، لذلك في يوم العاشر حينما تكون هناك ركضة مليونية "ركضة عزاء طويريج" الجميع أيّها الإخوة والأخوات حينما يؤذّن المؤذّنُ وينادي بهذا النداء العظيم (الله أكبر) فعليكم جميعاً رجالاً نساءً أطفالاً كباراً شيوخاً عليكم أن تتوجّهوا أوّلاً الى أداء الصلاة مع توفير شروطها وإقامتها بخشوعٍ وخضوعٍ لله تعالى ثمّ تتوجّهون بعد ذلك -جزاكم الله خيراً وآجركم الله تعالى الأجر العظيم على هذه المشاركة- تتوجّهون بعد ذلك لأداء مراسيم ركضة عزاء طويريج، نسأل الله تعالى أن يحفظكم ويحفظ جميع المشاركين في هذه المواكب والمراسيم، ونسأله تعالى أن يمنّ على بلدنا وبلدان المسلمين بالأمن والاستقرار والازدهار، إنّه سميعٌ مجيبٌ والحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وعلى آله الطيّبين الطاهرين.