المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا تُبارك الانتصارات التي حقّقها الجيشُ والحشدُ الشعبيّ وتدعو إلى حفظ وحراسة ممتلكات المواطنين في المدن المحرَّرة..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
باركت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا للشعب العراقيّ وقوّاته المسلّحة من الجيش والحشد الشعبي انتصاراته التي تحقّقت في مدينة تكريت، مشدّدةً على ضرورة الثقة بقدرات هذه القوّات ووضع الخطط العسكرية لتحرير باقي المناطق، كما أكّدت على القوّات التي تشارك في عمليات التحرير بأن يهتمّوا اهتماماً بالغاً بحفظ وحراسة ممتلكات المواطنين في المناطق التي يتمّ تحريرُها، كذلك طالبت الحكومة العراقية الاهتمام بالمتطوّعين وصرف رواتبهم المتأخّرة.
جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة يوم الجمعة (13جمادى الآخرة 1436هـ) الموافق لـ(3نيسان 2015م) التي أقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف والتي كانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، حيث بيّن فيها:
أيّها الإخوة والأخوات أودّ أن أبيّن الأمور الآتية:
أضافت قوّاتنا المسلّحة ومن يُساندها من المتطوّعين من أبناء العشائر الأصيلة من محافظة صلاح الدين ولاسيّما أبناء مدينة تكريت، أضافوا جميعاً نصراً مميزاً آخر الى سجلّ الانتصارات العراقية بتحريرهم لهذه المدينة المهمّة من دنس الإرهاب الداعشيّ، وإنّنا إذ نبارك للشعب العراقي وقواته المسلحة ملاحم التضحية والشجاعة والبطولة التي سطّروها في هذه المعركة المتميّزة ونرفع أكفّ الدعاء الى الله العليّ القدير للشهداء الكرام بالرّحمة والرضوان وللجرحى الأعزاء بالشّفاء والعافية، نقول إنّه قد قيل الكثير عمّا قامت به عصابات داعش في هذه المدينة قبل تحريرها من تفخيخ المنازل والمباني والطرقات وحفر الخنادق والتلال الوهمية وغير ذلك، ممّا اعتبرها البعض أنّها خارج حساب الخطط العسكرية العراقية وتؤخّر تقدّم القوّات لتحرير المدينة الى أمدٍ غير قصير، ولكن تبيّن أنّ الخطط العسكرية قد استوعبت كلّ هذه المعوّقات الميدانية معتمدةً بالدرجة الأساس على الإرادة الصلبة والشجاعة الفائقة للمقاتلين الأبطال الذين وثقوا بأنفسهم وبقدراتهم واعتمدوا على الله تبارك وتعالى فحقّقوا هذا الانتصار الرائع، ونقول إنّه ليس من الصعوبة على قوّاتنا المسلحة من الجيش والشرطة الاتحادية والمتطوعين من الحشد الشعبي وأبناء المناطق المتبقية تحت سيطرة داعش أن يحقّقوا انتصاراتٍ مماثلة لما حصل في مدينة تكريت، وينجحوا في تحرير بقية المناطق إذا عقدوا العزم على ذلك ووفّروا مستلزمات المنازلة من كافة الجوانب وفي هذا الصدد نشير الى ما يلي:
أوّلاً: ضرورة التوكّل على الله تعالى والثقة بقدرات مقاتلينا ووضع الخطط العسكرية المناسبة المبنية على مشاركة أبناء العشائر الوطنية الأصيلة والمواطنين الغيارى في هذه المناطق في عمليات التحرير، ولا ينبغي بعد ذلك الاهتمام بما تهوّله بعض الجهات من تضخيم قدرات العدوّ ودفاعاته، فقد أثبتت معارك تحرير تكريت وجرف الصخر وبلد خواء هذه التنظيمات وضعفها أمام إيمان وإصرار العراقيين على تحرير أراضيهم والدفاع عن أعراضهم ومقدّساتهم.
ثانياً: إنّ المعركة مع عصابات داعش يكتنفها العديد من التعقيدات في الساحة الإقليمية والدولية، وتتقاطع بشأنها مصالح أطراف مختلفة، ويحاول البعض توظيف هذه المعركة لتحقيق أجندةٍ خاصة ومصالح سياسية مستقبلية في العراق والمنطقة، وعلى جميع الأطراف العراقية من مختلف الاتّجاهات والتوجهات أن تنظر الى هذه المعركة بعين المصلحة الوطنية العُليا للعراق بعيداً عن أجندة ومصالح الآخرين إلّا بقدر ما يرتبط وينسجم مع مصالح العراقيّين، إنّ القوى السياسية يجب أن تدرك أهمية اجتماعهم على رؤيةٍ موحّدة تحت راية العراق تحقيقاً لمصالح شعبه في الخلاص النهائي من داعش وغير داعش من المآسي التي يعاني منها بلدهم.
ثالثاً: إنّ المطلوب من الحكومة العراقية والقوّات المسلحة ومن يساندها من المتطوعين أن يهتمّوا اهتماماً بالغاً بحفظ وحراسة ممتلكات المواطنين في المناطق التي يتمّ تحريرها ولا يسمحوا لأيٍّ كان بالتعدّي عليها، إنّ هذا الأمر بالإضافة الى كونه واجباً دينياً ووطنياً وأخلاقياً ممّا له دور مهم في ترغيب من لم يقرّروا بعد المشاركة في تحرير مناطقهم أن يقرّروا المشاركة فيه وهذا مكسبٌ مهمّ للجميع.
رابعاً: نؤكّد مرّةً أخرى على ضرورة الاهتمام بالمتطوّعين وصرف رواتب من تأخّرت رواتبهم لعدّة شهور، وأيضاً دعم العشائر الأصيلة ممّن يوثق بمواقفهم الوطنية وغيرتهم على أراضيهم ومدنهم، ودعمهم بكلّ ما يمكن من سلاحٍ وعتادٍ ومؤونةٍ ليشاركوا بفاعلية في عملية تحرير مناطقهم، فإنّ لذلك دوراً أساسياً في تحقيق ما يهدف اليه الجميع من عودة الأمن والاستقرار الى هذه المناطق بعد تخليصها من عصابات داعش.
خامساً: بدأت مجالسُ المحافظات والحكوماتُ المحلّية وبعضُ منظّمات المجتمع المدني بوضع خططٍ للاهتمام بعوائل الشهداء من تخصيص الأراضي وبناء دورٍ سكنيةٍ لهم فجزاهم الله تعالى خيراً، والمأمولُ استكمال ذلك من قبل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية للمحافظات ومجالسها بالإسراع في صرف الرواتب لعوائل الشهداء وتسريع الإجراءات الرسمية لإنجاز معاملاتهم ووضع خططٍ لرعاية أولادهم الرعاية التعليمية والصحية والاجتماعية والنفسية، وتوفير فرص العيش الكريم لهم بوضع قوانين خاصة، لذلك فإنّ هؤلاء الشهداء وفّروا بدمائهم الزكية الحياة الحرّة الكريمة لنا وللأجيال القادمة، فلهم حقوقٌ عظيمةٌ علينا جميعاً وواجبُنا الوفاءُ لهم، كما يلزم العناية التامة بالجرحى فليس من الإنصاف أن يعاني الجريح ولا يجد من يهتمّ بعلاجه لاسيّما إذا كانت تكاليفه باهظة، ولابدّ أيضاً من العناية الخاصة بالجرحى المعاقين الذين أعاقتهم جراحاتهم عن ممارسة الحياة الطبيعية ليشعروا بقيمة تضحياتهم وإيثارهم لبلدهم وشعبهم على أنفسهم.
في الختام أسأل الله تعالى أن يوفّقنا أن نسلك درب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته الأطهار(عليهم السلام) في نصرة الحقّ وفي نصرة الإسلام والدفاع عن وطننا ومقدّساتنا وأعراضنا وأن يتقبّل ذلك منّا بقبولٍ حسن إنّه سميعٌ مجيب، والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.