المرجعيةُ الدينيةُ العُليا تُطالب الحكومةَ العراقية بصرف مستحقّات المقاتلين وتوفير المستلزمات الضرورية لهم ومعالجة مشكلة شحة المياه في الأراضي الزراعية..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
طالبت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا الحكومةَ العراقية الى الإسراع في تنظيم أمور الشهداء والجرحى والحفاظ على حقوقهم، وكذلك الاهتمام بالمقاتلين من خلال توفير مستحقّاتهم المتأخّرة والمستلزمات الضرورية التي يحتاجونها في أرض المعركة، كما دعت الى معالجة شحة المياه التي تعاني منها الأراضي الزراعية وتوفير مصادرها.
جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة يوم الجمعة (20جمادى الآخرة 1436هـ) الموافق لـ(10نيسان 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف والتي كانت بإمامة السيد أحمد الصافي، حيث بيّن فيها:
إخوتي الأعزاء اخواتي الفاضلات.. أعرض على حضراتكم الكريمة أمرين:
الأمر الأول:
إنّ التطوّرات الأمنية الأخيرة الإيجابية لم تكن لتحصل لولا همّة وشجاعة وإخلاص الإخوة الحريصين على البلد من القوّات المسلحة والمتطوّعين والعشائر، الذين بذلوا جهداً كبيراً من أجل استعادة الأراضي المغتصبة التي كانت تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، وهنا لابُدّ من الإشارة الى مسألة مهمة ألا وهي أنّ هؤلاء الإخوة الذين فعلوا ما فعلوا من أجل الحفاظ على العراق -كلّ العراق- وأرخصوا دماءهم الزكية الغالية وزادوا من عدد الشهداء الذين سقوا هذه الأرض بدمائهم الطاهرة، ونحن اليوم نعيش ذكرى الخلاص من الدكتاتورية البغيضة بعد أن أُريقت على مذابح الحرية الدماءُ الكثيرة، وخلّفوا وراءهم عوائل تفخر بهم كما نفخر بهم أيضاً، إنّ هؤلاء جاءت بهم محبّتهم لبلدهم ولمقدّساتهم، وقاتلوا ولا زالوا عن بصيرةٍ ومعرفةٍ ملبّين نداء الدين والوطن ومدافعين عن حياضه لا فرق بين انتماءاتهم ولا بين دمائهم، بل حملوا أرواحهم على أكفّهم وراحوا يتسابقون في ساحات الجهاد، وكم سمعنا من بعضهم أنّ أمنيته أن يُرزق الشهادة وهو في ريعان شبابه تاركاً الدنيا وملذّاتها مودّعا شبابه مستثمراً طاقاته من أجل رفعة هذا البلد، ولا زالت هذه الهمم كما كانت، وعليه فلابدّ أن تتّخذ إجراءات من قبل الدولة للحفاظ على هذا الرصيد البشريّ الكريم والكبير ومن هذه الإجراءات:
1- الإسراع في تنظيم أمور الشهداء والجرحى وتهيئة جميع اللوازم للحفاظ على حقوقهم.
2- الاهتمام بالمقاتلين الموجودين فعلاً في ساحات القتال ومراكز التدريب وتوزيع مستحقّاتهم بصورة منظّمة وكاملة، فإنّ بعضهم رغم صعوبة أوضاعهم لا زالوا يقاتلون ولم يستلموا مستحقّاتهم منذ أكثر من ثمانية أشهر إلا مرّةً أو مرتين، وإنّ أعدادهم ليست بالقليلة، وهذا الموضوع ذكرناه سابقاً لكن لم نلمس إجراءات جدّية بل إنّ بعض الجهات تحاول أن تحوّل المسؤولية عنها الى غيرها والأخرى كذلك والنتيجة أنّ المقاتلين لا زالوا بين الوعود.
3- الاهتمام بالمقاتلين من جهة توفير المستلزمات الضرورية الطبية الميدانية بالتعاون مع الأجهزة المختصّة وإسعاف جرحاهم بصورةٍ سريعة فإنّ بعد المسافة بين الإصابة والعلاج قد يستغرق وقتاً ربّما يؤدّي الى الوفاة -لا سمح الله-.
4- توفير ما تحتاجه المعركة من أسلحة وأعتدة بالمقدار الكافي، مع تأكيدنا على ضرورة تصنيع ما يُمكن تصنيعُهُ وبالاستفادة من الخبراء المحلّيّين في هذا المجال.
الأمر الثاني:
هناك معلوماتٌ تُشير الى شحّة المياه في بعض المناطق الزراعية أو الموجودة فيها الثروة الحيوانية، وسواءً كانت هذه المعلومات دقيقة أم لا، فإنّ الاهتمام بمصادر المياه من الأولويات التي يجب أن تراعى، ولابدّ من وضع سياسةٍ مائية على نحوين:
الأوّل هو الحلّ الآنيّ والمرحليّ، وهذا يستلزم بذل جهودٍ ميدانية كبيرة في مواقع الأزمة.
والثاني هو الحلّ الاستراتيجي والتخطيط المستقبليّ، وخلال السنوات الماضية لم نرَ أيّ مشروعٍ يتناسب مع حجم المشكلة، مع أنّ تشخيص هذه المشكلة ليس غائباً عن أذهان أكثر المسؤولين، نعتقد أنّ وضع سياسةٍ مائيةٍ واضحة وبناء بعض السدود لخزن الماء وقت الحاجة والاستفادة منها أيضاً في توفير مصادر الطاقة أو بناء نواظم تحدّد طريقة الإرواء بعيداً عن الهدر الكبير في الاستخدام العشوائي، نعتقد أنّ ذلك هو الكفيل بإيجاد الحلول الجذرية لهذه المشكلة التي يمكن أن تشكّل خطراً حقيقياً على البلاد -لا سمح الله-.
نسأله تعالى أن يحفظ بلادنا وأن يجنّبنا شرّ الأعادي وأن يرينا الله تعالى في هذ البلد كلّ خير ورفعة، ويرينا في أعدائنا كلّ ذلّةٍ وهوان، وكما قال الله تعالى: (ولا يحيق المكرُ السيّءُ إلّا بأهله) اللهم أركسهم وردّ كيدهم الى نحورهم واحفظ بلدنا وبلاد المسلمين جميعاً من كيد الكائدين، بمحمد وآله الطاهرين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.