المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: إنّ الدعوة للتطوّع في صفوف القوّات الأمنية كانت لغرض حماية العراقيين من مختلف الطوائف والأعراق من الإرهابيين الغرباء، محذّرةً من التسبّب في إراقة قطرة دم إنسانٍ بريء أو التعدّي على شيءٍ من أمواله وممتلكاته..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
دعت المرجعيةُ الدينية العُليا كافة السياسيين وأبناء الشعب العراقي إلى نبذ الفُرْقة والاختلاف في هذه الفترة الصعبة، داعيةً مجلس النواب العراقي إلى عدم تجاوز التوقيتات الدستورية بأزيد ممّا حصل والإسراع في انتخاب الرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة جديدة تحظى بقبولٍ وطنيٍّ واسع، مؤكّدةً على أنّ الدعوة للتطوّع في صفوف القوات العسكرية والأمنية العراقية إنّما كانت لغرض حماية العراقيين من مختلف الطوائف والأعراق وحماية أعراضهم ومقدّساتهم من الإرهابيين الغرباء، محذّرةً من التسبّب في إراقة قطرة دم إنسان بريء أو التعدّي على شيء من أمواله وممتلكاته.
كما طلبت المرجعية الدينية العليا من المسؤولين ومن مختلف الدرجات والأصناف الحضور الميداني في تجمّعات النازحين ومعسكرات المقاتلين لمعايشة الواقع والاطلاع المباشر على احتياجاتهم والسعي لتلبيتها، كما أدانت واستنكرت العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزّة.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (12رمضان 1435هـ) الموافق (11تموز 2014م)، والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف، والتي كانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، حيث جاء فيها:
فيما يتعلّق بالأوضاع الراهنة في العراق هناك عدة أمور نتعرّض لها:
الأمر الأوّل: في الظروف الصعبة والحساسة التي يعيشها العراقيون جميعاً وهم يُواجهون الإرهابيين الغرباء، فإنّ أهمّ ما تمسّ الحاجة إليه هو وحدة الصف ونبذ الفُرْقة والاختلاف، ومن هنا طالما طلبنا من السياسيّين والذين يظهرون في وسائل الإعلام أن يكفّوا عن المواقف الخطابية المتشدّدة والمهاترات الإعلامية التي لا تزيد الوضع إلّا تعقيداً وإرباكاً، ولكن مع الأسف الشديد نجد أنّ البعض لا يزال يُمارس ذلك، وحتّى وصل الأمر الى بعض المواطنين فنسمع منهم أحياناً نماذج مؤسفة من الكلام الطائفي أو العنصري أو نجد ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي وهذا لا يليق بالعراقيين بكلّ تأكيد، إننا جميعاً أبناء شعب واحد، وقَدَرُنا أن يعيش بعضنا مع بعض، فلابدّ من العمل على شدّ أواصر المحبة والأُلفة بيننا وترك كلّ ما يؤدّي الى مزيدٍ من التشنّج والاختلاف بين مكوّنات هذا الشعب العريق.
الأمر الثاني: إنّ التحدّيات والمخاطر الكبيرة الحالية والمستقبلية التي تحدق بالعراق والتي تهدّد السلم الأهلي ووحدة النسيج الاجتماعي للشعب العراقي، وتنذر بواقع مقسّم ومتناحر لعراق المستقبل، تتطلّب وقفة شجاعة وجريئة ووطنية صادقة من الكتل السياسية والقادة السياسيين، تتجاوز فيها البحث عن المصالح الضيقة الشخصية والفئوية والطائفية والقومية، واستغلال هذه الظروف لتحقيق مكاسب سياسية أو مناطقية أو الإصرار على بعض المطالب التي تعقّد الوضع السياسي وتمنع من حلّ الأزمة الراهنة، ترتقي الى مواقف تتجاوز (الأنا) بأيّ عنوان كان لتعبّر عن التضحية والإيثار والغيرة على مصالح هذا البلد وشعبه المهدّد بالتمزّق والتناحر، وذلك يقتضي من مجلس النواب المحترم الى عدم تجاوز التوقيتات الدستورية بأزيد ممّا حصل، والإسراع في انتخاب الرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة جديدة تحظى بقبولٍ وطنيٍّ واسع لتضع الحلول الجذرية لمشاكل البلد وأزماته المتراكمة.
الأمر الثالث: لقد أوضحنا أكثر من مرّة أنّ الدعوة للتطوّع في صفوف القوّات العسكرية والأمنية العراقية إنّما كانت لغرض حماية العراقيين من مختلف الطوائف والأعراق وحماية أعراضهم ومقدّساتهم من الإرهابيّين الغرباء.
ومن هنا نؤكّد على جميع المقاتلين في القوات المسلحة ومن التَحَقَ بهم من المتطوّعين الذين نشيد بشجاعتهم وبسالتهم في الدفاع عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم، نؤكّد عليهم جميعاً ضرورة الالتزام التام والصارم برعاية حقوق المواطنين جميعاً وعدم التجاوز على أيّ مواطن بريء مهما كان انتماؤه المذهبي أو العرقي وأيّاً كان موقفه السياسي، ونذكّر الجميع بما قاله النبيّ المصطفى(صلّى الله عليه وآله) في حجّة الوداع، عندما خاطب الناس بقوله: (ألا وإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا ليبلغ الشاهد الغائب)، وبقوله(صلّى الله عليه وآله): (من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقى الله عزّوجلّ يوم القيامة مكتوباً بين عينيه "آيس من رحمة الله") فالحذرَ الحذرَ من التسبّب في إراقة قطرة دم إنسانٍ بريء أو التعدّي على شيء من أمواله وممتلكاته.
ونؤكّد مرّة أخرى على ضرورة تنظيم عملية التطوّع وإدراج المتطوّعين ضمن القوات العسكرية والأمنية العراقية الرسمية، وعدم السماح بوجود مجموعات مسلّحة خارج الأطر القانونية تحت أيّ صفة وعنوان، وأنّ هذا مسؤولية الحكومة وليس لها أن تتسامح في القيام بها.
الأمر الرابع: يُفترض بالمسؤولين من مختلف الدرجات والأصناف الحضور الميداني في تجمّعات النازحين ومعسكرات المقاتلين لمعايشة الواقع والاطلاع المباشر على احتياجاتهم والسعي لتلبيتها والإسراع في صرف التخصيصات المالية لهم، لاسيّما توفير الأدوية والكوادر الطبية للنازحين ودعم القوّات المسلحة بالمؤن الغذائية والمستلزمات العسكرية الضرورية، وشحذ الهمم ورفع المعنويات لمزيد من الصبر والثبات في مكافحة الإرهابيين الغرباء.
الأمر الخامس: يُواجه الشعب الفلسطيني في غزة عدواناً إسرائيلياً مُتواصلاً منذ عدة أيّام، إنّنا في الوقت الذي نؤكّد فيه إدانتنا للعدوان وتضامننا مع إخوتنا وأخواتنا في فلسطين المحتلّة ندعو بدورنا المجتمع الدولي الى وضع حدٍّ للاعتداءات الإسرائيلية والوقوف الى جانب الفلسطينيين في محنتهم.