الاخبار
قصص أدبية.. الشهيد صادق عزيز
2024/07/27

وجه غيور ودع صباه ولم يأخذ منه تذكاراً إلا بعض خيالات البراءة التي ظلت تعلو ابتسامته الطيبة، هادئ الطباع دمث الخلق، لا يؤذي أحداً، حتى الأرض يخطو عليها برفق عسى أن تستقبله برفق هي الأخرى حين تنسج خيوط الأجل، بطل من مواليد عام 1990م من سكنة كربلاء...

كان يخبئ خلف سكونه بركاناً من القيم والمبادئ، فلم يمهل الحياة حتى تختبره وتثمنه في سوق الرجال، بل سارع هو يعلمها درساً عنوانه الشجاعة والمروءة، فعندما أعلنت المرجعية الدينية فتواها الحكيمة، سارع بتسجيل اسمه في صفوف الملبين، من ثم تسلح بالتدريب وتركت شجاعته بصمة في العديد من المناطق الجهادية، بدءاً من جرف الصخر وآمرلي ومنطقة العلم، إنه الشهيد صداق عزيز...

في إحدى الإجازات التي أمضاها مقرور العين والسريرة برفقة عائلته، سألته والدته أن يتعجل بتحديد موعد زواجه من خطيبته التي طال انتظارها له، فقد عقد القران وتركها ملبياً نداء الواجب، ومع توالي المواجهات وتصاعد موجات الخطر على سوح المعارك، كانت تبدو كالمعلقة، فأحياناً لا يمهله الوقت حتى بالمرور بها لرؤيتها.

أجابها: هذه المرة سينقل الى تكريت، وقد شعر في قرارة نفسه أن فرحة عرسه أصبحت مرهونة بفرحة النصر، لذا طلب منها أن تتكلم مع أهل العروس ليمهلوه حتى تتحرر تكريت، تكلمت والدته لإمهاله مدة من الزمن حتى تتحرر تكريت، وفعلا تم تحريرها وعاد بوسام جراح النصر في إجازة ليريح جسده، إلا لأنه لم يحتمل البقاء بعيداً عن ساحة القتال أكثر، فالجهاد أصبح سجية يحملها في جيناته، عندها عزم الالتحاق، لكن قبلها ذهب الى خطيبته ليودعها ويعاهدها بأنه سيلتحق ليقوم بعملية أخيرة ضد العدو يساند بها أصحابه ويودعهم، عملية أخيرة لا غير وطلب منها أثناء ذلك تجهيز مع والدته بقية لوازم الى حين عودته، فهو لن يتأخر هذه المرة..

ودعها ورحل... مضى مستقبل الباب متلهفاً للرحيل، فخطف بنظره الى الوراء ينظر لخطيبته تقديراً لصبرها معه حرروا تكريت وانتهت الغارات والمواجهات بعد أن رجع الى رفيقه الجريح على طريق العدو الساخن، ليحاول انتزاعه من يد الموت، خمدت نيران الإطلاقات وإذا بالاثنين قد انتقلا إلى رفيقهما الأعلى، استشهدا برصاص الغدر بتهمة الشهامة، قد وفى صادق بوعده كلها فقد كانت هذه مهمته الأخيرة، بعدها عاد إلى خطيبته مكللاً بعرس الشهادة الذي حدده القدر في (16 / 4 / 2015)، وبدل أن يزف الى عروسه المنتظرة زف الى السماء لحياة أخرى أعلى منزلة وأرفع درجة لصبح لها ولعائلته فخراً وعزاًز





المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 58 ص 13