من الذاكرة الانتصارات: حين زأرت الفتوى.. سقطت الخالدية من قبضة داعش
2025/07/09
في واحدة من أبرز المحطات الميدانية لمعركة العراق ضد الإرهاب، وثّقت مؤسسة الوافي للتوثيق والدراسات التابعة للعتبة العباسية المقدسة، تفاصيل معركة تحرير جزيرة الخالدية ضمن موسوعة فتوى الدفاع الكفائي التي صدرت في (80 مجلدًا)، لتكون مرجعًا علميًا وتاريخيًا موثوقًا في الجامعات والمعاهد الأكاديمية، وذاكرة حيّة للأجيال القادمة.
وفي الجزء السابع من الموسوعة، وتحديدًا في الصفحة (282)، جرى توثيق العمليات العسكرية التي خاضتها القوات العراقية المشتركة في جزيرة الخالدية، مسجّلة حضورًا بارزًا لأبناء الفتوى الذين تصدّوا ببسالة لعناصر فلول داعش الإرهابي، وسط تضاريس معقّدة وظروف ميدانية استثنائية.
موقع استراتيجي.. وجبهة مشتعلة
تقع جزيرة الخالدية وسط محافظة الأنبار، وتشكّل عقدة جغرافية بين الرمادي، الفلوجة، هيت، والبغدادي، فيما تطل على ثلاث محافظات محورية: بغداد، صلاح الدين، ونينوى.
كما يمر بمحاذاتها الطريق الدولي السريع الرابط بين العراق وكل من الأردن وسوريا، ما منحها أهمية استراتيجية قصوى، وجعلها هدفًا للعصابات الإرهابية منذ عام 2003 الى 2014.
وشهدت المنطقة في 7 تموز 2014 انهيارًا أمنيًا خطيرًا، بعد أن بسط فلول داعش سيطرته على منطقة البو شهاب، والتي تُعد البوابة الجنوبية لقاعدة الحبانية، وقام بتحويل جزيرة الخالدية إلى مركز قيادة عسكري ومنطلق لتنفيذ العمليات الإجرامية باتجاه الرمادي، الصقلاوية، وباقي مدن الأنبار.
معركة معقدة.. وتكتيك محكم
رغم احتلال الخالدية لأكثر من عامين، فإن تحريرها لم يكن مهمة يسيرة، بل فرضت طبيعتها الجغرافية ومساحتها الواسعة على القيادات الميدانية تأجيل الهجوم المباشر، والتركيز أولًا على استعادة الرمادي والفلوجة، قبل فرض حصار شامل على الخالدية تمهيدًا لانطلاق عملية التحرير الشاملة.
وبحسب ما وثقته موسوعة الفتوى، فقد شاركت في العملية قوات من الجيش العراقي، الشرطة الاتحادية، جهاز مكافحة الإرهاب، الحشد الشعبي أبناء الفتوى المباركة، بإسناد جوي من قيادة طيران الجيش.
وقد واجهت القوات مقاومة شرسة واستخدم عصابات داعش الإرهابية العبوات، الأنفاق، والانتحاريين في محاولة يائسة لعرقلة التقدم.
إلا أن صلابة المقاتلين الذين استجابوا لنداء المرجعية، وإصرارهم على تطهير الأرض، حسم المعركة لصالح القوات العراقية، بعد أشهر من المواجهات التي أدت إلى تدمير البنية العسكرية للتنظيم بالكامل في جزيرة الخالدية.
مرجعية التوثيق.. وذاكرة الأجيال
موسوعة فتوى الدفاع الكفائي، من خلال مؤسسة الوافي، اعتمدت منهجًا علميًا رصينًا في توثيق أحداث المعارك، مستندة إلى مصادر ميدانية موثوقة وشهادات مباشرة من المشاركين، لتضع بين يدي الباحثين والأكاديميين مادة تاريخية أصيلة، توثق لحظة مصيرية في تاريخ العراق الحديث.
واعتبرت المؤسسة أن معركة تحرير جزيرة الخالدية تشكل نموذجًا حيًّا لتكامل القرار الديني والوطني، حيث كانت الفتوى المباركة ركيزة أساسية في استنهاض الطاقات الشعبية والعسكرية لمواجهة خطر وجودي، امتد أثره إلى أبعد من حدود الجغرافيا.
ذاكرة وطن لا تموت
تحرير الخالدية لم يكن مجرّد نصر عسكري، بل كان إعلانًا بأن العراق لن يسمح للإرهاب بالتمدد في مفاصله الحيوية.
واليوم، تمثل هذه المعركة، كما وثّقتها موسوعة الفتوى، شاهدًا حيًّا على تضحيات أبناء الوطن، وعلى الدور الحاسم للمرجعية الدينية العليا في توجيه دفة المواجهة نحو النصر.