الحاجة الى التعاون الدولي في محاربة داعش، صمود مدينة الضلوعية
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
هذا ما جاء في خطبة الجمعة التي القاها الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم ۲۳ ذو القعدة ١٤٣٥هـ الموافق ٢٠١٤/٩/١٩م.
في هذا الوقت الذي يجري فيه حشد جهود دولية لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، نجد من الضروري الإشارة إلى أن تمدد رقعة هذا التنظيم إلى أكثر من دولة وبشاعة جرائمه ووحشيتها وانتهاكاته جميع القيم الإنسانية والدينية، وعدم استثنائه لأي أحد من أعماله المخزية ولاسيما الأقليات الدينية، وإمكانية امتداده إلى دول ومناطق أخرى، وإن كان ذلك يستدعي تظافر ومشاركة جهود دول عديدة لإيقاف مخاطره وانتهاكاته ولكن هناك عدة أمور لابد من ملاحظتها:
1. يتعين على القيادات السياسية في البلد أن يكونوا على مستوى من اليقظة والحذر والوعي لئلا تجعل المساعدة الخارجية لمحاربة (داعش) مدخلاً للمساس باستقلالية القرار السياسي والعسكري للقادة العراقيين، وأن لا يُتَّخَذَ التنسيق والتعاون مع الجهد الدولي في هذا المجال ذريعة لهيمنة القرار الأجنبي على مجريات الأحداث في العراق خصوصاً المجريات العسكرية الميدانية، إن العراق وإن كان بحاجة الى مساعدة الأشقاء والأصدقاء في محاربة ما يواجهه من الإرهاب الأسود إلا أن الحفاظ على سيادته واستقلالية قراره يحظى بأهمية بالغة فلابد من رعاية ذلك في كل الأحوال.
2. إن الحاجة إلى التعاون الدولي لمحاربة (داعش)» لا يعني عدم قدرة أبناء الشعب العراقي وقواته المسلحة على المقابلة مع هذا التنظيم الإرهابي، فقد أثبتت الشهور الماضية بعد صدور نداء المرجعية الدينية العليا بوجوب الدفاع عن العراق ومقدساته، وما أعقبه من الاستجابة الواسعة للمواطنين وما حصل من تقدّم ميداني على الأرض، أنه متى ما توفرت الإرادة الوطنية الخالصة وكانت مبادئ التضحية والدفاع عن الوطن هي الباعث والمحرك للمقاتلين وقادتهم الميدانيين، فإن أبناء هذا البلد قادرون بعون الله تعالى على الوقوف بوجه هذا التنظيم ودحره وإن طالت المعركة بعض الوقت، فلابد من تعزيز معنويات أعزائنا وأبنائنا في الجيش ومن التحق بهم من المتطوعين والتأكيد على أنهم هم الأساس في حماية البلد من شر الإرهابيين وإن أي جهد آخر لا يكون إلا عاملاً مساعداً هم يعجل في نصرهم إن شاء الله تعالى.
٣. إن الجهد العسكري وإن كان مؤثراً في الحد من ظاهرة الإرهاب إلا أنه لوحده ليس كافياً للقضاء عليها بل لابد من معالجة الجذور الأساسية لنشوء هذه الظاهرة واستفحالها في عدة دول مع إمكانية امتدادها إلى دول أخرى حتى المتقدمة في إمكاناتها العسكرية والأمنية، إن الفكر المتطرف الذي يُقصي الآخر أياً كان ولا يقبل بالتعايش السلمي معه بل يُحلّ دمَهُ وعرضه وماله، هذا الفكر المتطرف الذي جرى الترويج له ودعمه عن طريق آلاف المؤسسات والدعاة خلال عقود من الزمن هو العامل الأساس لما ابتليت به المنطقة والعالم من الإرهاب التكفيري، فمن الضروري الاهتمام بمعالجة المناشئ الفكرية والثقافية هذه الظاهرة الخطيرة بالإضافة الى ضرورة قصر يد المتطرفين عما يمتلكونها من وسائل إعلامية عالمية وتجفيف منابع الأموال الطائلة التي تدعم أنشطتهم، إن هذه الأمور تمثل أسباباً مهمة يجب معالجتها حتى يمكن إيقاف هذه الظاهرة وتأثيراتها الخطيرة على دول المنطقة والعالم.
4. زار وفد من عشائر ووجهاء مدينة الضلوعية العتبة الحسينية المقدسة خلال الأسبوع المنصرم، هذه المدينة الصامدة التي ما زالت تقاتل عصابات «داعش» منذ تسعين يوماً وقدمت المئات من الشهداء والجرحى من الرجال والنساء والأطفال، على الرغم من ة قلة إمكاناتها وسلاحها وعتادها، ها هي اليوم تتعرض للقصف من قبل عصابات (داعش) بغاز الكلور والهجمات المستمرة بمختلف الأسلحة، ها هم أهلها يستغيثون وهم إخواننا وأبناء بلدنا - لنصرتهم والوقوف الى جانبهم في محاربة هذه العصابات التكفيرية، فالمطلوب من قواتنا الباسلة وطيران الجيش الإسراع بدعم ونصرة هؤلاء المقاتلين في هذه المدينة الصامدة وفك الحصار عنهم لئلا تُستباح هذه المدينة كما استبيحت مدن أخرى.