المرجعية الدينية العليا: نجاح مجلس النواب في تجاوز محطّتين مهمتين وخلال فترة زمنية مقبولة خطوةٌ مهمة في إطار الحراك السياسي المطلوب، ويجب إكمالها بالخطوة الأهمّ وهي تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة زمنية لا تتجاوز المهلة الدستورية..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
اعتبرت المرجعية الدينية العليا نجاح مجلس النواب في تجاوز محطتين مهمتين باختيار رئيس مجلس النوّاب ورئيس الجمهورالأولىية وخلال فترة زمنية مقبولة خطوةٌ مهمة في إطار الحراك السياسي المطلوب لتجاوز الأزمة الراهنة، وأكّدت على ضرورة إكمال ذلك بالخطوة الأهمّ وهي تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة زمنية لا تتجاوز المهلة الدستورية، كما طالبت زعماء العشائر كافة خصوصاً من الطائفتين الكريمتين السنية والشيعية مسؤولية تفويت الفرصة على الأعداء في إحداث شرخٍ في الوحدة الوطنية للشعب العراقي.
جاء هذا في خطبة صلاة الجمعة الثانية (26رمضان 1435هـ) الموافق لـ(25تموز 2014م) التي أقيمت في الصحن الحسني الشريف، والتي كانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي والتي جاء فيها:
أيّها الإخوة والأخوات هناك أمورٌ نذكرها فيما يأتي:
الأمر الأوّل: إنّ نجاح مجلس النواب في تجاوز محطتين مهمّتين باختيار رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية وخلال فترة زمنية مقبولة يمثّل خطوةً مهمة في إطار الحراك السياسي المطلوب لتجاوز الأزمة الراهنة، ولابُدّ من إكمال ذلك بالخطوة الأهمّ وهي تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة زمنية لا تتجاوز المهلة الدستورية، وهذه الحكومة كما ذكرنا أكثر من مرة يجب أن تحظى بقبولٍ وطنيٍّ واسع حتّى تتمتّع بالقدرة على تجاوز تحدّيات المرحلة الراهنة ومعالجة الأخطاء المتراكمة للفترة السابقة، وتكون متمكّنة من لمّ الصفّ الوطني بأقصى ما يتاح من الفرص في مكافحة الإرهاب ودرء خطر التقسيم والانفصال، إنّ حساسية وخطورة هذه المرحلة من تاريخ العراق تحتّم على الأطراف المعنية التحلّي بروح المسؤولية الوطنية التي تتطلّب استشعار مبدأ التضحية ونكران الذات وعدم التشبّث بالمواقع والمناصب، بل التعامل بواقعية ومرونة مع معطيات الوضع السياسي الداخلي والخارجي وتقديم مصالح البلد والشعب العراقي على بعض المكاسب السياسية الشخصية.
الأمر الثاني: تتعاظم جرائم الإرهابيين في المناطق التي استولوا عليها في محافظة نينوى وغيرها، وكان من آخرها استهداف المواطنين المسيحيين بإجبارهم على ترك مساكنهم ومصادرة جميع ممتلكاتهم حتى أخذوا من النساء مصوغاتهن الذهبية وهنّ بصدد الخروج من مدينة الموصل، وهذا يذكّرنا بما ورد في التاريخ من أنّ الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) أُبْلِغَ بأنّ بعض مَنْ يدّعون الإسلام اعتدوا على امرأة غير مسلمة وأرادوا انتزاع حليّها، فانزعج الإمام أشدّ الانزعاج وقال كلمته المشهورة: (لو أنّ امرأً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً) هذا هو حقيقة الإسلام لا ما يدّعيه ويمارسه المتطرّفون التكفيريّون، إنّنا في الوقت الذي ندين الأعمال اللاإنسانية واللاإسلامية لهذه العصابات التي تدّعي الإسلام وتشوّه صورة الدين الحنيف، نطالب المجتمع الدولي بمساعدة الحكومة العراقية في مكافحة ظاهرة الإرهاب مساعدة حقيقية ومجدية.
الأمر الثالث: إنّ الظروف الحرجة التي يمرّ بها البلد تتطلّب من الجميع أقصى درجات ضبط النفس وعدم الانجرار الى أيّ موقف يؤدّي الى مزيد من الشحن الطائفي والقومي، وبهذه المناسبة نؤكّد مرة أخرى على ضرورة اتّخاذ وزارة الداخلية وسائر الجهات المعنية إجراءات فاعلة لإنهاء بعض الظواهر المستنكرة والمدانة من الاعتداء على بعض المواطنين الأبرياء بدوافع طائفية من قبل بعض المجموعات المسلّحة بصورة غير قانونية، إن مكافحة هذه الظواهر المؤذية جزء أساس من مهامّ الحكومة ولا يجوز التسامح في القيام بها.
الأمر الرابع: إنّ للعشائر العراقية دوراً وطنياً كبيراً خلال السنوات السابقة في الدفاع عن العراق وشعبه ووحدة أراضيه والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي وتعزيز قيم المحبة والتآلف والتماسك الاجتماعي بعيداً عن روح العداء والكراهية والتناحر والانقسام، وبما أنّ العراق مهدّدٌ في الوقت الحاضر ليس فقط بالتقسيم والتجزئة بل بتفتيت نسيجه الاجتماعي على أساسٍ طائفي وديني وقومي، فإنّ هذه المسؤولية تتأكّد أكثر من ذي قبل، وذلك يتطلّب دوراً أكبر للعشائر في لمّ الصفّ الوطني للشعب العراقي ونهوض زعماء العشائر كافة خصوصاً من الطائفتين الكريمتين السنية والشيعية، لتفويت الفرصة على الأعداء في إحداث شرخٍ في الوحدة الوطنية للشعب العراقي والعمل باتجاه الحفاظ على التماسك الاجتماعي ونبذ العنف والتقاتل، وذلك بتحديد مزيدٍ من اللقاءات بين العشائر والتواصل فيما بينها، خصوصاً بين زعمائها وأهل الحكمة والرأي فيها، للوصول الى تعزيز الترابط والتعايش الاجتماعي السلميّ والوقوف كصفٍّ واحدٍ بوجه أعداء العراق من الإرهابيين الغرباء.
الأمر الخامس: إنّنا نؤكّد على الجهات المعنية من دوائر الدولة والمنظمات الدولية والمحلية للاهتمام أكثر بمسألة العناية الطبية للنازحين، حيث خلّفت رحلة النزوح لديهم خصوصاً مع هذه الظروف الصعبة من شدّة الحرّ وعدم توفّر العناية الطبية الى إصابة الكثير من الأطفال وكبار السنّ بحالات مرضية أدّت الى وفاة الكثير منهم، ونطالب أن تأخذ الأمم المتحدة دورها الذي يُناسب الأهداف التي أنشأت من أجلها منظماتها الإنسانية، ونعني بذلك الاعتناء والإسراع بإغاثة النازحين خصوصاً الرعاية الصحية للأطفال والحوامل وكبار السنّ، كما ندعو الجهات الحكومية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالجرائم ضد الإنسانية الى توثيق الاعتداءات والانتهاكات والجرائم التي ترتكبها عناصر الإرهابيين الغرباء ضدّ المواطنين في مختلف المحافظات وتهديم دور العبادة والمراقد الدينية وغير ذلك ممّا يوضح الطبيعة الإجرامية والمنافية للدين والأعراف الإنسانية لهؤلاء المعتدين.
الأمر السادس: إنّ من الضروري تكثيف الجهود وتعزيز القوات المسلّحة للإسراع باتّخاذ الإجراءات الكفيلة بفكّ الحصار عن المناطق المحاصرة كناحية آمرلي التي يستغيث أهلها المحاصرون منذ عدة أسابيع من هجمات الإرهابيين، إذ من الممكن أن تتعرّض نساؤها وأطفالها الى مجازر واعتداءات على الأعراض وموجة نزوح كبيرة، وندعو القوات المسلّحة لدعم العشائر التي تُقاتل الإرهابيين في المناطق التي تشهد هجمات مستمرّة عليها، كما نُطالب بتنظيم الجهد لاستثمار اندفاع المتطوّعين بالاتّجاه الصحيح الذي يحفظ الزخم المعنوي لهؤلاء المتطوّعين في مساندة القوات المسلّحة، والتعامل معهم بما يليق بموقفهم البطولي هذا وتوفير التدريب المطلوب لهم والحذر من زجّهم في المعارك من دون تهيئتهم بالشكل اللازم، لئلّا يقدّموا تضحيات من دون تحقيق ثمرة من ذلك.
الأمر السابع: إنّ استمرار جرائم الكيان الإسرائيلي ضدّ المدنيين في قطاع غزة، وعدم تحرّك المجتمع الدولي والإسلامي والعربي بما يُناسب لوضع حدٍّ لهذه الجرائم يُعدّ تقصيراً واضحاً اتّجاه الشعب الفلسطيني، ولكن المؤسف أنّ هذا الشعب الشقيق يُواجه الاحتلال والاعتداء والظلم بكافة أشكاله منذ عقود من الزمن ولا رادع ولا مانع.