هذا ما جاء في خطبة الجمعة التي القاها الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم ٥ صفر ١٤٣٦هـ الموافق ٢٨ / ١١ / ٢٠١٤م
إن التلاحم الوطني الذي عبّرت عنه صنوف المقاتلين من الجيش وقوات الحشد الشعبي والعشائر وقوات البيشمركة - وهم يمثلون مختلف شرائح ومكوّنات الشعب العراقي- كان وراءه الشعور العالي للجميع بالمسؤولية الوطنية، فوقفوا بأجمعهم صفاً واحداً في القتال حماية لبلدهم العراق وحماية مقدساته وأرواح وأعراض مواطنيه، إنّ تلك الانتصارات لم تكن لتتحقق لولا هؤلاء الأبطال وما اتصفوا به من الإرادة الصلبة والعزيمة الراسخة والشجاعة الفائقة والاستبسال الكامل للدفاع عن شعبهم، وما امتازوا به من إخلاص في نواياهم وحب لبلدهم مما دفعهم الى التضحية بنفوسهم – وهي
أغلى ما عندهم - دون أن يفكروا بمكاسب شخصية من مال أو منصب أو غير ذلك». إن الانتصارات بملاحظة الأسباب المذكورة الموصلة اليها تُعطي دروساً كبيرة للكتل السياسية والأحزاب وقادة البلد الذين يُمسكون بزمام الأمور، فقد آن الأوان لسياسيينا ولكل من يعمل في مؤسسات الدولة من مختلف صنوف الموظفين وغيرهم أن يتعلموا الدروس والعبر من هذه الانتصارات ومن بطولات هؤلاء المقاتلين، ويجعلوهم قدوةً ونبراساً لهم - وهم أمثلة حية مجمدة على أرض الواقع وليست قصصاً تُقرأ وقد سطرت في بطون الكتب فإنّ الخروج من الوضع المأساوي الراهن للبلد وتحقيق طموحات أبنائه في الاستقرار والأمن والازدهار يتطلب تجسيد مواقف هؤلاء الأبطال في ساحات القتال مع الإرهاب الداعشي على مستوى الأداء السياسي والإداري والماتي والاقتصادي والخدمي، فحينما يتوفّر الإخلاص للوطن وصفاء الضمير ونزاهة اليد وحب الخدمة والترفع عن الامتيازات الشخصية والحزبية ويشعر الجميع بأنهم مسؤولون مسؤولية وطنية واحدة أمام بلدهم وشعبهم، فإننا حتماً سننتصر في كل الميادين الخدمية والاقتصادية والإدارية والمالية وغيرها... إننا مسؤولون جميعاً ابتداءً من أعضاء الحكومة ومجلس النواب ثمّ الأحزاب والقوى السياسية والجهات الدينية والإعلامية والثقافية وغيرها.. مسؤولون عن الحفاظ على زخم هذه الانتصارات وذلك بإدامة الدعم المعنوي -خاصةً لهؤلاء المقاتلين جميعاً، سواء كانوا من القوات المسلحة أو المتطوعين أو العشائر أو البيشمركة وتعزيز الدعم اللوجستي لهم بالسلاح والعتاد، وعلى ضرورة الابتعاد عن لغة التعميم في اتهام أصناف من المقاتلين بممارسات غير مقبولة في مناطق القتال، فإنّ تلك الممارسات لا تمثل النهج العام لهم بكل تأكيد، بل أن معظمهم إنّما دفعهم حبهم للوطن ومقدساته للتضحية بأنفسهم وتعريض عوائلهم للمعاناة من دون الطمع في شيء من حطام الدنيا.. ويتمثل الحل الصحيح - قبل أن تتفاقم المشكلة في مزيد من التوجيه والنصح من جهة، واتخاذ الإجراءات المناسبة من قبل الجهات المختصة لمعالجة الخروقات من جهة أخرى، وقد أكدنا سابقاً على الجميع حرمة التعرض لأي مواطن بريء في دمه أو ماله أو عرضه مهما كان انتماؤه الديني أو المذهبي أو المناطقي وعلى ضرورة الحفاظ على أموال المواطنين في المناطق التي يجري فيها القتال وعدم التعرض لها أبداً».