قطرات الإحسان تصنع أنهار العطاء.. فتفيض على النازحين أملاً وحياة
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
هذا ماجاء في خطبة الجمعة التي القاها السيد احمد الصافي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم ۲ ربيع الثاني ١٤٣٦هـ الموافق ٢٠١٥/١/٢٣م.
إن القوات المسلحة الباسلة ومن انضم اليهم من المتطوعين حققوا انتصارات رائعة في مناطق مهمة كانت قد سيطرت عليها عصابات داعش الإرهابية، وكان ذلك بفضل ما تحلوا به من روح معنوية عالية وحب للتضحية في سبيل العراق ومقدساته، مما مكنهم من تجاوز الظروف الميدانية الصعبة في بعض المناطق، وكذلك ما تبقى من المدن والمناطق التي لا تزال تحت سيطرة هذه العصابات، ويُعاني مواطنوها من سلوكياتهم الإجرامية، فإنّ المعوّل الأساسي في استرجاعها هو على تضحيات وبطولات أبناء القوات المسلحة بصورة عامة وأبناء هذه المناطق بالخصوص فإنّهم أولى من غيرهم بهذه المهمة، ويتطلب ذلك توفير الإمكانات اللازمة بإشراف الجهات المعنية لمن يسعى منهم بجد وإخلاص لتحرير مناطقهم من رجس الإرهابيين.
إن مئات الآلاف من المواطنين لا يزالون مهجرين ونازحين من مدنهم وقراهم، ويعانون أشدّ الظروف صعوبة وقساوة، والإمكانات الحكومية -كما يقول المسؤولون- أصبحت محدودة والمساعدات الدولية شحيحة، ومن هنا فإننا في الوقت الذي نقدّر عالياً الجهود الكبيرة والمبذولة في هذا المجال خلال الشهور الماضية، فإنّنا نهيب بالمواطنين الذين تفضّل الله عليهم بالرزق الواسع والإمكانات المالية الجيدة أن يساهموا بصورة أوسع في إغاثة النازحين وتأمين احتياجاتهم، فإن ذلك من أفضل أعمال الخير والبر، ويعبر عن عمق الشعور بالمسؤولية والحس الوطني والغيرة على البلد ومصالحه، ويمثل مستوى يفتخر به من المواطنة وسينعكس إيجابياً على مصالح الناس والبلد وعلى نفس الباذل عاجلاً أو آجلاً. كما أن عموم المواطنين يمكنهم أن يساهموا في ذلك بحسب ما يتاح لهم من الإمكانات وإن كانت محدودة، ولا ينبغي أن يستهينوا به فإنّ القليل المبذول من عدد كبير من المساهمين إذا اجتمع صار كثيراً وعمت بركته خصوصاً إذا كان بنية خالصة الله تعالى، قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَنَا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ .
مقصودنا أيها الإخوة والأخوات هذه الأعداد الكبيرة من النازحين والمهجرين الذين يعانون هذه الظروف الصعبة وتعرفون الوضع المالي للبلد، لو أنّ كلّ مواطن حتى الذي ليس لديه تلك الإمكانات يساهم بخمسة آلاف دينار مثلاً أو أقل، هذه أحيانا قد يستهين بها المواطن يقول خمسة آلاف ماذا ستفعل؟ ماذا ستنفع هذا الإنسان النازح؟ ولكن لو جمعنا الخمسة آلاف من مليون شخص ماذا سيكون المبلغ ؟ خمس مليارات دينار، لاحظوا أيها الإخوة والأخوات وأنا أضرب لكم مثالاً بسيطاً إناء ليس فيه ماء حين تسقط فيه قطرة فقطرة بعد يوم تجد أن هذا الإناء حتى لو كان كبيراً قد امتلأ بالماء ويفي لك بحاجات كثيرة، كذلك هذا التصدّق في أي مجال هذه الإغاثة لهؤلاء النازحين والمهجرين مع هذه الظروف التي يعيشها البلد وفي أي موردِ خير لا تستهينوا بهذا المقدار القليل.