هذا ماجاء في خطبة الجمعة التي القاها السيد احمد الصافي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم ٥ رجب ١٤٣٦هـ الموافق ٢٤ / ٤ / ٢٠١٥م.
إن المشهد الأمني الذي يمرّ به البلد والتحدّيات الكبيرة والجهد الذي بذلته القوات الأمنية والمتطوعون والعشائر الغيورة، يستدعي من الإخوة الساسة أن يستفيدوا من ذلك من أجل تجاوز الأزمة، فإنّ الدماء عندما تمتزج من أجل غاية نبيلة ووطنية وأخلاقية ودينية ويشترك فيها جميع المكوّنات بل وتتهدّد جميع المكونات فهذه الدماء لها حقٌّ على كلّ متصد لخدمة هذا البلد، إذ لا يوجد أثمن ما يُقدم له من الدم، لذا على الإخوة الساسة أن يوحدوا الخطاب والرؤية ويتراصوا في خندق واحد ويتجاوزوا الخلافات البسيطة، ويحاولوا أن ينفتحوا فيما بينهم ويتكاشفوا ويتحاوروا معزّزين ذلك بالثقة المتبادلة بعيداً عن سوء الظنّ والتشكيك بكلّ شيء، فليس من المعقول أن يبقى البلد هكذا بين صراعات سياسية ومشاكل اقتصادية وتنموية وتأخر في أغلب العمليات الإصلاحية، وبقاء التهديدات الأمنية على أبوابنا بل في داخل مدننا ونزوح عشرات الآلاف من العوائل في أكثر من مدينة، ولعلّ أي مراقب لأحداث العراق سيُحمّل المسؤولين السياسيين جميعاً ما يحدث فيه، فرغم كل التأثيرات الخارجية القريبة أو البعيدة أو الداخلية تبقى المسؤولية على عاتق الساسة العراقيين، فهم الذين يمكن أن يشخصوا ما ينفع البلد وما يضره، إننا نرى ضرورة أن يبدأ الإخوة في إيجاد حلول جذرية ونهائية لأغلب المشاكل التي من شأنها أن تعقد المشهد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي لو بقيت معلقة، مع أننا في نفس الوقت ندعو الجميع الى التخلّي عن روح الخصومة والعداء والاستفزاز فيما بينهم، والتحلّي بروح التسامح والمحبة واللين والمرونة، إن مراجعة دقيقةً لجميع المواقف التي مرت بنا وتحليلها ومن أي جهة كانت، أمر لابد منه لتمييز الصحيح عن السقيم، بل مراجعة المواقف الخارجية، وهل كانت تدخلات مضرة بالبلد أو أنها نصائح نافعة أو لا؟ وهل كانت هذه التدخلات تدعم جهةً دون أخرى؟ وما الغاية منها؟ وما الذي جناه البلد جراء ذلك؟ إن السياسي الناجح هو الذي يجمع أبناء شعبه على محبة بلدهم والدفاع عنه، إن السياسي الناجح هو الذي يبذل كل طاقاته من أجل إسعاد شعبه وتحسين المستوى المعيشي لهم، إن السياسي الناجح هو الذي يحافظ على هوية بلده ولا يميز بين أبنائه ويتعامل مع المشاكل بروح المسؤولية والأبوة.
أيها الإخوة الأعزاء إنّنا نؤمن بقدرة المسؤولين على تجاوز الأزمة لمعرفتنا ببلدنا وطاقاتنا، ونؤمن بشجاعة أبناء هذا البلد الذين لهم تاريخ مشرف في الحفاظ على حياضه سواء في الماضي أم الحاضر الذي نعيشه، ونؤمن بكرم أبنائه إزاء المشاكل الإنسانية التي يواجهها البعض، إننا عندما ندعو الناس المساعدة بعضهم البعض في المشاكل التي تحتاج الى دعم كدعم النازحين مثلاً فهو من باب التأكيد، إذ إن كرم أبناء شعبنا مُحرَز والاهتمام ببعضهم أمر مفروغ عنه، وكم هذا الشعب الكريم من وقفات في
الاندفاع العفوي لمساعدة بعضهم مع غض النظر عن خلفيتهم المذهبية أو الدينية أو العرقية أو القومية أمر يستدعي الإكبار والإجلال.