المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: تُطالب الى الإسراع بالتحقيق في مجزرة سبايكر وتدعو ذوي الضحايا الى مزيدٍ من الصبر والحكمة وتؤكّد على الكتل السياسية بتغليب مصلحة البلد على المصلحة الشخصية والحزبية..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
طالبت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا مجلسَ النوّاب العراقي الى الإسراع بالتحقيق في مجزرة سبايكر من خلال الآليات التي يمتلكها أو التي يستعين بها، مع التأكيد على أن تُطوّق هذه الأزمة ولا تتعدّى المقصرين ومرتكبي هذه الجريمة بعد تشخيصهم لينالوا جزاءهم العادل وعدم تأخّر واقع ما حصل، داعيةً الأسر الكريمة لذوي الشهداء لمزيدٍ من الصبر والحكمة، كما أكّدت على الكتل السياسية بتغليب مصلحة البلد على المصلحة الشخصية والحزبية خلال مفاوضاتها في تشكيل الحكومة.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (9ذي القعدة 1435هـ) الموافق لـ(5أيلول 2014م) في الصحن الحسيني الشريف، والتي كانت بإمامة السيد أحمد الصافي، والتي استعرض من خلالها أمرين هما:
الأمر الأوّل: إنّ من المهمات الأساسية لمجلس النوّاب الموقّر هو الرقابة على أداء السلطة التنفيذية ومدى رعايتها للقوانين التي لابدّ من العمل بها، وتشكيل اللجان الدائمة أو المؤقتة بحسب ما تقتضيه الحالة المعروضة أمامه، ولعلّ الأسابيع الماضية شهدت بعض الأحداث الاستثنائية عندما تدهور الوضع الأمني في البلاد، ومن هذه الأحداث هي حادثة معسكر سبايكر التي استُشهد فيها المئات من أبناء بلدنا وبطريقة وحشية وفي ظروف معقّدة، ولا زال قسمٌ منهم لم يُعرَفْ مصيرُه ولعلّ بعضهم لا زال على قيد الحياة، وقد طالب ذوو الضحايا من مجلس النوّاب معرفة ما حصل بالدقّة وأمام الرأي العام، نأمل من المجلس الموقّر وهو في بدايات عمله أن يُوفّق للوصول الى الحقيقة من خلال الآليات التي يمتلكها أو التي يستعين بها، مع التأكيد على أن تطوّق هذه الأزمة ولا تتعدّى المقصّرين ومرتكبي هذه الجريمة بعد تشخيصهم لينالوا جزاءهم العادل، مؤكّدين في نفس الوقت على الإسراع في التحقيق وعدم تأخّر واقع ما حصل، داعين الأسر الكريمة لذوي الشهداء لمزيد من الصبر والحكمة مع شدّة وقساوة ما هم فيه، أعانهم الله تعالى على ذلك ورحم الشهداء الأبرار.
الأمر الثاني: نأمل أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تشكيل حكومة وطنية قوية تتمكّن من إدارة البلاد بطريقةٍ تتلافى فيها المشاكل الحالية والمستقبلية، ومن خلال فريقٍ منسجمٍ كفوءٍ ونزيةٍ وحازم، ونأمل من الكيانات السياسية أن تكون مدركةً لجميع الظروف التي يمرّ بها البلد -الداخلية أو الخارجية-، وأن تترفّع عن إثارة المشاكل الجانبية التي لا تخدم البلاد بل لعلّها تعمّق الخلاف بين أبناء الشعب الواحد الذي نؤكّد على وحدته، هذه الحكومة عليها مسؤوليات مهمّة وكبيرة وكثيرة لابدّ من النهوض بها، ولعلّ من أهمها أن يشعر المواطنون بالحماية في ظلّها -الحماية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية-، ويمكن الاستفادة من التجربة السابقة كثيراً إذا ما أحسنت هذه الحكومة قراءة تلك التجارب وتشخيص الأخطاء فيها بشكلٍ جيد، ومن هذا المنطلق لابدّ أن يتوفّر البرنامج الحكومي على تغذية الروح الوطنية في المسؤول وتعزيزها بشكلٍ عمليٍّ في مفاصل وامتدادات الدولة المختلفة، والاهتمام بتهيئةِ ناشئةٍ تحمل الحسّ الوطني وتجعله هو الجامع بين أفراد الشعب مع غضّ النظر عن أيّ جهة انتماء أخرى طائفية أو فئوية أو عرقية، ممهّدةً بذلك للقضاء على الفساد المالي والإداري المُستشريَيْن بشكلٍ لم يسبق له مثيل، فإنّ تقديم مصلحة البلد على المصلحة الشخصية تحتاج الى جهودٍ تربوية من جهة والى تطبيقات عملية من جهة أخرى، إنّ تناسي هذا المبدأ قد يجرّ الى تجاذبات سياسية ليس من ورائها طائل، بل كلٌّ يريد أن يحقّق مكاسب آنية بلا أن يلاحظ المصلحة الأساسية للبلد التي لابدّ أن تكون هي الراجحة في الأزمات السياسية، إنّ الحكومة مدعوّةٌ لأنْ يكون عملها عملاً صحيحاً ووفق برنامجٍ معدّ، وأن يكون خطابها موحِّداً للصفوف ومقرِّباً لوجهات النظر كلّما تطلّب الأمر ذلك، أرانا الله تعالى حكومةً قويةً وفق ما ذكرنا، ومَنّ الله تعالى على بلدنا بالأمن والأمان والاستقرار، وأخذ الله تعالى بيد الجميع لما يحبّ ويرضى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..