المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: تثمّن الإنجازات الميدانية للقوات الأمنية وتؤكّد على ضرورة المحافظة عليها وتدعو الحكومة للاهتمام بشؤون المتطوّعين واتّباع أساليب مهنية في بناء قوّات الحرس الوطني وحسم مرشّحَيْ الوزارات الأمنية..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
ثمّنت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا الإنجازات الميدانية العسكرية من الجيش العراقي وممّن التحق بهم من المتطوّعين خلال الأشهر الماضية، وأكّدت على المقاتلين الأبطال في جميع المواقع بالمزيد من الاهتمام واليقظة لتوفير الحماية الكافية للمناطق التي يُكلّفون بحمايتها خصوصاً ما تشتمل على أماكن دينية مقدسة فإنّها مستهدفة من قبل الإرهابيّين أكثر من غيرها كمدينة بلد، كما أكّدت على ديمومة زخم التطوّع للحضور في ساحات المنازلة مع الإرهابيّين لما لها من دورٍ مهم في الحفاظ على المكاسب الميدانية التي تحقّقت الى اليوم وتحقيق المزيد منها مستقبلاً -إن شاء الله تعالى-، ولهذا الغرض لابدّ أن تبادر الحكومة الى اتّخاذ الإجراءات الضرورية لتنظيم عملية التطوّع وصرف الرواتب المقرّرة للمتطوّعين كون المهمة المقدّسة التي يؤدّيها إخوتنا وأبناؤنا في الجيش ومن التحق بهم من المتطوّعين هي حماية العراقيّين -كلّ العراقيين- من عصابة داعش الإرهابية، ومن هنا لابدّ أن يكونوا حريصين كلّ الحرص على أن لا يبدر منهم أيّ تصرّف منافٍ لأداء هذه المهمة المقدسة، كما دعت المرجعيةُ الحكومةَ الى اتّباع الأساليب والطرق المهنية في بناء قوات الحرس الوطني والاستفادة من الأخطاء السابقة والعمل على شغل الحقائب الوزارية الأمنية بمن يتحلّى بالكفاءة والنزاهة والحسّ الوطني.
جاء هذا في خطبة صلاة الجمعة الثانية ليوم (8ذو الحجة 1435هـ) الموافق لـ(3تشرين الأول 2014م)، والتي أُقيمت في الصحن الحسيني الشريف بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، والتي بيّن فيها ثلاثة أمور مهمّة:
الأمر الأول:- وفيه أربع نقاط:
النقطة الأولى: في الوقت الذي نثمّن فيه عالياً الإنجازات الميدانية العسكرية من الجيش العراقي ومن التحق بهم من المتطوعين خلال الأشهر الماضية نؤكّد على المقاتلين الأبطال في جميع المواقع المزيد من الاهتمام واليقظة لتوفير الحماية الكافية للمناطق التي يُكلّفون بحمايتها، خصوصاً ما تشتمل على أماكن دينية مقدسة فإنها مستهدفة من قبل الإرهابين أكثر من غيرها كمدينة "بلد" التي تضمّ مرقد السيد محمد بن الإمام علي الهادي(عليه السلام)، لأنّ من الأهداف الخبيثة للإرهابيين هو إثارة الفتنة الطائفية في البلاد باستهداف مقدسات طائفة لإثارة أبنائها ضدّ طائفة أخرى، فلابدّ من مزيدٍ من الحرص واليقظة لعدم تمكينهم من تحقيق ذلك.
النقطة الثانية: كما نودّ أن نؤكّد على أنّ ديمومة زخم التطوع للحضور في ساحات المنازلة مع الإرهابيّين لها دور مهم في الحفاظ على المكاسب الميدانية التي تحقّقت الى اليوم، وتحقيق المزيد منها مستقبلاً -إن شاء الله تعالى-، ولهذا الغرض لابدّ أن تُبادر الحكومة الى اتّخاذ الإجراءات الضرورية لتنظيم عملية التطوّع وصرف الرواتب المقرّرة للمتطوّعين فإنّ ترك هؤلاء الإخوة من دون رواتب لعدة أشهر مع حاجة النسبة الغالبة منهم إليها، ربّما سيدفع قسماً منهم أمام ضغط الحاجة لأسرهم وعوائلهم الى التخلّي عن الحضور في جبهات القتال والعزوف عن ذلك بالرغم من رغبتهم الكبيرة في المشاركة في حماية الوطن من مخاطر الإرهابيّين، كما يتعيّن على الحكومة الاهتمام بتوفير ما يحتاجون اليه من السلاح والعتاد اللازمين للقيام بهذه المهمة فإنّ هناك الكثير من الشكاوى التي تصلنا من هذا الجانب.
النقطة الثالثة: إنّ اعتماد الجماعات الإرهابية لأسلوب محاصرة بعض وحدات القوات المقاتلة وعزلها عن خطوط الإمداد ثم محاولة القضاء عليها، وأيضاً استخدام هذه الجماعات لأسلوب الإشاعات والأخبار الكاذبة في محاولةٍ منها لبثّ الذعر والرعب في قلوب المقاتلين، يتطلّب من الجهات ذات العلاقة أن تطوّر أساليب عملها وتضع آلية مناسبة للتحرّك السريع لفتح خطوط الإمداد للقطعات العسكرية متى أغلق شيء منها، وكذلك لابدّ من أن لا يسمح للإشاعات والأخبار الكاذبة أن تنال من عزائم المقاتلين بل يتمّ تعزيز معنوياتهم وشحذ هممهم بالأساليب المناسبة لذلك، ومن أهمّها تواصل القادة العسكريين معهم ميدانياً وحثّهم على الصبر والصمود والتوكّل على الله تعالى وتذكيرهم بنتائج ذلك من المدن التي قاتلت لعدة أشهر على الرغم من قلّة سلاحها وعتادها ومؤونتها كمدينة آمرلي وغيرها.
النقطة الرابعة: وهنا لابدّ أن نؤكّد مرّة أخرى على ما نبّهنا عليه مراراً من أنّ المهمة المقدسة التي يؤدّيها إخوتنا وأبناؤنا في الجيش ومن التحق بهم من المتطوّعين هي حماية العراقيّين -كلّ العراقيين- من عصابة داعش الإرهابية، ومن هنا لابدّ أن يكونوا حريصين كلّ الحرص على أن لا يبدر منهم أيّ تصرّف منافٍ لأداء هذه المهمة المقدسة، كالاعتداء -لا سمح الله- على أيّ مواطنٍ مسالمٍ في نفسه أو عرضه أو ماله مهما كان انتماؤه المذهبي أو توجّهه السياسي.
أما الأمر الثاني الذي بيّنته المرجعية، فهو يشتمل على خمس نقاط:-
يتداول الحديث في هذه الأيام عن وضع آلية لتشكيل الحرس الوطني وهنا نودّ التنويه لما يلي:
النقطة الأولى: ضرورة الاستفادة من تجارب وآليات بناء الأجهزة الأمنية سابقاً ودراسة الأسباب التي أدّت الى إخفاقها في أداء مهامّها وتفادي تكرار الأخطاء الماضية التي أدّت الى عدم تمكّنها من تنفيذ المهام الموكلة لها بصورة فاعلة وصحيحة.
النقطة الثانية: الحذر من اعتماد آلية تضفي طابعاً طائفياً أو قومياً على بناء الحرس الوطني بحيث يتولّد شعور لدى المنتسب لهذه القوة بأنّه يُدافع عن طائفة أو قومية معيّنة وليس عن جميع أبناء المنطقة التي يُكلّف بحمايتها بغضّ النظر عن انتماءاتهم الطائفية والقومية.
النقطة الثالثة: اعتماد معايير الكفاءة المهنية والنزاهة والحسّ الوطني ونقاء السيرة في الماضي والحاضر لاختيار العناصر التي ستُمسك بزمام الأمور والقيادة لهذا التفكير الجديد.
النقطة الرابعة: وضع آليات مالية وإدارية حازمة وشفافة تسدّ الثغرات على المفسدين للنفوذ من خلالها لنهب أو هدر المال العام لهذه المؤسسة العسكرية.
النقطة الخامسة: إعطاء الاهتمام الكبير بالبناء المعنوي وترسيخ الشعور بالانتماء الوطني للعناصر التي سيتمّ انضمامها الى هذه المؤسسة لكي يكونوا رجالاً يملكون مواصفات الشجاعة والاندفاع والاستبسال في القتال دفاعاً عن بلدهم وشعبهم، فإنّ أحد أهم أسباب النكسة التي حصلت مؤخراً هو فقدان هذا الجانب في العديد من العناصر المنخرطة في القوات الأمنية ويتأكّد أهمية هذا الجانب لدى القادة والأمراء للوحدات التي يتشكّل منها الحرس الجديد، فإنّهم القدوة والمثل الأعلى لبقية المنتسبين بطبيعة الحال.
الأمر الثالث:-
إنّ حسم الوزارتين الأمنيّتين (الدفاع والداخلية) وتعيين وزيرين لهما يتّصفان بالكفاءة العالية والنزاهة التامة أمرٌ يحضى بدرجة كبيرة من الأهمية في الظروف الراهنة، والمأمول من السيد رئيس الوزراء والكتل السياسية المعنية أن يجعلوا مصلحة العراق فوق أيّ اعتبار آخر في حسم هذا الموضوع، الذي نأمل أن يتمّ بعد العيد من غير تأخير، ولا يبقى هذان الموقعان المهمان شاغرين لمدةٍ طويلةٍ كما حصل في الحكومة السابقة، كما نأمل أن يتبوّأ كلّاً منهما من يكون جديراً بهما من حيث المواصفات فإنّه لا يجوز التهاون في هذا الجانب والقبول بمن هو دون المواصفات لاعتباراتٍ سياسية أو مصالح حزبية أو فئوية أو مناطقية.