المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: لابُدّ من التوحّد ونبذ الخلافات السياسية التي أضرّت البلدَ وأدّت الى تأخّره في شتى المجالات..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
طالبت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا بضرورة التوحّد ونبذ الخلافات السياسية التي أضرّت البلد وأدّت الى تأخّره في شتى المجالات، ولاسيّما المجال العسكري والذي أدّى الى دخول الإرهابيّين الى العراق والسيطرة على مناطق معينة منه، كما أكّدت في الوقت ذاته على ضرورة أن يتسلّم المواقع العسكرية المختلفة مَنْ يكون وطنيّاً مخلصاً حازماً شجاعاً لا يتأثّر في أداء واجبه بالمؤثّرات الشخصية أو المادية.
جاء هذا خلال خطبة صلاة الجمعة الثانية (13محرم 1436هـ) الموافق لـ(7تشرين الثاني 2014م) التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف، والتي كانت بإمامة السيد أحمد الصافي والتي بيّن فيها:
"إنّ الانتصارات التي تحقّقت في بعض المناطق من قبل الجيش العراقي والإخوة المتطوعين لهي انتصاراتٌ كان ينتظرها الشعبُ العراقيّ الكريم، مؤمِّلاً بأبنائه البررة أن يكونوا دائماً في مواقع الانتصار، يدفعون عن العراق والعراقيّين خطر الإرهاب والإرهابيّين، وهنا نودّ أن ننبّه الى أمرين أعرضهما بخدمتكم:
الأمر الأوّل: إنّ التجربة السابقة خلال السنوات الماضية قد أثبتت أنّ الاختلافات السياسية بالشكل الذي كان فيه الاختلاف قد أضرّت البلد كثيراً وأخّرته، ولم يتقدّم في مجالاتٍ شتى ومن جملتها المجال العسكري والأمني، إذ أنّ التجاذبات القائمة بين الفرقاء السياسيين قد أثّرت في طبيعة القرارات التي اتُّخِذَت ولم تُراعَ مصلحةُ البلد في بعضها، وقد انعكس ذلك سلباً عليها ولعلّ أخطرها هو تمكّن الإرهابيّين من الدخول الى العراق والسيطرة على مناطق معينة، وهذا يعني أنّ هناك مسؤولية جسيمة وعظيمة تقع على عاتق السياسيّين في فهم المرحلة الحرجة التي يمرّ بها العراق وفي مراعاة مصلحة البلد وعدم إيصال الخلاف الى حالة الاحتراب أو التضحية بتراب العراق أو بوحدته، ومن هنا فإنّ الخلافات السياسية لها الأثر الكبير في عدم استقرار الوضع الأمنيّ فكلّما توسّع الخلاف بطريقةٍ فئويةٍ أو حزبية أو مناطقية أو طائفية فإنّ ذلك يؤثّر سلباً على الأمن في البلد، بل ربّما يؤثّر على الاحتقان بين القواعد الشعبية لكلّ فريق، والنتيجة ستكون ليست لصالح أيّ فريق منهم بل سيكون العراق هو كبش الفداء -لا سمح الله-، وهذا ما لا يرضى به أيّ عراقي غيور على وطنه وحريص على وحدته وعلى الأُلفة بين أبنائه، داعين الإخوة الساسة الى مراجعة شاملة لكثير من المواقف التي كانت لها أبعاد سلبية على البلد.
الأمر الثاني: إنّ بعض المفاصل العسكرية والأمنية لم تُبنَ بطريقةٍ مهنية وعلمية خلال الفترة السابقة، بسبب الخلافات السياسية من جهة والقصور أو التقصير من جهةٍ أخرى، وقد تكون هناك أسباب أخرى تتعدّى الحالات المذكورة ومن أهمّ تلك الأسباب هو تفشّي الفساد المالي والإداري في بعض مفاصل هذه المؤسسة، ممّا فتح وفسح مجالاً واسعاً لإضعافها على أهمّيتها، بل لعلّها المؤسسة الأهمّ بالرغم من الموارد المالية الهائلة التي أُنفقت عليها ولا زالت، فمن الواضح أنّ القوات العسكرية والأمنية هي المسؤولة بشكلٍ مباشرٍ عن حماية البلد من أيّ خطرٍ خارجيّ أو داخليّ يمسّ أمن المواطنين، وهي المسؤولة عن الحفاظ على مؤسّسات الدولة الأخرى من أن يعبث بها العابثون بعيداً عن أيّ تأثيرٍ سياسي عليها، فكيف إذا كانت هذه المؤسسة غير بعيدة عن الفساد، وما الذي سيحصل؟ نعتقد أنّ ما حصل من تدهورٍ أمني قبل أشهر هو الكفيل بالإجابة عن ذلك.
إنّ الموضوعية تقتضي أن يتسنّم المواقع العسكرية المختلفة مَنْ يكون مهنيّاً وطنيّاً مخلصاً حازماً شجاعاً لا يتأثّر في أداء واجبه بالمؤثّرات الشخصية أو المادية، إنّنا في الوقت الذي نشدّ على أيادي أبنائنا المخلصين -وهم كُثُر- في القوّات المسلحة نتمنّى أن تُعالَج بعضُ المشاكل التي تُضعِف هذه المؤسسة، والقضاء على كلّ مظاهر الفساد وإن صغرت فإنّ صغير الفساد كبير، وما الانتصارات الأخيرة إلّا شاهدٌ على إمكانية هذه القوات البطلة أن تكون بمستوى المسؤولية في دحر الإرهاب والإرهابيّين، مصرّةً على النصر النهائي بعون الله تعالى، واثقةً بنفسها مطمئنةً لهدفها معتقدةً بمشروعية ما تقوم به، وهو الدفاع عن العراق -كلّ العراق-، أخذ الله تعالى بأيدي أبنائنا في القوات المسلحة والإخوة الأعزاء من المتطوعين أخذ الله بأيديهم لنصرة هذا البلد والى مزيدٍ -إن شاء الله تعالى- من الانتصارات، حتى تكسر شوكة الحقد والحاقدين والإرهاب والإرهابيّين، أرانا الله تعالى في هذا البلد كلّ خير وجعل هذا البلد وبلاد المسلمين في مأمنٍ إن شاء الله تعالى.