المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: نشكر جميع الذين ساهموا في إحياء زيارة الأربعين وإنجاحها من الزائرين الكرام وأصحاب مواكب العزاء والخدمة والأجهزة الأمنية والفرق الطبية والخدمية والإدارات المحلّية في مختلف المحافظات..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
شكرت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا جميع الذين ساهموا في إحياء زيارة الأربعين وإنجاحها من الزائرين الكرام وأصحاب مواكب العزاء والخدمة والأجهزة الأمنية والفرق الطبية والخدمية والإدارات المحلية في مختلف المحافظات، كما طالبت القوات المقاتلة بعدم الاطمئنان والركون إلى الانتصارات المتحقّقة بحيث يتولّد من ذلك حالة من التراخي والشعور بالأمان، بل لابدّ من استمرار اليقظة والحذر، وثمّنت الجهود المبذولة لمحاربة الفساد ومن ذلك كشف العناصر الوهمية في بعض المؤسسات الأمنية والتي تسبّب الغضُّ عنها في السنوات الماضية بخسائر كبيرة في أموال الدولة.
جاء هذا في خطبة الجمعة الثانية (19صفر 1436هـ) الموافق لـ(12كانون الأول 2014م) والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي وقد جاء فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات.. أودّ أن أبيّن لكم الأمور الآتية:
ها نحن في اليوم قبل الأخير الذي يصادف زيارة الأربعين، حيث ما تزال الحشود المليونية تزحف بمحبّةٍ وولهٍ كبيرين منذ عشرة أيام تجاه مرقد سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين(عليه السلام)، وبهذه المناسبة نودّ بيان ما يلي:
الأمر الأوّل: نتوجّه بالشكر والتقدير العاليين لجميع الذين ساهموا في إحياء زيارة الأربعين وإنجاحها من الزائرين الكرام وأصحاب مواكب العزاء والخدمة والأجهزة الأمنية والفرق الطبية والخدمية والإدارات المحلّية في مختلف المحافظات ولاسيّما محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، والعاملين في المنافذ الحدودية والمطارات ومنتسبي العتبات المقدّسة العلوية والحسينية والعباسية والكاظمية على ما قدّموه من جهودٍ طيبة وخدمات كبيرة وتسهيلات واضحة، سائلين المولى عزّوجلّ أن يتقبّل من الزائرين الكرام ومن كلّ مَنْ كان له دورٌ في إنجاح هذه الزيارة العظيمة، ونوصي جميع الإخوة والأخوات بما يأتي:
1- الاستفادة القصوى من هذه المسيرة الإلهية المقدسة وتحقيق الهدف الإصلاحي منها من الجانبين الروحي والعملي، اقتداءً بالإمام الحسين(عليه السلام) الذي كانت نهضته المقدّسة ابتداءً من خروجه من المدينة المنورة إلى آخر ما جرى له ولأهل بيته وأصحابه الميامين في يوم الطفّ، في سبيل رضا الله تعالى وإصلاح حال الأمة، لقد كان حضور أهل العلم من فضلاء وطلبة الحوزة العلمية الشريفة في النجف الأشرف في طرق الوصول إلى كربلاء المقدسة خلال الأيام العشرة الماضية فرصةً طيبةً للزائرين الكرام للاستفادة منهم في ما يحتاجون اليه من أمور دينهم، مع ما تحقّق من إقامة الجماعة لأداء الفرائض اليومية في أوّل وقتها في أماكن مواكب العزاء وعلى امتداد طرق السير للزائرين، فشكر اللهُ سعيَهم وأجزلَ لهم المثوبة.
2- إنّ مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تختصّ بطلبة العلم ورجال الدين كما يتوهّم البعض، بل هي مهمة جميع المؤمنين والمؤمنات، ومن ذلك نُصْحُ الشباب خاصةً والزائرين عامةً من الرجال والنساء بالالتزام بآداب الزيارة ورعاية حرمات الطريق والابتعاد عمّا يؤذي الآخرين، والالتزام بالعفّة والحجاب والتجنّب عن الإسراف والتبذير في الطعام وغير ذلك.
3- مع تزايد أعداد الزائرين إلى كربلاء المقدسة هذا العام -خاصّةً من خارج العراق-، حيث ذكرت بعض الأجهزة الأمنية أنّ عدد الوافدين من الخارج بلغ قرابة (2) مليون زائر بعد أن كان قبل سنة (790) ألف زائر فقط.
فالمطلوبُ من أجهزة الدولة المعنية العمل -من الآن- لوضع خططٍ شاملةٍ تعتمد المعايير العلمية -بعيداً عن الفوضوية والارتجال- لاستيعاب الزيادة المطّردة في أعداد الزائرين خصوصاً من خارج العراق وتوفير الخدمات المناسبة لهم ابتداءً من المنافذ الحدودية وإلى كربلاء المقدّسة، مع توجيه الاهتمام أكثر من ذي قبل إلى داخل المدينة المقدسة، حيث لم تعد تستوعب بإمكاناتها الحالية هذه الأعداد الهائلة من الزائرين.
4- إنّ المأمول من أصحاب مواكب العزاء الحسينية -جزاهم الله تعالى خيراً- المساعدة في توفير الأجواء المناسبة للذين يؤدّون مراسيم الزيارة داخل العتبتين المقدستين وكذلك في مراحل سيرهم إلى المرقدين الشريفين، فإنّ الزائر بحاجة إلى الأجواء الهادئة التي توفّر له الخشوع وحضور القلب والتفاعل مع المضامين العبادية للزيارة والصلاة والدعاء خصوصاً داخل المرقد الشريف، ولذلك ينبغي التجنّب عن استخدام بعض الآلات التي تنبعث منها أصوات عالية جداً تسلب الزائرين -كما اشتكى الكثير منهم- القدرة على أداء مراسيم الزيارة وفق ما أوصى به أئمة أهل البيت(عليهم السلام) وهي أمورٌ عبادية تمثّل أحد المقاصد الأساسية لكلّ زائرٍ قَطَعَ هذه المسافات الطويلة.
الأمر الثاني: لقد تحقّقت للقوات المسلحة ومن التحق بهم من المتطوّعين انتصاراتٌ مهمة في بعض المناطق خلال المدة الماضية، إلّا أنّ عصابات داعش -كما تعلمون- لا تزال تُسيطر على مناطق كبيرة وتهدّد بعض المناطق المهمّة ومنها مدنٌ تقع فيها مراقد مقدّسة كسامراء وبلد، ومن هنا فإنّ المطلوب من القوات المقاتلة عدم الاطمئنان والركون إلى الانتصارات المتحقّقة بحيث تتولّد من ذلك حالةٌ من التراخي والشعور بالأمان، بل لابدّ من استمرار اليقظة والحذر في مواجهة هذه العصابات الإرهابية، كما أنّ المطلوب من الجهات الحكومية المعنية أن تضع خططاً مدروسةً لاستعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرة داعش، ودفع الخطر عن المناطق التي تهدّدها بما يحقّق الأمن لهذه المناطق وتوفّر الطمأنينة لأهاليها، بعيداً عمّا يتسبّب في التوتّر والشحن الطائفي، إنّ تخليص المناطق التي ترزح تحت جور داعش ودفع الخطر عن المناطق التي تهدّدها يجب أن يتمّ بأسلوبٍ يحقّق الهدف المنشود وهو تحقيق الاستقرار لجميع المناطق والأمن والطمأنينة لجميع العراقيّين على اختلاف مذاهبهم وقومياتهم.
الأمر الثالث: في الوقت الذي نثمِّن فيه الجهود المبذولة لمحاربة الفساد ومن ذلك كشف العناصر الوهمية في بعض المؤسسات الأمنية، والتي تسبّب الغضُّ عنها في السنوات الماضية بخسائر كبيرة في أموال الدولة إضافة إلى تداعياتها الأمنية الكارثية، فإنّنا نؤكّد على ما يأتي:
1- استمرار ودعم الجهود الرامية لكشف المزيد من هذه العناصر الوهمية أو شبه الوهمية في جميع مؤسّسات الدولة، فإنّ وجود هذه العناصر بالإضافة إلى ما يُكلّف الدولة من موارد مالية كبيرة يمكن أن تُصرف لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين يتسبّب في تداعيات خطيرة أمنية واقتصادية وأخلاقية.
2- ينبغي للجميع اعتماد أسلوب التثبّت والتحقّق المهني في كشف خفايا هذا الملفّ الشائك، ونتمنّى على وسائل الإعلام الرصينة عدم الاعتماد في هذا الصدد على أرقام تنشرها جهات غير رسمية لم تثبت مصداقيّتها، إذ لا ينبغي الانسياق وراء بعض الجهات المغرضة التي تهدف إلى استغلال ملفّ العناصر الوهمية وما يسمى بـ(الفضائيين) لتشويه صورة الجيش العراقي البطل الذي قدّم الكثير الكثير من الضحايا في سبيل عزّ العراق وحماية أرضه وشعبه، وتهدف تلك الجهات أيضاً إلى تحطيم نفسية المواطن العراقي وإيقاعه في المزيد من الشعور بالإحباط النفسي واليأس من إصلاح الوضع القائم حالياً.
كما أنّنا نوصي المواطنين جميعاً أن يكونوا حذرين من التعاطي مع بعض ما يُنشر في هذا المجال غير ما تصدره الجهاتُ الرسميةُ المخوّلة، وليحافظوا -في نفس الوقت- على ثقتهم بأنّ هناك عناصر مخلصة تعمل لإصلاح الأمور، والأمل كبيرٌ في قدرة الخيّرين من العراقيّين على إنجاز ذلك والانتقال إلى وضعٍ أفضل.