المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا: يجب أن تتكاتف جميعُ شعوب ودول المنطقة بل العالم أجمع في سبيل محاربة تنظيم داعش الإرهابي والإسراع في القضاء عليه..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
أكّدت المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا بأنّ تنظيم داعش الإرهابي بأفعاله الوحشية التي يرتكبها يوضّح مدى بُعْدِه عن القيم الإسلامية والإنسانية، مشدّدةً مرة أخرى على ضرورة تكاتف الجميع من شعوب ودول المنطقة بل العالم أجمع في سبيل محاربة هذا التنظيم الإرهابي والإسراع في القضاء عليه.
كما طالبت الكتل السياسية اعتماد التفاهم والحوار لحلّ الخلافات الحاصلة بينها فيما يتعلّق ببعض القوانين المهمّة وتعديلاتها، كما أكّدت على أنّ حلّ النزاعات العشائرية بالقوّة والسلاح هو أمرٌ يعبّر عن ضعف الوعي الأخلاقي والديني.
جاء هذا خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة (16ربيع الثاني 1436هـ) الموافق لـ(6شباط 2015م) والتي أقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف وكانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، وجاء فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات أودّ أن أبيّن الأمور التالية:
الأمر الأوّل: يوماً بعد يوم ينكشف للعالم جانبٌ آخر من وحشية تنظيم داعش الإرهابيّ ومدى بُعْدِهِ عن القيم الإسلامية والإنسانية، وما قام به مؤخّراً من حرق الطيار الأردنيّ حيّاً آخر الدلائل على أنّ عناصر هذا التنظيم لا يتورّعون عن ارتكاب أيّة جريمة في سبيل إدخال الرعب في قلوب الناس، إنّ هذه الممارسات الوحشية تؤكّد مرّةً أخرى على ضرورة تكاتف الجميع من شعوب ودول المنطقة بل العالم أجمع في سبيل محاربة هذا التنظيم الإرهابي والإسراع في القضاء عليه، ومن هنا يبرز الدور المهمّ الذي يقومُ به أبطالُ القوات المسلحة العراقية ومَن التحَقَ بهم من المتطوّعين وقوّات البيشمركة في جبهات القتال في مختلف المحافظات، وقد تحقّقت لهم أخيراً بفضل الله تعالى انتصاراتٌ مهمّة في محافظة ديالى أدّت الى تطهيرها من دنس الإرهابيّين، وإنّنا إذ نجدّد الشكر والتقدير لكلّ الأبطال الذين ساهموا في تحقيق هذه الانتصارات فإنّنا نؤكّد مرّةً أخرى على الحكومة العراقية أن تولي اهتماماً أكبر بالمقاتلين في الجبهات كافة، وأن تسعى في توفير احتياجاتهم من السلاح والتجهيزات والمعدّات العسكرية، مضافاً الى صرف رواتب المتطوّعين الذين يشكو عددٌ كبيرٌ منهم من عدم صرف مستحقّاتهم لعدة أشهر، وفي الوقت نفسه فإنّه لابُدّ من اتّخاذ إجراءاتٍ رادعة للقضاء على ظاهرة المقاتلين الوهميّين، أي الذين لا يتواجدون في مواقع القتال من القوات الأمنية أو غيرهم ولكنّهم مسجَّلون في قوائم الرواتب الشهرية، فتُصرف لذلك مبالغ كبيرة تذهب الى جيوب الفاسدين، إضافةً الى ما يستتبعه من إنهاك القوّات المتواجدة فعلاً وتحميلها أكثر من طاقتها العسكرية القتالية، والذي يؤدّي الى خسائر عسكرية ميدانية، تبقى الإشارةُ الى أنّ الكثير من العوائل النازحة من مدنها وقراها في محافظة ديالى والتي حُرّرت من عصابات داعش تُطالب بالعودة الى منازلها، والمأمول من القوّات الأمنية والجهات الحكومية المعنيّة توفير الأوضاع المناسبة لإعادتهم الى مناطقهم مع التأكيد على اتّخاذ الإجراءات الأمنية التي تضمن عدم عودة المجرمين من عصابات داعش الى تلك المناطق مرّةً أخرى.
الأمر الثاني: إنّ إقرار الموازنة من قِبَل مجلس النواب نهاية الشهر الأوّل من السنة بتوافق الكتل السياسية عليها كان خطوةً جيدةً، والمأمول أن يكون ذلك منطَلَقاً لإقرار قوانين أخرى مهمّة بقيت معطّلة لسنوات عدّة، فينبغي أن تستثمر لهذا الغرض فرصةُ تحقّق انفراجٍ سياسيٍّ نسبيّ بين الكتل الكبيرة في مجلس النواب، والذي ندعو الى المحافظة عليه وإدامته هو اعتمادُ التفاهم والحوار لحلّ الخلافات الحاصلة بين بعض الكتل وبعضها الآخر، فيما يتعلّق ببعض القوانين المهمة وتعديلاتها على أن تكون المصلحة الوطنية العُليا دون المصالح الخاصة هي المعيار في القبول أو الرفض لأي مشاريع قانونية تُطرح للمناقشة، كما ندعو الحكومة الى العناية بالطبقات المحرومة والعاجزة، حيث يُلاحظ أنّ الرواتب المخصّصة لكبار السنّ والمُعاقين والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصّة ضئيلة جدّاً إذ تبلغ (50) ألف دينار الى (100) ألف دينار شهرياً فقط، فهي لا توفّر الحدّ الأدنى من مستلزمات العيش الكريم والحياة المناسبة لهؤلاء المواطنين، كما نذكّر المسؤولين المعنيّين بمعالجة مشكلة عدم صرف الرواتب لموظّفي الدوائر المموّلة ذاتيّاً ومنها الشركات التابعة لوزارة الصناعة والمعادن وغيرها من الوزارات، والذين لم تُصرفْ لهم رواتب لأربعة أشهر، إنّ هؤلاء الموظّفين لا ذنب لهم في عدم تمكّن دوائرهم من تغطية رواتبهم، وهم في نفس الوقت مواطنون عراقيّون يجب على الدولة أن تبحث عن حلٍّ لمشكلتهم، ومن واجب المسؤولين أن يستفرغوا وسعهم ويبحثوا عن مخرجٍ لهم خلال هذه السنة، لئلّا تبقى هذه الأزمة على حالها حيث تتسبّب في معاناة الآلاف من العوائل العراقية.
الأمر الثالث: تقع في بعض محافظات العراق نزاعاتٌ عشائريّة لأسبابٍ بسيطة يُمكنُ حلُّها بالتفاهم والجلسات الأخوية بين العشائر -بعضها مع البعض الآخر- أو اللجوء الى القانون، ولكن ممّا يؤسف له أنّ البعض بدأ يلجأ في فضّ هذه النزاعات الى السلاح والتقاتل، ممّا يودي بحياة العديد من المواطنين الأبرياء، وهذا يعبّر عن ضعف الوعي الأخلاقي والديني لدى هؤلاء، إنّ المسؤولية الشرعية والوطنية تدعو هؤلاء الى أن يُحاسبوا أنفسهم عن سفك أيّ دمٍ حرام بغير وجه حقّ، والمطلوب من الأجهزة الأمنية أن يكون لها موقفٌ حاسمٌ وحازم تجاه أيّ نزاعٍ من هذا القبيل، كما أنّ العشائر العراقية الأصيلة مدعوّة الى أن تساعد في القضاء على هذه الظاهرة بدعوتها للعشائر المتازعة الى الحوار والتفاهم، وحلّ النزاعات بالطرق السلمية بدلاً من استعمال السلاح.