ممثل المرجعية الدينية العُليا يحذّر من المخطّطات المُبيّتة لتفتيت العراق، ومن تصديق الإشاعات في حربه ضدّ داعش..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
حذّرت المرجعيةُ الدينية العُليا من المخطّطات المبيّتة لتفكيك وتقسيم العراق وتفتيته، ومن تصديق الإشاعات والابتعاد عن أيّ شحنٍ إعلامي طائفي أو قومي بين مكوّنات الشعب العراقي. فإنّ ذلك سيؤدّي الى تأزيم الأوضاع أكثر بما يُولِّدُ من مشاعر عدائية بين هذه المكونات، والذي قد يُترجمُهُ البعض الى أعمال عنف.
جاء هذا في الخطبة الثانية ليوم الجمعة (28شعبان 1435هـ) الموافق لـ(27حزيران 2014م) في الصحن الحسيني الشريف، والتي كانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، وقد تطرّق فيها إلى ستة أمور:
الأمر الأوّل: في ظلّ الأوضاع الراهنة التي يمرّ بها بلدُنا الحبيب العراق وشعبُهُ، فإنّه يجب الحذر من المخطّطات المبيّتة لتفتيت العراق وتفكيكه وتقسيمه، ونسمع اليوم أنّ رئيس الكيان الإسرائيلي يُجاهر بتأييده، لذلك إنّ الأزمة الراهنة وإن كانت كبيرة ولكنّ الشعب العراقي أكبر منها، فقد تجاوز أزمات كثيرة في تاريخه الطويل ولا ينبغي أن يفكّر البعض بالتقسيم حلّاً للأزمة الراهنة بل الحلّ الذي يحفظ وحدة العراق وحقوق جميع مكوناته وفق الدستور موجود، ويمكن التوافق عليه إذا خلصت النوايا من جميع الأطراف، أيّها الإخوة والأخوات فليكُنْ لدينا وعيٌ أنّ المسألة ليست في أبعادها البعيدة فقط تنظيمٌ إرهابي يدخل العراق ويهدّد العراق، نعم هذا من الأمور التي خُطّط لها أن يتمدّد ويتوسّع هذا التنظيم الإرهابي في أراضي العراق، ولكن هناك مُخطّطٌ يُرسم للعراق منذ مدّةٍ ويجري تنفيذه الآن، المخطط الذي يهدف الى تفكيك هذا البلد وتقسيمه لذلك يجب أن يكون لدينا الحذر والوعي ونفوّت الفرصة على أعداء العراق للوصول الى هدفهم هذا.
الأمر الثاني: بعد صدور المرسوم من رئاسة الجمهورية والذي دعت فيه أعضاء مجلس النواب الجدد الذين تمّ انتخابهم في الثلاثين من شهر نيسان الماضي الى عقد الجلسة الأولى لهم يوم الثلاثاء المقبل، فإنّ المطلوب من الكتل السياسية الاتّفاق على الرئاسات الثلاث خلال الأيّام المتبقية الى ذلك التاريخ رعايةً للتوقيتات الدستورية، وفي ذلك مدخلٌ للحلّ السياسي الذي ينشده الجميع في الوضع الراهن.
الأمر الثالث: نوصي جميع الأطراف بالابتعاد عن أيّ شحن إعلاميّ طائفيّ أو قوميّ بين مكونات الشعب العراقي، فإنّ ذلك سيؤدّي الى تأزيم الأوضاع أكثر بما يُولِّدُ من مشاعر عدائية بين هذه المكونات، والذي قد يترجمه البعضُ الى أعمال عنفٍ، كما وصلتنا أخبار عن ذلك من بعض المناطق أنّ الشعب العراقي بجميع مكوّناته وطوائفه بعُرْبِهِ وكردِهِ وتركمانِهِ بشيعتِهِ وسنّتِهِ ومسيحييه وغيرهم يقفون صفّاً واحداً أمام إرهاب الغرباء الذين عاثوا فساداً بأرض العراق، ولا يجوز أن يتّهمَ بعضُنا البعضَ الآخر بأيّ موقف غير لائق خلاف ذلك.
الأمر الرابع: في ظلّ الأوضاع المزرية والصعبة جداً التي يعيشها النازحون من مختلف مناطق القتال، فإنّنا ندعو المنظمات الدولية والمحلية المعنية بالإغاثة الى الإسراع بإغاثة هذه العوائل التي يزداد عددُها يوماً بعد يوم، والتي تعيش محنة إنسانية صعبة وقاسية، كما ندعو جميع المواطنين الى الوقوف مع هذه العوائل الموقف الإنساني الذي يتناسب مع حجم المأساة التي تعيشها هذه العوائل، وذلك بإغاثتهم بكلّ ما يمكن وتوفير المأوى والطعام والاحتياجات الأخرى، أيّها الإخوة والأخوات إنّ النجاح في هذه المعركة معركة الحق ضدّ الباطل، معركة العراق وشعب العراق ضدّ أعداء هذا البلد وشعبه، يتطلّب موقفاً من الجميع فمن يستطِعْ القتال ينخرِطْ في القوات الأمنية، ومن يستطِعْ إغاثة هؤلاء الناس فعليه أن يغيث هؤلاء الناس بكلّ ما يُمكنه، ومن يستطِعْ أن يسخّر قلمه للدفاع عن الحقّ فعليه أن يسخّر قلمه، والإعلاميّ بكلّ طاقاته عليه أن يسخّر هذه الطاقات لنُصرة الحقّ، والطبيب,.. وهكذا، وكلّ إنسان يتمكّن أن يساهم بما لديه من الإمكانات في الدفاع عن العراق وشعبه ووحدته ومقدساته فعليه أن يساهم بما لديه من هذه الإمكانات.
الأمر الخامس: ندعو جميع أفراد القوات المسلحة وجميع المواطنين الى التنبّه والحذر من الإشاعات المُغرضة التي يبثّها الأعداء، فإنّ الإشاعة من الأسلحة الفتّاكة التي يستخدمها الأعداء لإضعاف معنويات أفراد القوات المسلحة وكذلك إضعاف معنويات المواطنين، وينبغي علينا جميعاً أن نكون أقوياء بعزمنا وإرادتنا ووعينا وهمّتنا العالية، وبأبنائنا من أفراد القوات المسلحة والمتطوعين الغيارى على وطنهم وشعبهم وأعراضهم ومقدساتهم، والذين أظهروا في الأسبوعين الماضيين من العزم والحماس ما جعل الجميع يقفون مبهوتين ومبهورين أمام عظمة هذا الشعب، وكذلك نأمل من الوسائل الإعلامية أن تتصدّى لتكذيب الإشاعات الخطيرة، والتي يسعى من خلالها الأعداء الى تحطيم معنويات القوات المسلحة والمواطنين عموماً، خصوصاً تلك الأخبار الكاذبة التي تصدر من الوسائل الإعلامية ذات الأهداف المشبوهة.
الأمر السادس: نتوجّه بالشكر والثناء لجميع المواطنين الذين قاموا بالتبرّع والمساهمة في تقديم المواد الغذائية للقوّات المسلحة والمتطوعين والنازحين، ونحثّ الجميع -كلّ من يتمكّن، ربّما البعض لا يستطيع أن ينخرط في صفوف القوّات الأمنية ولكن لديه من المال ولديه من الإمكانات ما يستطيع أن يقدّم شيئاً من ذلك، دعماً لأبنائنا في القوات المسلحة وللمتطوّعين الغيارى، فعليه أن يساهم في ذلك، فإنّ النجاح في هذه المعركة يعتمد على عدة مقوّمات- لذلك ندعو ونحثّ الجميع على المزيد من العطاء في هذا السبيل، قال الله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) صدق الله العلي العظيم، كما نقرأ فقرةً من دعاء أهل الثغور للإمام السجاد(عليه السلام) والذي نُوصي بالإكثار من قراءته، وكذلك نوصي المؤمنين بالإكثار من الدعاء في كلّ الأوقات عسى الله أن يُفرّج عن هذا الشعب المظلوم، (أللَّهُمَّ وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ خَلَفَ غَازِياً أَوْ مُرَابِطاً فِي دَارِهِ أَوْ تَعَهَّدَ خَالِفِيْهِ فِيْ غَيْبَتِهِ، أَوْ أَعَانَهُ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ أَمَدَّهُ بِعِتَاد، أَوْ شَحَذَهُ عَلَى جِهَاد، أَوْ أَتْبَعَهُ فِي وَجْهِهِ دَعْوَةً، أَوْ رَعَى لَهُ مِنْ وَرَآئِهِ حُرْمَةً، فَأَجْرِ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ، وَزْناً بِوَزْنٍ، وَمِثْلاً بِمِثْلٍ، وَعَوِّضْهُ مِنْ فِعْلِهِ عِوَضاً حَاضِراً، يَتَعَجَّلُ بِهِ نَفْعَ مَا قَدَّمَ، وَسُرُورَ مَا أَتَى به، إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِ الْوَقْتُ إلَى مَا أَجْرَيْتَ لَـهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعْدَدْتَ لَهُ مِنْ كَرَامَتِكَ...)