المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا تشيد بالانتصارات وتدعو أن يكون هناك دورٌ أكبر للأهالي في تحرير مناطقهم وتدين تدمير الآثار العراقية وتُطالب بالتخفيف من معاناة النازحين..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
أشادت المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا بالانتصارات التي حقّقها أبناء القوّات الأمنية ودعت لشهدائهم الأبرار بالرحمة الواسعة والدرجة الرفيعة، وشدّدت على ضرورة أن يكون لأهالي المناطق المغتصبة دورٌ أكبر وأوسع في تحرير مناطقهم، إضافةً الى ذلك دانت تدمير الآثار العراقية من قبل العصابات الإرهابية وأكّدت على ضرورة تخفيف معاناة النازحين والمهجّرين، جاء هذا في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة (14جمادى الأولى 1436هـ) الموافق لـ(6آذار 2015م)، والتي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف وكانت بإمامة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، وقد بيّن فيها:
"إخوتي الأفاضل أخواتي المؤمنات أودّ أن أبيّن الأمور التالية:
الأمر الأوّل:
تتوالى الأخبار عن انتصارات قوّاتنا المسلّحة الباسلة من الجيش والشرطة الاتّحادية والغيارى من المتطوّعين من مختلف المناطق في تحرير المزيد من القُرى والنواحي والأقضية في محافظة صلاح الدين من رجس الإرهاب الداعشيّ، وفي الوقت الذي نكرّر إشادتنا وتثميننا لبطولات وتضحيات هؤلاء الأحبّة وندعو لشهدائهم الأبرار بالرحمة الواسعة والدرجة الرفيعة، ونشدّد على ضرورة أن يكون لأهالي هذه المناطق دورٌ أكبر وأوسع في تحرير مناطقهم، إنّ متابعة الاحداث في جبهات القتال تقتضي منّا التأكيد مرة أخرى على بعض ما ورد في توجيهات المرجعية الدينية العُليا للمقاتلين.
1- الاهتمام بتنظيم صفوفكم والتنسيق بين خطواتكم وعدم الاسترسال في مواقع الحذر بغير تروٍّ والاندفاع من غير تحوّط ومهنية، فإنّ ذلك أكثر ما يراهن عليه عدوّكم ويتسبّب في إلحاق الخسائر بكم، وكونوا أشدّاء فوق ما تجدونه من أعدائكم فإنّكم أولى بالحقّ منهم، ولا تتعجّلوا في خطواتكم قبل إنضاجها وإحكامها وتوفير أدواتها ومقتضياتها، وعليكم بوضع الخطط المحكمة والتشاور فيما بينكم للوصول الى الوسائل الأنجح في تقدّمكم لتحرير الأراضي، وتجنّباً لخسائر في أرواح عزيزة علينا جميعاً قال الله تعالى: (إنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوص).
2- ينبغي لكم جميعاً ضبط النفس وعدم الخضوع للانفعال النفسي لفقد حبيبٍ لكم أو عزيزٍ عليكم، خصوصاً في ما يتعلّق بالعوائل التي يتترّس بها العدوّ ممّن لم يقاتلوكم ولاسيّما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء، حتى إذا كانوا من ذوي المقاتلين لكم، بل كونوا لهؤلاء المستضعفين حماةً تعينونهم على الوصول الى مأمنٍ من الأرض وأطعموهم طعامكم فإنّكم إن فعلتم ذلك كانت لكم المكانة والمنزلة الطيبة في نفوسهم، وتكونوا بذلك قد فوّتّم الفرصة على البعض ممّن يريد إثارة الظنون السيّئة بكم، ولئن كان في التثبّت وضبط النفس رعايةً للموازين والقيم النبيلة بعضُ الخسارة العاجلة فإنّه أكثر بركةً وأحمد عاقبةً وأرجى نتاجاً.
الأمر الثاني:
تشكو العديد من العشائر في محافظة الأنبار من الذين عبّروا عن موقفٍ وطني مسؤول بتصدّيهم لعصابات داعش من قلّة السلاح والعتاد اللازم لإدامة صمودها، ومن قلّة المواد الغذائية المطلوبة لعوائلهم المحاصرة وهي تتعرّض لإغراءات من هنا وهناك لتغيير موقفها، ونحن إذ نقدّر أنّ الإمكانات المتاحة للحكومة لا تفي بتوفير احتياجات هؤلاء الإخوة بصورةٍ كاملة إلّا أنّه لابدّ من العمل على تقديم ما يمكن تقديمه لهم من السلاح والعتاد لاستمرار صمودهم وثباتهم أمام هجمات عصابات داعش، بالإضافة الى ضرورة تأمين المواد الغذائية لهم ولعوائلهم.
الأمر الثالث:
في الأيّام الأخيرة قامت عناصر داعش بهدم وإتلاف الكثير من مقتنيات المتحف الوطني في الموصل وتدمير بعض المواقع الأثرية في محافظة نينوى، ليدلّلوا مرّةً أخرى على مدى وحشيّتهم وهمجيّتهم وعدائهم للشعب العراقي العظيم، لا لحاضره فقط بل حتّى لتأريخه وحضارته الضاربة في القدم، إنّه يوماً بعد يوم يثبت للعالم أجمع مدى الحاجة في تكاتف الجميع في سبيل محاربة هذا التنظيم المتوحّش الذي لا يسلم منه البشر ولا الحجر، وتتبيّن ضرورة وحدة العراقيّين بجميع أطيافهم ومكوّناتهم في طرد هذه العناصر الأجنبية عن أرض العراق الطاهرة.
الأمر الرابع:
مع استمرار معاناة النازحين وعدم قيام مؤسّسات الدولة بتغطية احتياجاتهم الأساسية قصوراً أو تقصيراً، فإنّنا نهيب مرّةً أخرى بالمواطنين جميعاً خصوصاً الميسورين منهم أن يستمرّوا في بذل ما يُمكنهم بذله لسدّ حاجات هؤلاء المواطنين الذين هم إخوةٌ وأخواتٌ لنا شاءت الأقدار أن يُهجّروا وينزحوا عن مدنهم وأراضيهم، فالمأمول من كلّ مواطنٍ لديه فائض من مال أو طعام أو مأوى أو غير ذلك أن يبذله للنازحين والمهجّرين مراعياً في ذلك حفظ كرامتهم وعدم المنّ به عليهم، فإنّ ذلك بالإضافة الى ما فيه من الأجر والثواب العظيم ممّا فيه فوائد عظيمة للبلد، إذ يشدّ من الأواصر الاجتماعية بين أبنائه ويعزّز الوحدة الوطنية والتلاحم بين مختلف المكوّنات خصوصاً في هذه الظروف الحرجة.
نسأل الله تعالى أن يمنّ على جبيشنا وقوّاتنا ومتطوّعينا ومجاهدينا بالنصر المؤزّر، وأن يمنّ على بلدنا بالأمن والاستقرار والازدهار وعلى جميع بلدان المسلمين، إنّه سميعٌ مجيب والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.