المرجعيّةُ الدينيةُ العُليا تدعو القوّات المسلّحة والحشدَ الشعبيّ إلى توحيد القراراتِ المهمّة في ما بينهم..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
دعت المرجعيةُ الدينيةُ العُليا القوّاتِ المسلّحةَ والمتطوّعين في الحشد الشعبيّ إلى توحيد القرارات المهمّة في ما بينهم، كما طالبت المؤسّسة العسكرية أن تتّخذ خطواتٍ جادّة في تصنيع ما يُمكن تصنيعُهُ محلّياً من الموارد التي تحتاجها المعركة بالاعتماد على الطاقات العلمية في البلد، وكذلك دعت المؤسّسات الحكومية وغير الحكومية الى الاهتمام بالشهداء ورعاية أُسرهم.
جاء هذا في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة (6جمادى الآخرة 1436هـ) الموافق لـ(27/03/2015م) والتي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف وكانت بإمامة السيد أحمد الصافي حيثُ بيّن فيها:
"إخوتي الأفاضل أخواتي أعرض على حضراتكم الكريمة ومسامعكم ثلاثة أمور:
الأمر الأوّل: إنّنا في الوقت الذي نشدّ على أيادي أبنائنا في القوّات المسلّحة والإخوة المتطوّعين وأبناء العشائر، لابُدّ أن نلفت النظر الى مسألة وحدة الرؤيا وتنسيق المواقف بين هذه الجهات العراقية الحريصة على دحر الإرهاب وتوحيد القرارات المهمّة والخطيرة، خصوصاً وأنّ الانتصارات القريبة كانت بجهود الإخوة في الجيش والمتطوّعين وأبناء العشائر الغيارى، ولابُدّ أن يبقى هذا الزخمُ المعنويّ والماديّ حاضراً دائماً وعلى القيادات الميدانية أن تجتمع وتتشاور فيما بينها وترفع الأمر الى القيادة العُليا للقوّات المسلّحة لاتّخاذ القرار المناسب والسليم، وإنّ إخوتنا الأبطال لقادرون -كما فعلوا- على دحر الإرهابيّين وتطهير كامل التراب من دنس الأعداء، إنّ التقاطعات في وجهات النظر لها نتائج غير حميدة في المواقف العسكرية والأمنية، بل لابُدّ من تكثيف اللقاءات والمشاورات من أجل وضع الخطط اللازمة والكفيلة بطرد الإرهابيّين، خصوصاً وأنّ الجيش والمتطوّعين وأبناء العشائر قد أثبتوا قدرتهم الفائقة على العدوّ وإلحاق الهزيمة به، نؤكّد على ضرورة عدم غياب التنسيق بين القيادة العامة للقوّات المسلحة والإخوة المتطوعين والجيش والعشائر في جميع الخطوات والقرارات.
الأمر الثاني: لا يخفى عليكم أيّها الإخوة أنّ أيّ حرب تكلّف البلد الذي يخوضها تكاليف باهضةً ماديةً وبشرية، وإنّ في بلدنا الحبيب العراق تتوفّر طاقات علمية كثيرة من شأنها أن تُبدع وتتكفّل بتوفير المستلزمات العسكرية، لذا على المؤسّسة العسكرية أن تتّخذ خطواتٍ جادّة في تصنيع ما يُمكن تصنيعُهُ محلّياً من الموارد التي تحتاجها المعركة، ولا تعتمد على استيراد هذه الأعتدة من الخارج، خصوصاً وأنّ في هذه المؤسسة أو مؤسّسات الدولة الأخرى بعض الخبراء في هذا المجال ولهم القدرة على التصنيع، مع وجود بعض المنشآت التي يمكن الاستفادة منها وهي بحاجة الى تأهيل بعض بناها التحتية بشكلٍ بسيط، إنّ تنفيذ ذلك من شأنه أن يخفّف الأعباء المالية الثقيلة التي يُعاني منها البلد، ويوفّر الخزين الاستراتيجيّ الذي يحتاجه، على الدولة أن تهتمّ بالصناعة المحلّية العسكرية وتدعمها بشكلٍ جاد هذا من جهة، ومن جهة أخرى لابُدّ من الاهتمام كثيراً بالجهد الهندسيّ العسكريّ والتعامل مع بعض المفاصل المهنيّة بدقّةٍ عالية، إذ أنّ الجهد العسكريّ الهندسيّ سيقلّل من الخسائر الى الحدّ الأدنى، ويحمي أرواح مقاتلينا ويدفع عنهم الأخطار ويسهّل تطهير المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيّين.
الأمر الثالث: إنّ أثمن وأغلى ما تقدّمه الأمم من أجل أن تحيا حياةً كريمةً هي الدماء، وقد بذل هذا الشعب الكريم دماءً عزيزةً عليه هي دماء أبنائه وأعزّته، ولا زالت الأمّهات الكريمات والزوجات الفاضلات يحثُثْنَ أبناءهنّ وأزواجهنّ على القتال والدفاع عن كرامة هذا البلد، وهو موقفٌ مشرّف سيُحفظ لهؤلاء جميعاً، لكن لازال الاهتمام بالشهيد دون المستوى المطلوب، على الدولة أن تفخر بهذه الدماء التي تدافع عن البلد سواءً من الجيش أو المتطوّعين أو العشائر الغيورة وتهتمّ بهم اهتماماً خاصّاً، بل تبحث عن الأساليب الجديدة والمؤثّرة من أجل تكريمهم وتكريم عوائلهم، لابُدّ من استثمار أيّ مناسبةٍ وطنيةٍ أو شعبيةٍ للاهتمام بالشهداء ورعاية أُسرهم الكريمة، لابُدّ أن تُهيّأ جميع الأجواء لذلك، على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أن تسعى جادّةً لإيجاد السبل لتكفّل هذه العوائل وتبذل لها كلّ الإمكانات اللازمة لتخفيف الأعباء الثقيلة عليهم، خصوصاً وأنّ أغلب الشهداء الأبرار هم من العوائل المحرومة التي دفعتها غَيْرتُها وتكليفُها الشرعيّ والوطنيّ للحفاظ على البلد من شرور الإرهابيّين، على الإخوة في البرلمان الموقّر أن يقنّنوا القوانين اللازمة لحفظ حقوق هؤلاء الإخوة وعوائلهم الكريمة والاحتفاء بهم والاعتراف أنّ البلد حُفظ بدمائهم، وكذلك الإخوة الجرحى على الدولة أن تبحث عن كلّ وسيلةٍ من أجل أن تتكفّل بعلاجهم في داخل أو خارج العراق، وكذلك المنظّمات المدنية عليها أن تقوم بوظيفتها في إبراز معالم الدفاع عن الوطن وكرامته ومقدّساته من خلال هؤلاء الأبطال وتسليط الضوء عليهم إعلامياً وتاريخياً، فإنّهم ذخيرةُ العراق الحيّة والأمم تحيا بهذه الذخائر.
رحم الله الشهداء الأبرار، ومنّ الله تعالى على الجرحى بالشفاء العاجل، وأعان العوائل الكريمة على تحمّل ما هم فيه، وفّق الله تعالى كلّ الإخوة لإسداء الخدمات تلو الخدمات لهؤلاء الإخوة والعوائل الكريمة، حفظ الله البلد وجميعَ بلاد المسلمين أينما كانوا من شرور الأعادي والغزاة ودفع الله عنّا وعنهم كلّ سوء، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين الطاهرين.