المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا تُطالب الجهات الأمنية بمعالجة الخروقات الأمنية داخل المدن وتدعو الطلبة للدخول في دوراتٍ تطويرية والتدريب على حمل السلاح..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
طالبت المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا الجهات الأمنية الى اليقظة والحذر لمُعالجة الخروقات الأمنية التي تحدث داخل المدن والتعامل بدقّةٍ ومهنيةٍ كبيرتَيْن في مواجهة الإرهاب والإرهابيّين، داعيةً في الوقت ذاته أبناء الكلّيات والمعاهد وطلبة المدارس الى الاستفادة من أوقات التعطيل للدخول في دوراتٍ تطويريةٍ فكريةٍ وثقافية والتدريب على حمل السلاح والاستعداد لدرء المخاطر، كما أكّدت المرجعيةُ العُليا على أبناء العشائر بضرورة الاستفادة من العلماء وطلبة العلوم الدينية من أبنائهم في وضع الحلول للمشاكل والمشاجرات التي تحدث بينهم.
جاء هذا في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (17شعبان 1436هـ) الموافق لـ(5حزيران 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي، والتي بيّن فيها:
"إخوتي أخواتي أعرض على مسامعكم الكريمة بعض الأمور:
الأمر الأوّل:
إنّ التحدّيات التي يمرّ بها البلد كثيرةٌ وكبيرةٌ ومن أهمّها التحدّيات الأمنية سواءً الداخلية أو الخارجية، ففي الوقت الذي يُدافع فيه أبناؤنا من الجيش والشرطة والمتطوّعين وأبناء العشائر عن بلدنا تحدث بعض الخروقات الأمنية في داخل المدن من تفجيرات هنا وهناك، وتحصد أرواح العشرات من الأبرياء وتخلّف أعداداً من الجرحى وهذا يستدعي المزيد من اليقظة والحذر من الجهات الأمنية، فإنّ التعامل مع الإرهاب والإرهابيّين لابُدّ أن يكون بدقّةٍ ومهنيةٍ كبيرتَيْن، لابُدّ أن تكون الأجهزة الاستخباراتية منتبهة دائماً خصوصاً وإنّ حالة المعركة توجب بذْلَ المزيد من الجهد لرصد تحرّكات العدوّ وتعزيز وتطوير القدرات الشخصية لمنتسبي هذه الأجهزة.
الأمر الثاني:
على أبنائنا في الكلّيات والمعاهد وطلّاب المدارس الإعدادية والمتوسّطة أن يستفيدوا من أوقات التعطيل، فإنّ الوقت نعمة وعلينا أن نستثمره الاستثمار الأمثل والأصحّ، فبالإضافة الى التفوّق في أيام التحصيل والدراسة كذلك يجب أن يكون في أيّام التعطيل، ولعلّ من جملة الأمور التي ينبغي أن تتحقّق في العطلة هو السعي الحثيث للدخول في دوراتٍ تطويريةٍ فكريةٍ أو ثقافية وفي مجالاتٍ علميةٍ اختصاصيةٍ وأخلاقية، لغرض الاستزادة من هذه المعارف النافعة وتشكيل حلقاتٍ وعقد محاضراتٍ للتثقيف على المواطنة الصالحة والاهتمام بالبلد والإسهام في الحفاظ عليه، والتدريب على حمل السلاح والاستعداد لدرء المخاطر عنه لو تطلّب الأمر ذلك، وكذلك القراءة الجيدة لما يدور من أمورٍ من حولنا وزيادة الوعي والإدراك، فأنتم اليوم طلّاب ومسؤوليّتكم محدّدة وغداً تكون مسؤوليّتكم أكبر عندما تكونون في مواقع متقدّمة لخدمة شعبكم إن شاء الله تعالى.
الأمر الثالث:
إنّ بلدنا يحمل من التراث الحضاريّ الشيء الكثير والحمدُ لله، وقد ساهم في بناء هذا الإرث أمورٌ كثيرةٌ ومتعدّدة ولابُدّ من انعكاس ذلك على عموم مجتمعنا وإنّنا لنعتزّ بالتركيبة الاجتماعية الموجودة في بلادنا بكلّ وجوداتها ولعلّ العشائر تحتلّ مساحةً واسعةً من هذه التركيبة، وقد ساهمت هذه العشائر الكريمة في الحفاظ على الطباع العربية الأصيلة من الشجاعة والشهامة والكرم واحترام الكبير وإقراء الضيف وأمثال ذلك من الأخلاق الفاضلة التي يقرّها الشرع والعرف، وقد تحدُثُ بعض الاحتكاكات والمشاجرات بين أبناء العشائر لسببٍ أو لآخر وقد يسعى البعضُ لفضّ هذه النزاعات وإصلاح ذات البين وهو أمرٌ حسن، وحرصاً على أن تكون العشائرُ الكريمةُ متقدّمةً دائماً في الفضائل نودّ أن نبيّن الأمور الآتية:
أوّلاً: الإسراع بتطويق أيّ أزمة ومشكلةٍ تحدث من قبل وجهاء العشائر وعدم السماح لأنْ تأخذ الأمور مساحةً أكبر من مساحتها الواقعية، فإنّ توسيع المشكلة يولّد مشاكل جانبية تصعب السيطرةُ عليها.
ثانياً: إنّ ردود الأفعال لأيّ مشكلةٍ يجب أن لا تكون أكبر من الفعل نفسه لأنّ في ذلك خروجاً من الحقّ الى الباطل، وفي حالات غير قليلة يقع ظلمٌ على بعض الأشخاص ممّن لا دور لهم في المشكلة، ومن ذلك ما يتعارف في بعض المناطق من حلّ بعض النزاعات العشائرية بأخذ بعض النساء للتزويج وهو ما يُسمّى بـ"الفصليّة" وهو أمرٌ مستنكرٌ أخلاقاً وشرعاً فإنّه لا يجوز في حالٍ من الأحوال أن تُجبر المرأة على الزواج ممّن لا تُريد، ولا ولاية للأب ولا لغيره في أن يزوّجها خلافاً لمصلحتها، فاتّقوا الله يا كرام واجتنبوا عن هذه الممارسات البعيدة عن الشرع والأخلاق.
ثالثاً: على العشائر الكريمة أن تستفيد من العلماء وطلبة العلوم الدينية من أبناء العشائر وغيرهم في وضع الحلول للمشاكل خشيةً من أن تكون لبعض الأفكار والحلول المتعارفة تداعيات سلبية، وإنّ التشاور في هكذا أمور أمرٌ مستحسن والتعصّب للحقّ أمرٌ مطلوب لا لغيره، وقد نُسب لأمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: (فليكنْ تعصّبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور)، وإذا لم يتمكّن أحدٌ من الإصلاح فلابُدّ من الرجوع الى المحاكم ولِما يكونُ الحلّ مرضيّاً للجميع وفقاً للمعايير الشرعية والأخلاقية.