المرجعيةُ الدينيّةُ العُليا تؤكّدُ على القيادات العسكريةِ كافّة ضرورةَ تحقيق أعلى درجاتِ التنسيق الميدانيّ بين المجاميع المشاركةِ في القتال واتّباع خططٍ عسكرية مناسبةٍ لطبيعة القتال..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
أكّدت المرجعية الدينيةُ العُليا على القيادات العسكرية كافة ضرورة تحقيق أعلى درجات التنسيق الميدانيّ بين المجاميع المشاركة في القتال ولزوم اتّباع خططٍ عسكرية مناسبةٍ لطبيعة القتال داخل المدن وعدم اعتماد الطرق التقليدية والاهتمام بتدريب المقاتلين، كما دعت جميع الكوادر الطبية العُليا والوسطى ومديريات الصحة أن تبذل قصارى ما تملك من موارد بشرية طبية وأن توظّف كافة إمكاناتها من دون كللٍ أو ملل للعناية بجرحى القوات الأمنية والحشد الشعبيّ انطلاقاً من كون أنّ هذه العناية جزء مهمٌّ من المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية، واستنكرت ظاهرة استعمال (الأركيلة) في المقاهي للشباب، وما يُشبه الإدمان على متابعة مواقع الانترنت بصورةٍ سلبيةٍ تحطّم بناءهم الفكريّ والروحيّ.
جاء هذا خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة (8 رمضان 1436هـ) الموافق لـ(26حزيران 2015م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف وكانت بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي الذي بيّن فيها:
"أيّها الإخوة والأخوات أودّ أن أبيّن الأمور التالية:
الأمر الأوّل: في الوقت الذي تحقّق فيه قوّاتُنا المسلّحة وأفواج المتطوّعين تقدّماً ملحوظاً في مختلف جبهات القتال ضدّ عصابات داعش وتصعّد من وتيرة استعدادتها لتحرير مناطق أخرى من سيطرة الإرهابيّين، تشهد المناطق المتبقية من قضاء بيجي حرب شوارع شرسة لاستعادتها من سيطرة هذه العصابات التي تحاول زجّ عناصرها الانتحارية وغيرهم للتعويض عن خسائرهم الكبيرة بعد تحرير أغلب مناطق القضاء، وفي نفس الوقت تستمرّ قوافل الشهداء والجرحى من أبطال القوّات المسلّحة والمتطوّعين الذين يسقطون قرابين على درب التضحية لحفظ العراق وشعبه ومقدّساته، وهنا نودّ أن نؤكّد على القيادات العسكرية كافة ضرورة تحقيق أعلى درجات التنسيق الميدانيّ بين المجاميع المشاركة في القتال ولزوم اتّباع خططٍ عسكريةٍ مناسبةٍ لطبيعة القتال داخل المدن وعدم اعتماد الطرق التقليدية والاهتمام بتدريب المقاتلين على هذا النحو من المعارك وإن استلزم بعض الوقت، فإنّ ذلك ممّا يساهم في تحقيق النصر وتقليل الخسائر البشرية والمادية، إنّ الحفاظ على أرواح المقاتلين وتقليل الإصابات في صفوفهم مهما أمكن يجب أن يكون في سلّم أولويّات القادة العسكريّين، ولهذا الغرض لابُدّ من الاستعانة بكلّ الإمكانات والخبرات المتاحة لوضع الخطط والبرامج المناسبة لكلّ معركةٍ يريدون الخوض فيها، إنّ اندفاع المقاتلين الأبطال لخوض غمار أيّ معركة مهما تطلّبت من تضحيات لا يعفي القيادات العسكرية عن مسؤولياتها الجسيمة في اتّخاذ الإجراءات الكفيلة لتحقيق الانتصار على العدوّ بأقلّ الخسائر والإصابات.
الأمر الثاني: إنّ من الأمور المهمّة في حدّ ذاتها والمؤثّرة أيضاً في تعزيز معنويات المقاتلين والمواطنين بصورةٍ عامة هو الاهتمام بالجرحى الأبطال الذين يصابون في ساحات القتال، وهو إشعارٌ لقيمة إيثار الجريح وتضحيته في سبيل الذود عن العراق وشعبه، وإنّنا في الوقت الذي نشيد فيه بجهود العديد من الكوادر الطبية المباشرة للعناية بالجرحى المقاتلين وما تقدّمه وزارة الصحة ومديريّاتها في هذا المجال، خصوصاً الأطبّاء الذين يتواجدون في المستشفيات الميدانية في جبهات القتال، لابُدّ أن نشير الى ما تصلنا من شكاوى من عدم العناية المطلوبة بالجرحى في بعض المستشفيات والمراكز الطبية، ومن هنا نهيب بجميع الكوادر الطبية العُليا والوسطى ومديريات الصحة أن تبذل قصارى ما تملك من موارد بشرية طبية وأن توظّف كافّة إمكاناتها من دون كللٍ أو مللٍ للعناية بهؤلاء الجرحى الأبطال انطلاقاً من كون أنّ هذه العناية جزءٌ مهمٌّ من المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية المُلقاة على عاتق جميع الكوادر والمسؤولين المختصّين، ومن جملة ما تلزم مراعاته الإسراع في حالة الجرحى ممّن يستعصي علاجهم داخل العراق بإرسالهم الى الدول المتقدّمة في إمكانياتها العلاجية تلافياً لما يحصل بالتأخير من مضاعفات على صحّة هؤلاء الأعزّة، الذين لا يعلم إلّا الله تعالى حجم معاناتهم من الجراح التي أُصيبوا بها، كما نؤكّد على أهمية التعامل الأخلاقي مع الجرحى وإشعارهم بقيمة تضحياتهم وأنّهم موضعُ رعايةٍ واهتمامٍ، وعدم صدور أيّ تصرّف أو قول يُشعرهم بأنّهم كَلٌّ على الآخرين، كما نهيب بالمواطنين الميسورين أن يوظّفوا جزءً من إمكاناتهم المالية في سبيل رعاية الجرحى ومتابعة حالاتهم وتخفيف معاناتهم واللهُ لا يُضيع أجر المحسنين.
الأمر الثالث: إنّ الظروف الخاصّة التي يمرّ بها بلدنا وشعبنا، والتي تستنزف الكثير من الطاقات والإمكانات تقتضي أزيد من أيّ وقتٍ آخر الاهتمام بالحفاظ على شريحة الشباب وتوجيه طاقاتهم وتوظيف استعداداتهم نحو الاستثمار الأمثل لها في سبيل تقدّمهم وتقدّم مجتمعهم وبلدهم، ولكن ممّا يؤسف له أنّنا نجد في الفترة الأخيرة تنامي بعض الظواهر المؤذية في صفوف الشباب وممارسة بعض العادات المضرّة بصحتهم وبنائهم النفسيّ، ومن ذلك التوسّع في ظاهرة استعمال (الأركيلة) في المقاهي وما يشبه الإدمان على متابعة مواقع الانترنت بصورة سلبية تحطّم بناءهم الفكريّ والروحيّ وتمنعهم من العناية بما هو خيرٌ لمستقبلهم ومستقبل بلدهم، وحيث أنّ هذه الشريحة هي عماد المجتمع وركيزة مستقبله وتشتدّ الحاجة الى توظيف طاقاتهم البدنية والفكرية في سبيل تطوير البلد ورقيّه وبالمقابلة مع التحدّيات الكبيرة التي يواجهها، فلابُدّ من أن تولي مؤسّسات الدولة المختصة عنايةً كبيرةً بتوفير ما يلبّي حاجات الشباب، ويملأ أوقات فراغهم بالنحو الأمثل ويمنع من ضياعها والإضرار بمستقبلهم ومستقبل أسرهم ومجتمعهم، كما نُلفت عناية الأسر الكريمة ولاسيّما الآباء والأمّهات الى ضرورة المساهمة في حماية وحفظ أبنائهم من بعض الظواهر غير الصحيحة وتوجيههم نحو استثمار أوقاتهم بما ينفعهم وينفع بلدهم، كما ندعو المؤسسات الثقافية خاصّة ومؤسّسات المجتمع المدني بشكلٍ عام الى وضع خططٍ وبرامج خاصّة بالشباب تملأ الفراغ لديهم بما فيه خيرُهُم وصلاحُهم ويحفظهم من الممارسات الضارّة.