المرجعيةُ الدينيةُ العُليا: إنّ معركة الإصلاحات التي نخوضها في هذه الأيام هي معركةٌ مصيرية تحدّد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولا خيار لنا شعباً وحكومةً إلّا الانتصار فيها..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
أكّدت المرجعيةُ الدينية العُليا على أنّ معركة الإصلاحات التي نخوضها في هذه الأيام هي معركةٌ مصيريّة تحدّد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولا خيار لنا شعباً وحكومةً إلّا الانتصار فيها، مجدّدةً تأكيدها على ضرورة إصلاح الجهاز القضائي للقيام بمهامّه على الوجه الصحيح، كما طالبت المرجعية الدينيةُ بالإسراع في القيام بالخطوات اللازمة لمحاسبة كبار الفاسدين من سرّاق المال العام ولابُدّ من دعم المكلّفين بأداء هذه المهمّة وحمايتهم من أن يمسّهم سوء من قبل أولئك الفاسدين وأتباعهم.
جاء هذا في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (5ذي القعدة 1436هـ) الموافق لـ(21آب 2015م) التي أقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي والتي جاء فيها:
إخوتي الأفاضل أخواتي الكريمات أعرض على مسامعكم الكريمة أمرين:
الأمر الأوّل: تتواصل المعارك الضارية التي يخوضها أعزّاؤنا في القوّات المسلّحة ومن معهم من المتطوّعين الأبطال وأبناء العشائر الغيارى في مختلف الجبهات مع عناصر تنظيم داعش الإرهابي، إنّ المعركة مع هؤلاء الإرهابيّين تمثّل أشرف المعارك وأحقّها لأنّها تجري دفاعاً عن وجودنا ومستقبلنا كشعب وعن عزّتنا وكرامتنا ومقدّساتنا، ولقد تابع الجميع ما جرى ويجري في المناطق التي سيطر عليها الإرهابيّون من أعمالٍ وحشية لا تمتّ الى الإنسانية بصلة من استرقاق النساء واغتصابهنّ وقتل الأبرياء بأبشع الصور وأفظعها وتشريد مئات الآلاف من المواطنين وهدم وإزالة الكثير من شواهد الحضارة العراقية العريقة، فالمعركة مع الإرهابيّين الدواعش هي معركةٌ مصيريةٌ بكلّ ما لهذه الكلمة من معنى، وأبناؤنا الميامين الذين يستبسلون في جبهات القتال إنّما يقومون بالمهمّة الأصعب والأسمى في هذه المعركة، وعلى الآخرين حكومةً وشعباً أن يقدّموا كلّ ما باستطاعتهم في سبيل إسناد المقاتلين ودعمهم وتقوية عزائمهم وتعزيز معنوياتهم ورعاية عوائلهم، إنّ ما ننعم به من أمنٍ واستقرار في مدننا ومناطقنا إنّما هو نتيجة جهود وتضحيات هؤلاء الأبطال فلا ينبغي أن تُنسينا معركةُ الإصلاحات المعركةَ التي يخوضها هؤلاء الأعزّاء بدمائهم وأرواحهم بل ينبغي أن يكون دعمهم تسليحاً وتدريباً وتنظيماً وتمويلاً من أهمّ ما يدعو اليه المطالبون بالإصلاح أينما كانوا.
الأمر الثاني: إنّ معركة الإصلاحات التي نخوضها في هذه الأيام هي أيضاً معركةٌ مصيريةٌ تحدّد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولا خيار لنا شعباً وحكومةً إلّا الانتصار فيها، ولكنّه يحتاج الى صبرٍ وأناة وتظافر جهود كلّ المخلصين من أبناء هذا الشعب، فبعد سنواتٍ طويلةٍ من تفاقم الفساد وتجذّره وتشعّبه وترهّل الجهاز الإداري للدولة وغير ذلك من أوجه الفساد، سواءً على مستوى الأشخاص أو النظام العام للدولة، لا يمكن الوصول الى الإصلاح المنشود في أيّامٍ قلائل ولكن في الوقت نفسه لابُدّ من عدم التواني في القيام بإجراءاتٍ حقيقية وصارمة بهذا الاتّجاه، وهنا لابُدّ من التأكيد مرّةً أخرى على ضرورة العمل لإصلاح الجهاز القضائيّ للقيام بمهامّه على الوجه الصحيح، ولا نريد الاستغراق في بيان أوجه الفساد والتقصير في عمل هذا الجهاز المهمّ خلال السنوات الماضية، ولكن نشير الى أنّ ما يلاحظ من تكاثر الفاسدين من لصوص المال العام وعصابات الخطف والابتزاز وشيوع ثقافة الرشاوى في كافة مفاصل الدولة والمجتمع، هو من نتائج تخلّف الكثير من المسؤولين في هذا الجهاز عن القيام بأداء واجباتهم القانونية ولابُدّ من التأكيد أيضاً على أنّ الخطوات الإصلاحية يجب أن تتمّ وفق الإجراءات القانونية حتّى لا يبقى مجال للمتضرّرين منها الى التقدّم بشكاوى الى المحاكم لإبطالها بذريعة مخالفتها للدستور أو القانون فتتحوّل هذه الخطوات الى حبرٍ على ورق.
إنّ من الخطوات الإصلاحية ما يتطلّب تعديلاً قانونياً أو تشريعَ قانونٍ جديد، فمن الضروري أن تقوم الحكومة بتقديم مشاريع لهذا الغرض الى مجلس النوّاب ليتمّ إقرارُها فلا يبقى منفذٌ الى التراجع عنها لاحقاً، إنّنا نؤكّد مرّةً أخرى على أنّه ليس للمسؤولين في السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، ليس لهم خيارٌ سوى المضيّ قُدُماً في إجراء الإصلاحات الضرورية ولابُدّ من الإسراع في القيام بالخطوات اللّازمة لمحاسبة كبار الفاسدين من سرّاق المال العام ولابُدّ من دعم المكلّفين بأداء هذه المهمة وحمايتهم من أن يمسّهم سوءٌ من قبل أولئك الفاسدين وأتباعهم.