المرجعيّةُ الدينيّة العُليا تُذكّر المقاتلين والمتطوّعين بوصاياها في خوض معارك تحرير الأراضي المغتصبة من مجاميع داعش الإرهابية..
أستمع للخطبة
شاهد الخطبة
نص الخطبة
تناول ممثّل المرجعية الدينية العُليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزّه) بعضاً من وصاياها للمقاتلين والمتطوّعين من القوّات الأمنية وأبناء العشائر في حفظ الأرواح والأموال الخاصّة والعامّة وهم يخوضون غمار الحرب ضدّ عصابات داعش الإرهابية، وهذه الوصايا مستقاة من وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام) لأصحابه في حربه ضدّ الناكثين والمارقين، جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (26شعبان 1437هـ) الموافق لـ(3حزيران 2016م) التي أُقيمت بإمامته في الصحن الحسينيّ الشريف، وقال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي خلال الخطبة:
أيّها الإخوة والأخوات نعرض على مسامعكم الكريمة التوجيهات الصادرة من المرجعية الدينيّة العُليا للمقاتلين الأبطال في جبهات القتال، ونذكر قبلها مقدّمةً فنقول: يُشارك في هذه الأيّام الآلاف من إخواننا وأحبّتنا في القوّات المسلّحة ومَنْ يساندهم من المتطوّعين وأبناء العشائر في معارك ضارية لتخليص مناطق من محافظة الأنبار من سطوة الإرهاب الداعشي، وإنّنا إذ نكرّر بالغ الثناء عليهم وعظيم الاعتزاز بجهودهم والمباهاة بكلّ قطرة دمٍ يبذلونها في سبيل الدفاع عن وطنهم وشعبهم ومقدّساتهم، نجد من المناسب أن نذكر ونشرح مقاطع من توجيهات المرجعيّة الدينيّة العُليا لهم في رعاية حرمات الناس في مناطق القتال، تأكيداً عليها لما لها من الأهمّية البالغة، وأودّ أن أشرح بعض العبارات هنا في المقدّمة ثمّ أذكر التوجيهات والنصائح.
أيّها الإخوة والأخوات نلاحظ في التعبير الوارد من المرجعية الدينية العُليا أنّها عبّرت عن المقاتلين بأنّهم أحبّة المرجعيّة الدينيّة العُليا، هؤلاء المقاتلون هم أحبّاء المرجعية الدينية العُليا، فقد بيّنت منزلتهم ومقامهم ثمّ بيّنت منزلة ومقام بطولاتهم وتحيّاتهم، فذكرت في البداية الثناء البالغ لهذه التضحيات والبطولات، ثم ترقّت في بيان منزلة هذه التضحيات والبطولات فعبّرت بأنّها تعتزّ عظيم الاعتزاز بهذه الجهود والبطولات منهم، ثمّ سمت بدمائهم بل بكلّ قطرة دمٍ تُسال من أيّ شهيد أو جريح فعبّرت بالمباهاة والافتخار بهذه الدماء، لماذا تتباهى المرجعيّة الدينية العُليا بهذه الدماء بل بكلّ قطرة دمٍ تُسال؟ لأنّ هذه الدماء تُسال عن إرادة وعن مبادئ لدى هؤلاء المقاتلين، ولأنّها في سبيل أهداف سامية وهي الدفاع عن الوطن والمقدّسات، هذه الدماء إنّما تُسال من أجل الدفاع عن العراق وعن المقدّسات وعن أعراض المواطنين، لذلك جاءت هذه التعبيرات ببالغ الثناء عليهم وعظيم الاعتزاز بجهودهم والمباهاة بكلّ قطرة دمٍ يبذلونها في سبيل الدفاع عن وطنهم وشعبهم ومقدّساتهم.
ثم هناك التوجيهات والنصائح -أيّها الإخوة والأخوات- سبق أن صدرت توجيهات ونصائح الى المقاتلين في ساحات الجهاد وجبهات القتال، صدرت هذه التوجيهات والنصائح للمقاتلين في (22) ربيع الثاني من عام (1436هـ) وذُكر في هذه التوجيهات والنصائح: (كما أنّ الله تعالى ندب وأمر بالجهاد في هذا السبيل، كذلك جعل لهذا الجهاد أحكاماً وآداباً وحدوداً لابُدّ من مراعاتها والعمل بها، ويلزم تفقّهها وفهمها والعمل بها ورعايتها...) وبيّنت المرجعيّةُ الدينيّة العُليا أنّ العمل بهذه التوجيهات والنصائح يلزم منه تحقّق الأجر العظيم والثواب العظيم والمنزلة العظيمة للمجاهدين عند الله تعالى، والإخلال بها يؤدّي الى شيء من إحباط الأجر وعدم نيل المنزلة والمرتبة والفضل المرجوّ من الجهاد في ساحات القتال، وقد يُقال لماذا هذا التأكيد عليها الآن؟ -كما ذكرنا في هذه العبارة- للأهميّة البالغة لهذه النصائح والتوجيهات جاء التأكيد عليها وتذكير المقاتلين للاطّلاع عليها ومراعاتها والعمل بها، فنذكر بعضاً من هذه التوجيهات والنصائح التي صدرت من المرجعية الدينيّة العُليا، والآن نؤكّد عليها ونكرّرها على هؤلاء الأبطال أحبّاء المرجعية الدينيّة العُليا، فممّا ورد فيها:
(الله.. الله.. في النفوس، فلا يُستحلّنّ التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حالٍ من الأحوال، فما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة، وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه، وإنّ لقتل النفس البريئة آثاراً خطيرة في هذه الحياة وما بعدها، وقد جاء في سيرة أمير المؤمنين(عليه السلام) شدّة احتياطه في حروبه في هذا الأمر، وقد قال في عهده لمالك الأشتر: "إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها فإنّه ليس شيءٌ أدعى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئٌ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دمٍ حرام فإنّ ذلك ممّا يُضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله...).
نشرح بإيجاز هذه التوصية الأولى، نلاحظ أيّها الإخوة والأخوات أنّ الشريعة الإسلامية -منها الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث التي وردت عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار(عليهم السلام)- قد اهتمّت اهتماماً شديداً بحفظ وصيانة دم الإنسان بصورةٍ عامّة –أيّ إنسان-، إلّا في أحوال معيّنة فصّلتها وبيّنت تلك الأحوال التي تُستحلّ فيها هذه الدماء، وقد جاءت سيرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار ووصاياهم وسيرتهم لتؤكّد على هذا الاحتياط الشديد، فقد احتاط النبيّ(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والأئمّة الأطهار(عليهم السلام) في الدماء احتياطاً شديداً، لذلك جاءت هذه التوصية من المرجعية الدينيّة العُليا لكي يُميَّز بين الدم الذي يُستحلّ والدم الذي لا يُستحلّ، بل اعتبرت أنّ من أعظم الخطايا سفك الدم الحرام، بل أمرت أيضاً بأن تكون هناك وقاية وحفظ وصيانة لدماء الأنفس التي لا تُستحلّ، من هنا جاءت الآيات القرآنية التي بيّنت منزلة حفظ وصيانة النفس الإنسانية التي لا يحلّ سفك دمها، فاعتبرت إحياء النفس وصيانة حرمة دم الإنسان وحفظ حياته كما في قول: (من أحيى نفساً فكأنّما أحيى الناس جميعاً)، لذلك جاءت هذه التوصيات من المرجعية الدينية العليا للمقاتلين (الله.. الله.. في النفوس، فلا يُستحلّنّ التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى...)، ونُلاحظ الآية القرآنية التي وردت في ذلك، فهذا الاهتمام الشديد واضح في الآيات القرآنية وأحاديث النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار من وصاياهم وسيرتهم التي كان فيها احتياط شديد في مسألة الدماء، فقد ورد في الآية القرآنية: (..أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، نزلت مرتبةُ وقاية وإحياء نفسٍ إنسانيةٍ واحدة بمنزلة إحياء الناس جميعاً، نلاحظ كم أنّ الشريعة الإسلامية اهتمّت بوقاية وصيانة الدماء من الأنفس التي لا يحلّ قتلُها وليس هناك مسوّغ شرعيّ لسفك الدم، ثمر وقاية وصيانة هذه الأنفس بنفسٍ واحدة كأنّما إحياء للناس جميعاً، وجاءت وصيّة أمير المؤمنين وتحذيره من سفك الدماء بغير حقّ وبغير مسوّغ شرعيّ في عهده الى مالك الأشتر "وإيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها" يعني ليس هناك مسوّغ شرعيّ للقتل، هذا الكلام للمقاتلين ولعموم المواطنين، حيث أنّه نجد أحياناً سفكاً للدم الحرام من دون أيّ مسوّغ شرعيّ، وإنّما يأتي هذا الشخص بمسوّغ من داخل نفسه لأسبابٍ معيّنة، وسفك الدم أمرٌ غير محلّل، الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) يحذّر مالكاً ويحذّرنا جميعاً ويحذّر أيّ مقاتل من سفك الدماء من دون أن يكون هناك مسوّغ ومحلِّل لسفك هذه الدماء، لأنّها مصانة أشدّ الصيانة عند الله تعالى فقال: "إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها" ويبيّن ما هي النتائج لسفك الدماء المحرّمة وهي أربعة أمور: "فإنّه ليس شيء أدعى لنقمة..." أي ليس هناك شيءٌ أكثر داعياً الى الانتقام أوّلاً من أولياء المقتول، وثانياً في نظرة عامّة الناس، وثالثاً عند الله تعالى من الدم الذي يُسفك حراماً، "..ليس هناك شيء أدعى نقمة ولا أعظم لتبعة..." أي المسؤولية العظيمة المترتّبة على شيء ليس هناك أعظم مسؤوليةً من سفك الدم الحرام، يترتّب عليها القصاص يترتّب عليها أيضاً ترمّل النساء ويتم الأطفال، والانتقام الذي يجرّ الى انتقامات أخرى وتتّسع دائرة الانتقام وغير ذلك من هذه المسؤوليات والتبعات المترتّبة على سفك الدم، "ولا أحرى بزوال نعمة" الإنسان القاتل بغير حقّ يزول عنه الاطمئنان والأمان ويُبتلى بالهمّ ويشعر بحرقة الضمير وتأنيب الضمير والوجدان له، فتزول هذه النعمة التي يعيشها الإنسان العادي الذي لا يرتكب هذه الجريمة وهي الأمان والاطمئنان والعيش خالي الهمّ، "ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفكها" انقطاع مدّة معناها إمّا القاتل يذهب عمره بالقصاص أو القتل والانتقام أو تزول الدولة التي يُسفك فيها الدم الحرام بكثرة، وانقطاع مدّة إمّا لعمر هذا الإنسان القاتل أو للدولة التي يكثر فيها هذا الأمر، إضافةً الى ذلك في يوم القيامة أيّها الإخوة والأخوات أوّلُ شيء يُحاسب به الله تعالى هو الدم المسفوك حراماً، لذلك ورد في بعض الروايات في بيان هذا المعنى كما في الحديث الشريف: (إنّ أوّل الدماء التي يُباشر بالمحاسبة عليها هو دم هابيل...)، ثم بعد ذلك الدماء التي جاءت قتلاً وسفكاً للدماء بغير حلّ، الآن القاتل في الدنيا قد يُشتبه به لا يُعرف، لكن يوم القيامة المقتول يأتي بدمه فيشخب في وجه القاتل ويقول له: أنت قتلت هذا الإنسان، لذلك الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) يبيّن أنّ أوّل ما يُبتَدَأ به الحساب يوم القيامة لعظيم الهتك لهذه الحرمات إنّما هو الدم الحرام.
ثم تأتي التوصيات الأخرى التي ذكرتها المرجعيّة الدينيّةُ العليا للمقاتلين، (الله.. الله.. في حرمات عامّة الناس ممّن لم يقاتلوكم، لاسيّما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء، حتى إذا كانوا من ذوي المقاتلين لكم فإنّه لا تحلّ حرمات من قاتلوا غير ما كان معهم من أموالهم، وقد كان من سيرة أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه كان ينهى عن التعرّض لبيوت أهل حربه ونسائهم وذراريهم، رغم إصرار بعض مَنْ كان معه خاصّةً من الخوارج على استباحتها، وكان أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: "حاربنا الرجال فحاربناهم فأمّا النساء والذراري فلا سبيل لنا عليهم، لأنّهنّ مسلمات في دار هجرة، فليس لكم عليهنّ سبيل"..) تنبّه المرجعيّة الدينيّة العُليا الى حرمةٍ غير الحرمة الأولى وهي التعرّض الى حرمة عامّة الناس من غير المقاتلين وهم المواطنون الذين لا يقاتلون ضمن عصابات داعش، قد يكون البعض من أهل هذا الذي يُقاتل مع عصابات داعش، قد يكون أبناؤه لا يُقاتلون آباؤه وغيرهم من عشيرته أو أقربائه أو من عامّة المواطنين، لذا جاء التأكيد على مراعاة حرمة هؤلاء النساء والولدان والشيوخ، هؤلاء تشتدّ حرمة التعرّض لهم، لذلك هنا توصي المرجعية الدينية العُليا المقاتلين الأعزّاء الأحبّة بمراعاة هذه الحرمات حتى إذا كانوا من ذوي المقاتلين لكم، فقد يكون له أولاد قد يكون له آباء قد يكون له إخوة قد يكون له أقرباء وأولئك ليسوا بمقاتلين، هنا ننتبه الى هذه التوصية المهمّة وخاصّة هؤلاء المواطنين الأبرياء الذين لا دخل لهم في هذا القتال، خصوصاً من النساء والشيوخ والولدان، وتذكر المرجعية الدينية العُليا ما ورد في سيرة أمير المؤمنين(عليه السلام) حينما بيّن للمقاتلين الذين معه في مختلف المعارك أنّ هؤلاء الرجال المقاتلين هم يحاربوننا فنحن ندافع عن أنفسنا وندخل معهم في معركة وقتال، أمّا ما يتعلّق بهم من النساء والأطفال وغيرهم يقول: لا سبيل لنا عليهم لأنّهنّ مسلمات في دار هجرة فليس لكم عليهنّ سبيل.
ثم أيضاً من الحرمات الأخرى الوصيّة الثالثة (الله.. الله.. في الحرمات، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسانٍ أو يد، واحذورا أخذ امرئ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ) ولا تأخذوا بالظنّة وتشبّهوه على أنفسكم بالحزم، فإنّ الحزم احتياط المرء في أمره، والظنّة اعتداء على الغير بغير حجّة، ولا يحملنّكم بغضُ من تكرهونه على تجاوز حرماته، كما قال الله سبحانه: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ) وقد جاء عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال في خطبةٍ له في وقعة صفّين في جملة وصاياه: "..ولا تمثّلوا بقتيلٍ، وإذا وصلتم الى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً ولا تدخلوا داراً ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلّا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيّجوا امرأةً بأذى وإنْ شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم"...) هذه أيضاً حرمةٌ أخرى وهي حرمة انتهاك أعراض الآخرين، والتعرّض لهم بسبٍّ أو شتمٍ بلسانٍ أو يد، وإن هم تعرّضوا الى هؤلاء المقاتلين بشيء من ذلك، كما أنّ من جملة الوصايا أن لا يؤخذ إنسانٌ بجريمة وجريرة شخصٍ آخر، شخص مقاتل معتدي يجب قتالُه لكن هناك شخصٌ آخر ربّما ابنه أو أخوه أو أبوه أو من أقربائه من عشيرته من مدينته ربّما كان موجوداً هناك، لكن لا علاقة له بالقتال فلا يجوز أن يؤاخذ ابن هذا المقاتل أو أخو هذا المقاتل أو أبو هذا المقاتل وهو ليس له دخل في القتال والاعتداء، لا يؤاخذ بجريرة ذلك الذي يُقاتل كما ورد في الآية القرآنية الكريمة، ثم لا يجوز الأخذ لو أنّه شخصٌ اشتُبِه به، هناك ظنّ به ربّما أو شبهة لا يؤخذ على هذا الظنّ وعلى التوهّم فإنّ الشريعة الإسلامية قد أمرت بأن يؤاخذ الإنسان وفق الحجّة والدليل الشرعيّ، فإن ثبت وفق الحجّة والدليل الشرعيّ أنّه يقاتلكم حينئذٍ يُمكن أن يؤاخذ بذلك ولا يحصل اشتباه لكم، أيّها المقاتلون أحياناً تتصوّرون الظنّ والشبهة هو حزمٌ مطلوب في المعركة، كلا.. الحزم هو الاحتياط أي أن يحتاط الإنسان خصوصاً في هذه الحرمات، أمّا الظنّ والشبهة فلا يجوز الأخذ بها وتترتّب عليها هذه الآثار، ولا يحملنّكم هذا البغض على أن تعتدوا على حُرمات أخرى ومنها التمثيل بجثّة القتيل، كما ورد النهي عن ذلك في وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام)، ثم أيضاً إذا وصلتم الى هؤلاء في منطقة الحرب هناك أموال للمقاتلين في البيوت، وهناك أموال ومعدّات وأعتدة وغير ذلك في ساحة القتال هذه حلال، لكن هناك أموال في البيوت كما في وصيّة أمير المؤمنين(عليه السلام) حتى إن كانت تعود الى مقاتلين وقُتِلَ هذا المعتدي وهذا المقاتل فهذه الأموال تعتبر إرثاً لأولئك البقيّة من أفراد هؤلاء المقاتل فلا يجوز التعرّض لها، هذه وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام) إمامنا وقدوتنا، وصاياه التي بيّنتها الروايات المأثورة والسيرة المأثورة هكذا، في وصاياه وسيرته كان لا يجوز التعرّض لها لأنّها تعتبر إرثاً لأولئك، كما أنّه لو واجهتم أمراً ربّما امرأة سبّت شتمت لا تهيّجوا هذه المرأة ولا تُثيروا مشاعرها ربّما هي متأذّية من أمرٍ ما فسبّت وشتمت، وربّما تسبّ وتشتم قادتكم وصلحاءكم وأناساً تعتزّون بهم هم قادةٌ لكم من صلحائكم وهؤلاء شخصيّات كبيرة لديكم، إذا تأتي هذه المرأة تسبّ هؤلاء الصلحاء والقادة فلا تردّوا بسبٍّ أو شتم، أو قد يكون هناك تعرّض لبعض قادتكم بإيذاء -بكلام مؤذي- أنتم لا تردّوا، هكذا هي وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام) ووصايا المرجعيّة الدينيّة العُليا، وكما ورد في جملة وصايا أمير المؤمنين(عليه السلام): "..ولا تمثّلوا بقتيلٍ، وإذا وصلتم الى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً ولا تدخلوا داراً ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلّا ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيّجوا امرأةً بأذى وإنْ شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم".
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لاتّباع هذه التوجيهات والنصائح والأخذ بوصايا وتوجيهات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ووصايا أمير المؤمنين(عليه السلام) والأخذ بها، اللهم ارحمنا برحمتك واعفُ عنّا بجودك وكرمك وأصلح شؤوننا للدنيا والآخرة إنّك سميعٌ مجيب، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.