كفوف العطاء
المرجعية الدينية في النجف تستجيب لنداء الإغاثة وتدعم نازحي المحافظات المنكوبة(6)
2024/11/23
المرجعية الدينية سند إنساني راسخ لإغاثة النازحين في أحلك الظروف

في ظل الظروف الصعبة التي عاشها العراق خلال السنوات الماضية بسبب سيطرة التنظيمات الإرهابية على مساحات واسعة من أراضيه، برزت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بدورٍ إنسانيٍ عظيمٍ يعكس عمق التزامها الأخلاقي والديني تجاه أبناء الشعب العراقي. لم تكتفِ المرجعية بإصدار الفتاوى ودعوات الدفاع عن الوطن، بل كانت المبادرة إلى العمل الإنساني الميداني عبر إغاثة آلاف العوائل النازحة التي تركت منازلها قسرًا بسبب العنف والدمار.

لمكتب المرجعية ولجنة الإغاثة التابعة له دور أساسي في تقديم المساعدات للعوائل التي نزحت من مناطقها بسبب الأحداث الدامية. فمع تزايد أعداد النازحين في محافظة الأنبار وديالى وصلاح الدين، قامت اللجنة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى العوائل التي استقرت في قرية الشهامة في أطراف تكريت، وكذلك إلى مئات العوائل التي اضطرت للعيش في بنايات مهجورة وهياكل غير مكتملة. كانت هذه العوائل، التي تجاوز عددها الألف، تعاني ظروفًا قاسية للغاية، إذ كانت غالبيتها من الأرامل والأيتام الذين فقدوا كل ما يملكون. ومع ذلك، لم تتوانَ المرجعية عن تقديم العون، حيث جرى توزيع المساعدات في تلك المناطق بعد وجبة الإفطار في يوم رمضاني، في أجواء مليئة بالحب والروحانية.

لم تتوقف جهود الإغاثة عند هذه المناطق، بل امتدت لتشمل النازحين من الموصل والأقضية والنواحي التابعة لمحافظة نينوى، حيث أطلقت المرجعية دعوة كبرى لإغاثة هؤلاء النازحين الذين واجهوا أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة. لقد أثرت هذه الدعوة في جموع المؤمنين من محافظات الوسط والجنوب العراقي، الذين بادروا إلى تنظيم قوافل مساعدات ضخمة. تحركت قوافل تضم مئات السيارات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الضرورية، متحدية كل الصعوبات اللوجستية والمخاطر الأمنية للوصول إلى مخيمات النازحين. هذه المخيمات، التي كانت في مناطق الجنوب والشرق والغرب من الموصل، أصبحت وجهة للعديد من الفرق الإغاثية التي أرسلتها المرجعية والهيئات التابعة لها.

كانت الظروف الجوية والمخاطر الأمنية المحيطة بتلك المناطق عائقًا كبيرًا أمام عمليات الإغاثة، لكن ذلك لم يثنِ الجهود عن تحقيق هدفها الإنساني.
القوافل التي وصلت إلى النازحين حملت معها رسالة تضامن وأمل، ورسخت في الوقت ذاته صورة المرجعية كصوت للإنسانية والعطاء.

وقد وثقت وسائل الإعلام، مثل وكالة "الأناضول" وصحيفة "الصباح الجديد"، تابعها "موقع الفتوى الدفاع الكفائي" هذه الجهود التي وصفتها بأنها انعطافة كبيرة في العمل الإغاثي بالعراق، ونقلت تلك الوسائل مشاهد القوافل وهي تحمل خيامًا للنازحين، ومدافئ، وبطانيات، فضلًا عن سلات غذائية ومستلزمات طبية، تم توزيعها في حملات منظمة مثل حملة "لأجلكم" التي أطلقتها قيادات الحشد الشعبي استجابةً لنداء المرجعية.

لم تقتصر استجابة المرجعية على الدعم المادي فقط، بل شملت الجوانب المعنوية التي مثلت ركيزة أساسية لهذه الجهود. لقد حمل معتمدو المرجعية سلام العوائل النازحة وتحياتهم إلى سماحة السيد المرجع الأعلى، وهو ما عكس عمق الامتنان الذي يشعر به هؤلاء تجاه المرجعية، التي اعتبروها سندًا قويًا للشعب العراقي في أوقات الشدة. كما أكدوا أن ما قامت به المرجعية والهيئات التابعة لها يمثل أعلى درجات الإنسانية وأصدق أشكال التضامن.

إن الدور الذي لعبته المرجعية في إغاثة النازحين لم يكن مجرد استجابة لحالة طارئة، بل كان تعبيرًا عن نهج مستمر في دعم المستضعفين وتلبية احتياجاتهم. في وقتٍ عجزت فيه الحكومة والمنظمات الدولية عن تلبية كامل احتياجات النازحين، كانت المرجعية الدينية حاضرة بكل ثقلها المعنوي والمادي، لتثبت أنها ليست فقط مرجعية دينية، بل مرجعية إنسانية حملت على عاتقها هموم الوطن والمواطن، ووقفت سدًا منيعًا في وجه كل محاولات تفتيت النسيج الاجتماعي.
صور من الخبر