كفوف العطاء
معتمد المرجعية السيد احمد الشوكي وأهالي قضاء الأحرار.. ملحمة عطاء ودعم تحت راية الفتوى المباركة
2024/11/29
عندما أطلقت المرجعية الدينية العليا، المتمثلة بسماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، فتوى الجهاد الكفائي في عام 2014، كان العراق يمر بأصعب مراحله، حيث واجه خطر الإرهاب الذي هدد الأرض والعرض والمقدسات. كانت تلك الفتوى المباركة نقطة تحول كبيرة في تاريخ البلاد، إذ دعت أبناء الشعب العراقي إلى الدفاع عن وطنهم بكل ما يملكون من إمكانيات. في هذا السياق، برز الدور المتميز لمعتمد المرجعية الدينية العليا السيد أحمد حميد الشوكي في قضاء الأحرار بمحافظة واسط، الذي قاد جهودًا ميدانية وإنسانية فريدة لدعم القوات المقاتلة والتخفيف عن العوائل النازحة.

انطلقت الجهود الجماعية من قضاء الأحرار بعد دعوة السيد الشوكي من منبر الجمعة في مسجد الأحرار الكبير يوم 23 حزيران 2014، حيث حث الأهالي على الاستجابة لنداء المرجعية وإعداد أنفسهم للدفاع عن الوطن. كانت تلك الدعوة بداية لتشكيل حملة شعبية واسعة، انبثقت من المواكب الحسينية التي تحمل إرث العطاء، وشملت جمع التبرعات وتنظيمها وإرسالها لدعم المقاتلين في ساحات القتال.

شارك أهالي قضاء الأحرار في العمليات العسكرية بشكل مباشر، حيث خاضوا معارك بطولية بلغت 31 معركة ضد تنظيم داعش الإرهابي. إلى جانب ذلك، قادت الحملة ما يزيد عن 132 طلعة للدعم اللوجستي، بمشاركة حوالي 2700 متطوع. امتدت جهود الدعم إلى أكثر من 170 منطقة، شملت المحافظات الساخنة مثل صلاح الدين، الأنبار، ديالى، نينوى، وكركوك، إلى جانب مناطق أخرى مثل آمرلي والحويجة وجرف النصر وسامراء وغيرها. وتنوع الدعم المقدم بين المواد الغذائية والأسلحة، بالإضافة إلى الدعم المعنوي المتمثل في إقامة مهرجانات شعرية ومعارض صورية للشهداء، ما ساهم في رفع الروح المعنوية للمقاتلين.

كانت المواكب الحسينية في القضاء، مثل "موكب شهداء المسيرة المليونية" و"موكب زين العابدين" و"موكب أنصار الحشد الشعبي"، في طليعة الجهود الداعمة، حيث ساهمت في تجهيز الحملات اللوجستية ونقل التبرعات باستخدام عشرات العربات. ولم تقتصر التبرعات على المواد الغذائية أو الأسلحة، بل شملت أيضًا التبرعات العينية، التي تم جمعها وتنظيمها عبر لجان مختصة تحت إشراف السيد الشوكي.

لم تقتصر جهود السيد الشوكي وأهالي الأحرار على دعم المقاتلين فقط، بل امتدت لتشمل إغاثة العوائل النازحة من المناطق التي دمرها الإرهاب. بلغ عدد الأسر النازحة التي تم مساعدتها أكثر من 1000 عائلة، حيث تم توفير مساكن ملائمة لهم، إلى جانب توزيع الثلاجات والمبردات، وتوفير الملابس والأغطية والسلال الغذائية بشكل دوري. كانت هذه الجهود مثالًا حيًا على التكافل الاجتماعي والإنساني.

حرص السيد الشوكي على إحياء ذكرى الشهداء وتخليد تضحياتهم من خلال إقامة مواكب تشييع وجلسات تأبين، بالإضافة إلى معارض فنية وصورية توثق بطولاتهم. كما أُقيمت جلسات قرآنية وفعاليات مسرحية دعمت الروح المعنوية وسلطت الضوء على بطولات الأبطال الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن.

كان لعوائل الشهداء نصيب كبير من اهتمام السيد الشوكي، حيث استمر في التواصل معهم لتخفيف معاناتهم وتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم. تم تنظيم زيارات تكريمية للعوائل، مستلهمًا القيم النبيلة من سيرة أهل البيت (عليهم السلام)، وهو ما كان له أثر عميق في رفع معنوياتهم وتعزيز صمودهم.

لم يكن دور السيد الشوكي وأهالي قضاء الأحرار مقتصرًا على الجهد العسكري أو الإغاثي فقط، بل تعداه إلى توثيق التضحيات وتعزيز الوعي بقيمة الوحدة الوطنية من خلال تنظيم المهرجانات والفعاليات الثقافية. هذه الجهود أسهمت في توحيد الصفوف وتعزيز القيم الوطنية، مؤكدة أن الشعب العراقي بمختلف مكوناته يقف صفًا واحدًا في مواجهة التحديات.

سيظل الدور الذي قام به السيد أحمد حميد الشوكي وأهالي قضاء الأحرار علامة فارقة في تاريخ العراق الحديث. فقد قدموا نموذجًا ملهمًا للتلاحم بين القيادة الدينية والشعب، حيث اختلطت التضحيات بالعمل الجماعي والتفاني من أجل الوطن. هذه المسيرة المباركة ستبقى شاهدة على قوة الإيمان وروح التضحية التي تجمع أبناء العراق في مواجهة المحن والتحديات.
صور من الخبر