كفوف العطاء
لواء أنصار المرجعية: علم العراق هو شموخ وكرامة اللواء(1)
2025/01/22
لكل دولة من الدول علم خاص بها يجسد تاريخها وتراثها ويعبر عن ارثها وحضاراتها ومقدساتها، فهو الممثل الاول وعنوان وجود تلك الدول والاعتراف بسيادتها، وبطبيعة الحال فإن العراق ولما يحمله من تاريخ عظيم امتد الى آلاف السنين ومجد كبير تركه الآباء والاجداد الى اسلافهم فقد تجسد ذلك بصورة واضحة في العلم العراقي الذي يمثل رمز العراق ووجوده ويمثل مهابة الدولة وسيادتها.
وكان لواء انصار المرجعية من ضمن الالوية التي تشكلت بزيها العسكري والرسمي بعد فتوى الدفاع الكفائي اسوة بباقي الالوية الاخرى على الرغم من تشكيله الحقيقي قبل هذا التاريخ بمدة، فقد كان لزاماً عليه ان يضع علماً خاصاً به تماشيا مع ما سار عليه العرف لدى اغلب الالوية التي اتخذت اعلاماً بأشكال متعددة ترفعها مع العلم العراقي، ولكن أبى ابناء اللواء (أنصار المرجعية) الانصياع للعرف السائد في حينه وتمسكوا بفتوى المرجعية الدينية العليا اولاً بالعمل تحت إمرة القوات الامنية، وبعروبة وعراقة وتاريخ علم العراق فلم يرفعوا اي علم آخر سوى العلم العراقي.
وقد تأكد هذا الامر فعلاً وقولاً من خلال السيد حميد الياسري الذي كان يذكر في كل محفل بأن علمنا هو علم العراق ودمنا ملك للعراق ووجودنا بوجود العراق فلا خير فينا ولا وجود لنا بانعدام العراق، وكان العراق وتاريخه وشموخه يجري في شرايين دم المقاتلين، وهذا ما تجسد فعلاً على ارض الواقع، فكلما قطعت الاجساد وحُزَّتِ الرؤوس علا علم العراق ازداد شموخه.
ومن اوضح الدلائل على ذلك الشعار الذي رفعه اللواء منذ بداية التشكيل وهو (النصر او الشهادة) فلا ثالث لهما، فإما نصر مؤزر او شهادة مشرفة، وفي كلا الحالتين فإن المنتصر هو العراق، وكان اللواء يرفع هذا الشعار في كل المحافل والمهرجانات والمناسبات ووضعه في سجلاته ومخاطباته الرسمية، فكان خارطة طريق يسير عليه ويهتدي بها لنيل الشرف العظيم في الوجود والبقاء لهذا البلد وهذه الامة العريقة فطوبى لك من بلد وطوبا لأبنائك من ابناء.


كيف تم تجهيز اللواء عسكرياً ولوجستياً؟
بعد صدور الفتوى باشر السيد حميد الياسري بتشكيل اللواء وحدد افراده بأنهم تشكيلة انصار المرجعية الاولى اضافة الى المتطوعين الجدد الذين لبوا نداء فتوى المرجعية، وكان من بين اهم شروط الانتماء ان يحمل المقاتل بندقيته الخاصة وعتاده الخاص وان يكون مستعداً لدعم نفسه بنفسه وعدم الاعتماد على الحكومة في اي شيء، مما اثر على عدم التحاق الكثيرين مع اللواء، حيث لا يستطيعون جلب اسلحة لعدم امتلاكهم إياها مما دفعهم لترك اللواء والانخراط مع باقي الفصائل التي شكلت لاحقا والتي كانت مدعومة من بعض الجهات التي تملك الاموال، بحيث لا يحتاج المقاتل ان يجلب سلاحه من داره.
فجلب جميع المقاتلين اسلحتهم الخفيفة والساندة اضافة الى استخدام عجلاتهم الخاصة، وفتح باب التبرع لدعم اللواء فقام بعض الموالين من ابناء المدينة بدفع الاموال وحسب استطاعتهم، فجمع مبلغ لا بأس به لتأجير سيارات لنقل المقاتلين وشراء بعض احتياجاتهم الضرورية كالمواد الغذائية واواني الطبخ وخيم ومعونه وكل ما يحتاجون اليه اثناء المعركة، فكان اعتماد اللواء وتمويله ذاتياً بحيث أصبح تشكيلاً متكاملاً، من حيث العدة والعدد والاكتفاء الذاتي، الا ان المعركة تحتاج الى الكثير من الدعم المالي واللوجستي وان العدو لديه الامكانيات الكثيرة والمدعومة دولياً، ولكن عزيمة المقاتلين اقوى من ذلك بكثير.
كان الدور الاول والاساسي لقائد اللواء السيد حميد الياسري حيث كان محل احترام وثقة اغلبية اهالي المدينة والمناطق المحيطة بها فأثر ذلك على زيادة اقبال الناس عليهم خصوصاً وان التشكيل وقائده لا ينتميان الى حزب معين او كتلة معينة وانما ينتمي للعراق بأكمله وبإمرة المرجعية الدينية العليا، فكان هذا من اهم اسباب جذب المجاهدين الى اللواء.


الالتحاق والاعداد
الانطلاقة الاولى للواء بعد صدور الفتوى كانت الاتصالات مستمرة مع السيد حميد الياسري قبل الفتوى وبعدها من قبل سماحة السيد محمد رضا السيستاني نجل السيد الامام السيستاني (دام ظله الوارف) وكذلك سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) ممثل المرجعية الدينية في كربلاء المقدسة من اجل الاعداد والالتحاق وتحديد المنطقة التي سيلتحق اليها اللواء.
وفي يوم ٢٠١٤/٦/١٥ كانت العجلات واقفة أمام مؤسسة الامام المنتظر(عج) لنقل المقاتلين الى ساحات الدفاع حيث توافدت الآلاف لكن عدد السيارات كان يتحمل ٣٥٠ مقاتلاً فقط، الا ان قرار السيد بعدم التحاق اي مقاتل لا يحمل البندقية والعتاد الكامل حال دون ذلك العدد ورجع المئات من المقاتلين وهم يتوسلون للذهاب ولكن سماحة السيد حميد، أخبرهم بأننا لا نملك الدعم من اي جهة ثانية فمن لم يستطع ان يأتي ببندقية عليه ان يبقى للوجبة الثانية ويلتحق بعد ان يدبر اموره ويحضر لامة حربه.

ومن جانب آخر كيف يذهبون وهم لا يحملون السلاح، فركب من سنحت له الفرصة واحضر عدته بالكامل ورجع من لم يوفق في ذلك على امل الالتحاق في الوجبة الثانية وسط هتافات واهازيج اهل المدينة في ذلك الموقف الخالد الذي اعاد للأذهان انتفاضة ثورة العشرين وما جرى فيها آنذاك، الا ان هنالك فرقاً كبيراً بين هذه وتلك، اذ ان الاولى كان الانكليز هم من اتوا الى الرميثة وانتفض اهلها عليهم وجرى ما جرى، اما الآن فمدينة الرميئة آمنة ولم ولن يصلها الارهاب ولكن أبناء الرميثة هم من سيذهبون لملاقاة الارهاب ومقاتلته في عقر داره.

فكما كان لأهل الرميثة وعشائرها وقراها السبق في ثورة العشرين كذلك أصبح لهم السبق في الالتحاق، إذ كان لواء أنصار المرجعية اول لواء يلتحق ويلبي نداء المرجعية وخلال ٢٤ ساعة فقط من إطلاق الفتوى بعد ان كان تشكيله فيها والاعلان عنه في ظهيرة يوم الجمعة بعد الفتوى مباشرة.
كان المقاتلون يحملون الاسلحة الخفيفة وبعضها اسلحة قديمة كانوا قد ورثوها من آبائهم واجدادهم غنيمة من الانكليز في وقتها مثل (الطويلة) والكندة والمطموسة) وغيرها والبعض الآخر يحمل الاسلحة الأتوماتيكية كالرشاش مثلاً وكانوا يتغنون بحب الوطن وفداء الدين والمذهب والمقدسات.
تحركت العجلات الى جبهات القتال وسط الاهازيج وإطلاق العيارات النارية من قبل المشيعين للواء وتوجهوا صوب ارض المعركة، اذ كانت مهمتهم التوجه الى مدينة سامراء المقدسة دفاعاً عن العسكريين لينالها واهل المدينة، وذلك حسب توجيه المرجعية الدينية العليا اذ كان ممثلها سماحة السيد احمد الصافي (دام عزة) متواجداً في سامراء في حينها حيث اتصل بالسيد حميد الياسري وطلب الالتحاق اليها مباشرة وانه في الانتظار بسبب صعوبة موقف المدينة وقرب الارهابيين منها.
وما هي الا ساعات حتى وصل الركب الى بغداد وشق طريقه وسط بغداد والاهازيج تصدح من حناجر ابنائه (احنا حزامج يا بغداد)، وعندما أرادوا التوجه الى سامراء كان لابد لهم من التنسيق مع الاجهزة الامنية وحسب نص الفتوى فأخبروهم في وزارة الداخلية بان الطريق الى سامراء مقطوع ولا يمكن الذهاب الا بالطيارة وحالياً لا يمكن تأمين طائرات لهذا العدد وكان الرتل قد تجمع في الكلية العسكرية منتظراً الحصول على الاذن بالتحرك نحو سامراء ولكن دون جدوى، وطلبت الأجهزة الامنية من السيد حميد الياسري العودة الى الرميئة لحين أن يتم تأمين الطائرات ويتم الاتصال به.
كان الموقف صعباً جداً فالمقاتلون ودعوا اهلهم وعيالهم وتحضروا للموت دون الوطن والدين، فكيف لهم الرجوع دون ان يحققوا شيئاً، فرفض الجميع العودة وطلبوا الذهاب براً وعلى طريق الموت متحدين الصعاب.
في هذه الاثناء حدث اتصال بالسيد حميد الياسري من قبل المرجعية الدينية تطلب منه العودة وعدم تعريض حياة المقاتلين للخطر؛ لأنهم رهان المرجعية ويجب ان تحافظ عليهم وسيلتحقون في أقرب فرصة، ونظراً لتأثير سماحة السيد الياسري على ابناء اللواء وطيب أخلاقه وتعامله الحسن فبمجرد أن أخبرهم برأي المرجعية انصاع الجميع وامتثلوا وتم عودة الرتل الى الرميثة ليصلوا ليلاً اليها.
وهنا انشد المقاتل ابو عامر الحساني اهزوجة قائلا:
ناس تکص صوايه وناس تتربط ...
واحنا للعراق نفصل مرقط ...
نريده دوم عالي اعلى العكل ينحط ...
الله يشهد ما ننزع هاي البدلة وداعش بيك.