في مبادرة إنسانية من مبادرات كفوف العطاء التي دأبت عليها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، شُكّلت لجنة خاصة بالتعاون مع مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية لزيارة عدد من عوائل الشهداء الكرام في منطقة الكمالية / حي الزهراء بمحافظة بغداد، ممن قدّموا أبناءهم قرابين من أجل الوطن والمقدسات.
وتهدف هذه الزيارات إلى الوقوف عن كثب على أحوال هذه العوائل، والاطلاع على ظروفهم الصحية والمعيشية، ونقل سلام ودعاء ومواساة سماحة السيد المرجع الأعلى (دام ظله الوارف) إليهم، والاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم وتوثيقها.
وقد تشرفت اللجنة بلقاء عشر عوائل من ذوي الشهداء، حيث حمل اللقاء مشاعر الإكبار والعرفان لتضحياتهم، وتم تدوين البطولات التي سطّرها أبناؤهم المضحون في ميادين الشرف والكرامة.
ومن بين اللقاءات المؤثرة، كان حديث والد الشهيد السعيد "حسين علي سلمان القريشي"، الذي تحدّث بحرقة ممزوجة بالرضا والفخر قائلاً:
"بعد دفن جثمان ولدي عدت مرهقًا فغلبني النعاس، وإذا بي أراه في رؤيا يناديني: أبي، لماذا تركتني هنا؟ ثم رأيت شخصًا يقترب منه ويقول له: لا تنادِ على أبيك، أنت معي، ثم قال لي ولدي: أبي، لقد أتاني الإمام الحسين (عليه السلام)، ثم أتى آخر على فرس وقال لولدي: لا تخف، إنك معنا فقال لي ولدي: أبي، لقد أتاني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، اذهب ولا تخف علي، فقد أصبحت في كنفهما.
هذه الرؤيا أبردت قلبي، وجعلتني أغبط ولدي على ما هو فيه من نعيم وكرامة."

تجسّد هذه المبادرة عمق الارتباط بين المرجعية الدينية العليا وشعبها، وحرصها المستمر على رعاية ذوي الشهداء، الذين قدّموا فلذات أكبادهم في سبيل الدفاع عن الوطن والمقدسات.
وتؤكد المرجعية عبر هذه اللجان زياراتها الميدانية الدائمة، والتواصل الحي مع الشرائح المضحية، تثبيتًا لقيم الوفاء والعرفان، ومواصلةً للمسيرة الإنسانية في رعاية من قدّموا أغلى ما يملكون من أجل العراق.