كفوف العطاء
لجنة الإغاثة التابعة لمكتب المرجعية العليا في النجف الأشرف: يد العطاء التي لم تنقطع عن أبناء الوطن
2025/05/09


في أوقات الشدائد، تتجلّى القيم الإنسانية بأبهى صورها، ويبرز دور المرجعية الدينية بوصفها ملاذاً آمناً للمحتاجين والمنكوبين.
هكذا كانت لجنة الإغاثة التابعة لمكتب المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، صدى صوت المرجع الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)، وامتداداً عملياً لتوجيهاته الأبوية التي جعلت من كفوف العطاء سبيلاً للتخفيف من معاناة النازحين والمتضررين في أحلك ظروف العراق المعاصر.

الواجب الإنساني في مواجهة التهجير
مع اشتداد هجمة الإرهاب الداعشي وتوسّع رقعة النزوح والدمار في المناطق الغربية من العراق، نهضت لجنة الإغاثة بمسؤولياتها الإنسانية والدينية، حيث تحولت إلى خلية عمل ميدانية لا تعرف التوقف، تجوب المحافظات المنكوبة، وتلامس جراح العوائل المهجّرة التي عانت من التهجير القسري ومرارة الفقد والتشرد.

وفي شهر آذار من عام 2016، سجّلت لجنة الإغاثة واحدة من محطاتها المؤثرة، حيث زار وفدها قضاء المعتصم وقرية الحردانية التابعتين لمحافظة صلاح الدين، من أجل الوقوف على أوضاع العوائل المتضررة وتقديم الدعم المباشر لها. وقد لاقى الوفد ترحيباً حاراً من قبل وجهاء القضاء ورؤساء العشائر ورجال الدين الذين عبّروا عن امتنانهم البالغ لما تقدمه المرجعية العليا من دعم لا يُنسى، وأكدوا بعبارات مؤثرة أن:

"بعد الإيمان بالله تعالى وبأهل البيت (عليهم السلام) ليس لنا أحدٌ سوى مرجعية السيد السيستاني، فهو خيمة جميع العراقيين".

مساعدات سخية تجسد الرحمة والرعاية
تضمنت الزيارة توزيع (2500) سلة غذائية متكاملة، وأكثر من (500) بطانية، إضافة إلى صرف منح مالية عاجلة للعوائل الأشد تضرراً، وهي مبادرات لم تكن مجرد مواد عينية بل رسائل أمل وسند معنوي غيّرت مجرى حياة كثير من الأسر المنكوبة.

وفي اليوم ذاته، وتحديداً بتاريخ 16 آذار 2016، امتدت أيادي لجنة الإغاثة نحو مخيم العباسيات في محافظة صلاح الدين، حيث كانت العوائل النازحة من جزيرة سامراء تنتظر بصيص أمل يعيد لهم شيئاً من الأمان المسلوب. وقد عبّر أحد النازحين عن مشاعره الصادقة بكلمات اختصرت معاناة الكثيرين:

"قلوبنا أحبتكم، والله وحده يثمن ما تقدمه المرجعية العليا من مساعدات للنازحين".

وقد شملت الزيارة توزيع أكثر من (1500) سلة غذائية، وتجهيز المخيم بمرافق صحية للنساء والرجال، إلى جانب تقديم منح مالية للعوائل ذات الضرر الأكبر، وتخصيص دعم خاص لشريحة المعاقين الذين نالهم من الألم ضعف ما نال غيرهم.

رسالة المرجعية: المرجعية ليست للعقيدة فحسب بل للحياة
إن تحركات لجنة الإغاثة لم تكن مجرد استجابة ظرفية، بل كانت ترجمة حقيقية لفلسفة المرجعية العليا التي تؤمن بأن دورها لا ينحصر في التوجيه الديني، بل يتسع ليشمل الشأن الاجتماعي والإنساني والوطني. ومن هنا، تحوّلت اللجنة إلى جسر متين يربط بين توجيهات المرجع الأعلى واحتياجات العراقيين في أحلك الظروف.

لقد أدرك النازحون، كما سائر العراقيين، أن المرجعية العليا لم تكن يوماً بعيدة عن همومهم، وأنها لم تدّخر جهداً في تضميد جراحاتهم، وتوفير المأوى والغذاء والدواء، بل والدعم النفسي والروحي في زمن ساد فيه اليأس وانهارت فيه الكثير من القيم.

الوفاء لنهج العطاء
تمضي لجنة الإغاثة التابعة لمكتب المرجعية العليا في النجف الأشرف بخطا ثابتة، لا تنشد سوى رضا الله، وتعمل بجهد دؤوب في سبيل خدمة الإنسان العراقي، مستلهمة نهج أهل البيت (عليهم السلام) في الإيثار والتكافل، غير آبهة بتحديات المكان أو وعورة الطريق.

وبينما تطوى صفحات المآسي واحدة تلو الأخرى، يبقى أثر هذه الجهود شاهداً على مر الزمان، بأن هناك من حمل همّ العراقيين جميعاً، ووضع أرواحهم فوق كل اعتبار، وسار بهم نحو بر الأمان، بقلوب مؤمنة، وعقول حكيمة، وضمائر حية.
صور من الخبر