في مثل هذا اليوم.. سقوط الضلوعية وصمود عرب جبور يشعلان شرارة التحرير
2025/06/11
في صباح الحادي عشر من حزيران عام 2014، اجتاحت عناصر تنظيم داعش الإرهابي ناحية الضلوعية التابعة لمحافظة صلاح الدين، فارضة سيطرتها على البلدة وسط انهيار أمني مفاجئ وغياب الدعم الحكومي في تلك اللحظات الحرجة. لكن بعد يومين فقط، تفجّرت شرارة الغضب في بعض العشائر العربية الأصيلة، التي رفضت الخنوع لهذا التنظيم الدموي الذي لا يمتّ بصلة لا للدين ولا للإنسانية، فانتفض رجالها بشجاعة نادرة، وأجبروا مسلحي التنظيم على الفرار نحو أطراف ديالى وسامراء.
غير أن التنظيم لم ينسَ الضربة، فعاد بعدها بشهر ليشنّ هجوماً شرساً على الناحية، فارضاً حصاراً خانقاً من ثلاث جهات، بعدما دمّر جميع الجسور التي تربط الضلوعية بالمدن المجاورة، ليعزلها بشكل تام عن أي إمداد غذائي أو عسكري. استمر هذا الحصار القاسي لأكثر من 200 يوم، سقطت خلالها أغلب مناطق الناحية، باستثناء منطقة عرب جبور التي بقيت شوكة في حلق التنظيم، حيث صمد أبناؤها الشجعان في وجه الإرهاب، ورفضوا الانكسار رغم القصف والجوع وانقطاع الدعم، رافعين رؤوسهم عاليةً بإيمانهم ووحدتهم.
وفي ضوء هذه المقاومة البطولية، باشرت القوات الأمنية، ومعها المجاهدون الذين لبّوا نداء المرجعية الدينية العليا بالفتوى الدفاعية، بتنفيذ عملية عسكرية واسعة لتحرير الضلوعية، ضمن عمليات تحرير قضاء بلد. وتمكنت تلك القوات من استعادة السيطرة على مناطق حيوية، من بينها خزرج، الجسر الرئيسي، شارع المعرض، ومحطة وقود الضلوعية، بعد معارك عنيفة كبّدت العدو خسائر فادحة. كما وصلت شحنات من الأسلحة المتنوعة والأعتدة إلى القوات المرابطة، في خطوة دعمت صمود المدافعين وأعادت الأمل إلى الأهالي، وخاصة في عرب جبور الذين كانوا رمز الصبر والثبات.
وازدادت الاشتباكات ضراوة بين القوات المحررة وتنظيم داعش، لتتحول الضلوعية إلى ساحة معركة دامية استبسل فيها الأبطال من الجيش والحشد الشعبي والعشائر، ولقنوا تلك العصابات الإجرامية درساً لن تنساه. وقد بلغت هذه العمليات ذروتها في نهاية كانون الأول 2014، حين تمكن الجيش العراقي والحشد الشعبي وبإسناد مباشر من عشائر الضلوعية من استعادة السيطرة الكاملة على الناحية.
وجاءت نقطة التحول الكبرى عندما فُتحت السواتر الترابية من جهة منطقة "آلبو طعمة" التي كان يسيطر عليها التنظيم بكثافة، وهناك وقع الاشتباك الأول الحاسم، حيث اندفعت القوات نحو الضلوعية في عملية التفاف جريئة. تمكّنت القوات من كسر خطوط الدفاع الأولى لداعش، وقتل أعداد كبيرة من عناصره، لتُفتح بعدها أبواب النصر.
وسرعان ما أحكمت القوات السيطرة على كامل المنطقة، وواصلت التقدم لمدّ خطوط التماس مع أهالي الضلوعية الذين صمدوا من الداخل وقاوموا ببسالة رغم قسوة الحصار، ليكتمل بذلك مشهد التحرير الذي أعاد الضلوعية إلى أحضان الوطن، بعدما دفعت ثمناً باهظاً في مواجهة الإرهاب.
_________________________________________________
المصدر : موسوعة فتوى الدفاع الكفائي، الجزء السابع، ص 72 .