الاخبار
"لأجلكم".. حين تنادت ضمائر الوطن لنصرة الإنسان وتخليد الكرامة
2025/06/29
حين دوّت كلمات المرجعية الدينية العليا بنداءها التاريخي، لم تكن مجرد دعوة عابرة، بل صرخة ضمير، أيقظت ما سكن في قلوب العراقيين من شهامةٍ وأصالة.
ومن عمق ذلك النداء ووهج التضحية، انطلقت حملة "لأجلكم" المباركة، لتكون سِفرًا إنسانيًّا خالدًا سُخرت فيه كل الطاقات والإمكانات لإغاثة النازحين من مدينة الموصل الجريحة، تلك المدينة التي عانت من ويلات الإرهاب والتهجير، فكان العراقيون أبناء الفرات الأوسط والجنوب لها خير سند وملاذ.
ولأن التاريخ يُكتب بالمواقف، لا بالكلمات، وثّقت مؤسسة الوافي للتوثيق والدراسات هذه الحملة الخالدة ضمن موسوعتها الضخمة "موسوعة فتوى الدفاع الكفائي"، التي جاءت في (80 مجلدًا) لتكون شاهدًا على أعظم ملحمة شعبية في تاريخ العراق الحديث.
وفي المجلد التاسع والثلاثين، سُجّلت واحدة من أبهى صور التضامن الشعبي، حيث امتزجت براءة الطفولة بصلابة الإيمان، وتجسدت أسمى معاني الفداء والعطاء في مبادرة إنسانية من إحدى مدارس العراق – مدرسة الرياحين الابتدائية في قضاء الخالص بمحافظة ديالى.
في وقتٍ تململ فيه الطفل العراقي باحثًا عن أبسط حقوقه، وكان الأثم قد دنّس طفولته وهدّد نقاءه، جاء الردّ العراقي من مدارس الصغار، لا سلاحًا فقط بل أيضًا رغيفًا وغطاءً وابتسامة.
فأطلق طلبة المدرسة وكادرها التدريسي، وبإشراف مباشر من معتمد المرجعية في القضاء "السيد باقر عبد الله الحسيني"، حملةً إنسانية شجاعة، تبرعوا خلالها بما يمكنهم من مواد غذائية، ومبالغ مالية، وملابس، وأغطية لدعم إخوانهم النازحين، ولتأييد إخوانهم المجاهدين ممن لبّوا فتوى الدفاع الكفائي.
لقد أراد الإرهاب أن يقطف زهرة الطفولة، لكن العراق كان حاضرًا برجاله ونسائه، بشيوخه وأطفاله، ليقول كلمته:
"الفتوى عزّنا، والنازح أهلنا، والدمع لا يُترك إلا ليُمسح بيد العراق".
حملة "لأجلكم" لم تكن مجرد إغاثة، بل كانت صرخة إنسانية وطنية خرجت من أعماق الوجدان العراقي، واستجابة حقيقية للواجب الشرعي والوطني والإنساني، وقد خُلدت في صفحات موسوعة الوافي، لتُعلّم الأجيال أن الكرامة لا تحفظ بالسيوف وحدها، بل أيضًا بقلوبٍ صغيرة كقلوب أطفال الرياحين، وبأيدٍ طاهرة قدّمت القليل فكان عند الله والناس كثيرًا.
صور من الخبر