هذا ما جاء في خطبة الجمعة التي القاها الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم ۱۱ شوال ١٤٣٥هـ الموافق ٢٠١٤/٨/٨م.
١. في الايام القليلة الماضية تمدد إرهابيو داعش الى مناطق اخرى من محافظة نينوى، وسيطروا على عدد من المدن التي معظم سكانها من المواطنين الايزيديين والمسيحيين والشبك، فقتلوا الكثير من الرجال، وسبوا العديد من النساء، وتسببوا في نزوح عشرات الآلاف من العوائل، وبعضهم لا يزالون محاصرين في الجبال يعانون من الجوع والعطش، وقضى العشرات من اطفالهم بسبب ذلك، في مشاهد مروعة تقرح القلوب وتجري الدموع... كما قام الارهابيون بالإضافة إلى ذلك بهدم العديد من المراكز الدينية لمختلف الاديان والطوائف، ودمروا ما نالته أيديهم من تراث المسلمين والمسيحيين والايزيديين....
إننا في الوقت الذي ندين ونشجب فيه بأشد العبارات كل ما ارتكبته عصابة داعش من اعمال ارهابية من قتل وسبي وتهجير وترويع بحق المواطنين العراقيين، ولاسيما من الاقليات الدينية والقومية، فإننا تؤكد على ما سبق أن بيناه في خطب سابقة من ان هذه العصابة الارهابية تستهدف جميع محافظات ومدن العراق، وجميع قومياته واديانه ومذاهبه، ولا يقف خطرها واجرامها عند طائفة او قومية معينة، فلا يتوهم البعض انه سيكون بمنأى من اعتداءاتها وتجاوزاتها اذا لم تتعرض له اليوم، فإنها تريد ان تقضم الجميع ولكن على مراحل.
وقد ثبت بالفعل من خلال ما قامت به هذه العصابة في الايام الماضية من التمدد إلى مناطق قريبة من اربيل، فعلى جميع العراقيين ان يوحدوا صفوفهم، ويكثفوا جهودهم في مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يهدد حاضر هم ومستقبلهم، ولتعلم كل الاطراف السياسية أن التنازع والتناحر والاختلاف بينها الذي لا أساس له في كثير من الاحيان إلا بعض المصالح الشخصية او الطائفية او القومية، قد تسبب في إضعاف الجميع، وفسح المجال للإرهابيين لأن يطمعوا في العراق وشعبه.
ومن هنا، فقد آن الأوان لكي يتنبه الجميع الى ان من أهم الشروط المطلوبة لوقف تمدد هذه العصابة الى مناطق اخرى، ثم القضاء عليها وطردها من العراق، هو توحيد القوى السياسية لمواقفها والعمل
وفق رؤية موحدة لإدارة البلد، تراعى فيها حقوق جميع المواطنين، وتحدد واجباتهم على قدم المساواة بلا اختلاف بين قومياتهم وادياتهم ومذاهبهم... وليعلم البعض انه لا قيمة لأي مكسب يتوقع حصوله عليه من وراء الاصرار على مواقفه المثيرة للاختلاف والتنازع بإزاء ما يتعرض له الشعب العراقي بأجمعه من خسائر فادحة مع تمدد هذه العصابة المجرمة.
2. إن تزايد مخاطر وجرائم الارهابيين الغرباء بحق جميع فئات الشعب العراقي وطوائفه ودياناته وقومياته يتطلب من الجهات القادرة والفاعلة في المجتمع الدولي اتخاذ مواقف عملية حاسمة تتناسب وحجم الخطر الذي أخذ يزحف الى مناطق اخرى من العراق، بل صرح بعض قادة الجماعات الارهابية انهم يستهدفون دولاً اخرى في المنطقة، وما جرى في بعض مناطق لبنان دليل ميداني على ذلك، وبالتالي فإن المأساة الانسانية للنازحين يمكن ان تتفاقم الى أضعاف ما هو موجود حالياً، ولا تكفي مجرد بيانات الادانة والمواساة لمواطني هذه المناطق المنكوبة، او ارسال بعض المساعدات الانسانية، بل يجب وبالتعاون مع الحكومة العراقية وضع خطط محكمة لمقابلة الارهابيين والقضاء عليهم، قبل أن تتوسع جرائمهم وتنال أبرياء آخرين.
كما أن المطلوب من الدبلوماسية العراقية أن تتحرك بفاعلية وجدية نحو المنظمات الدولية وشعوب العالم، لوضعهم امام الصورة المأساوية لجرائم هؤلاء الارهابيين والضغط على الدول التي يمكن ان يكون لها دور مؤثر من اجل اتخاذ موقف مساند وعملي للشعب العراق يتمكن من ايقاف زحف هذه العصابات.