السيّد الموسوي: حين لم يسترشد أصحاب القرار ولم يعوا خطر ما أشارت إليه المرجعيّة وحذّرت منه انهار الوضع برمّته واهتزّت مفاصل الدولة بأجمعها..
2016/06/01
"حين لم يسترشد أصحابُ القرار ولم يعوا خطر ما أشارت إليه وحذّرت منه المرجعيّة عبر خطابها المكتوب والمسموع من خلال خطب الجمعة في الصحن الحسينيّ الشريف، كانت النتيجة أن انهار الوضع برمّته واهتزّت مفاصل الدولة بأجمعها، حيث هدّد الإرهاب حياة الناس واحتلّ مناطق شاسعة من هذا البلد المظلوم، حينها وقفت المرجعية الدينيّة العُليا في النجف الأشرف موقفاً عمليّاً حازماً وأطلقت حكماً بالدفاع الواجب بالوجوب الكفائيّ عن البلد وما فيه من مقدّسات وحرمات.."، جاء هذا في كلمة الأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة التي ألقاها بالنيابة رئيسُ قسم الشؤون الفكرية والثقافية السيد ليث الموسوي خلال حفل ختام مهرجان فتوى الدفاع المقدّس الثقافيّ الأوّل الذي أقامه القسمُ المذكور برعاية الأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة تحت شعار: (بمداد العلماء ودماء الشهداء نحفظ أرض الأنبياء) إحياءً للذكرى السنويّة الثانية لفتوى المرجعية الدينيّة العُليا.
وأضاف: "مواقف المرجعيّة الدينيّة العُليا شاهدٌ عيان على ثباتها على الحقّ ومحافظتها على بيضة الإسلام خصوصاً في المفاصل والتحوّلات الصعبة التي تواجه المجتمعات التي تعيش بين ظهرانيها، حيث تنهض بالتصدّي لإدارة أمور الناس وتنظيم شؤونهم ورعاية مصالحهم الدينية والدنيوية، من خلال بذل غاية الوسع والمجهود لتحقيق ذلك، وبالتالي إعلاء كلمة الدين الحنيف والطائفة الحقّة".
مشيراً الى: "أنّ حوزة النجف الأشرف العلمية ظلّت تتألّق بمراجع عظام عبر هذه القرون ببركة باب مدينة العلم مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام)، فمدرستها كانت ولا زالت الحاضرة العلمية التي ترنو صوبها العيون وتهفو إليها القلوب الوالهة بالعلم، وقد توارد على زعامة الحوزة علماء أعلام وجهابذة عظماء، حفظوا تألّقها في سماء العلم والعطاء وخطّوا لها نهجاً قويماً في تثبيت أُسُس المذهب قبال ما كان يواجهه من أخطار وتحدّيات، فكانت ومنذ عصر انبثاقها ككيانٍ ظاهرٍ ومبرّز يرجع إليه الناس في أمورهم الدينية والدنيوية، وواجهت الكثير من التحدّيات والصعوبات الجمّة".
مؤكّداً: "فالمتتبّع لشأن بلدنا العراق بل المنطقة التي تحيط به يرى وبشكلٍ جليّ أنّ نداءات المرجعية الدينيّة في النجف الأشرف كلّها كانت وما زالت تصبّ في تحقيق مصالح عامّة الناس، بدءً بمحافظتها على أرواح الناس وأموالهم الخاصّة والعامّة بعد سقوط اللانظام، ومروراً بإصرارها على أن يكون للناس القولُ الفصل في اختيار ممثّليهم لكتابة الدستور، وكذلك لتشكيل الحكومات المحلّية أو المركزية، وهذا النظام الذي يُصطلح عليه (النظام الديمقراطي) هو النظام الذي تتطلّع إليه جميع شعوب العالم المتحضّر".
موضّحاً: "المرجعيّة تعيش حاضرها بما فيه من آلام وآمال، وتستشرف المستقبل في قراءة واعية لما يتطلّبه هذا المستقبل من أدوات واستعدادات نفسية ومادية، ونحن نرى هذا الاستشراق في جملة من اللّفتات والخطوات العلمية التي نهضت بها المرجعية الدينيّة العُليا، لتؤمّن حاجة المجتمع بما يتناسب وأوضاعه، ونلمس ذلك جليّاً في نصائحها وإرشاداتها للساسة وكبار الموظّفين في جهاز الدولة منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، وقد كانت جميع النصائح مطابقةً للحاجة الفعلية لتنظيم أمور الناس وتحسين معيشتهم واستقرار أمنهم، فهي بنظرتها الشريفة الثاقبة لم تألوا جهداً في تشخيص مَواطن الخلل في حركة مسؤولي الدولة وإعطائهم الخطط والعلاجات العلمية الناجعة لدرء ذلك الخلل، وحين لم يسترشد أصحاب القرار لم يعوا خطر ما أشارت إليه وحذّرت منه عبر خطابها المكتوب والمسموع من خلال خطب الجمعة في الصحن الحسينيّ الشريف، كانت النتيجة أن انهار الوضع برمّته واهتزّت مفاصل الدولة بأجمعها، حيث هدّد الإرهابُ حياة الناس واحتلّ مناطق شاسعة من هذا البلد المظلوم، حينها وقفت المرجعية الدينيةُ العُليا في النجف الأشرف موقفاً عمليّاً حازماً وأطلقت حكماً بالدفاع الواجب بالوجوب الكفائي عن البلد وما فيه من مقدّسات وحرمات، حيث لبّى هذا النداء جمعٌ غفير من أبناء هذا البلد ومن جميع طوائفه، هبّوا جميعاً لمواجهة الإرهاب الأعمى، فدفعوا شرّه من معظم مناطق نفوذه ولم يبق إلّا القليلُ منهم، يهدّدهم الاستئصال القريب".
وفي ختام كلمته أكّد الموسويّ: "يجب أن لا تذهب بنا الظنون ولا يساورنا الشكّ في حكمة ودقّة نظر المرجعية الدينية العُليا مهما اختلطت علينا الأمور وتناثرت فوقنا الشبهات واختلفت بنا الأفكار من هنا وهناك، فالتجربة والحسّ ومشاهدتها للأحداث ونتائجها خير دليلٍ على أنّ المولى تعالى بلطف عنايته بعباده، قد ادّخر لهذه الأمّة سبيل نجاة ممثّلاً بمرجعنا المفدّى والمسدّد المؤيّد بدعاء صاحب العصر والزمان(عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فهو مرشدُنا إلى الصواب إن استرشدناه، وأماننا إن استأمنّاه في أحكام ديننا وأمور معاشنا ودنيانا".
الجدير بالذكر قد اختُتِمَت عصر هذا اليوم الجمعة (19شعبان 1437هـ) الموافق لـ(27آيار 2016م) على قاعة الإمام الحسن(عليه السلام) للمؤتمرات والندوات فعالياتُ مهرجان فتوى الدفاع المقدّس الثقافيّ الأوّل الذي يُقيمه قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العبّاسية المقدّسة تحت شعار: (بمداد العلماء ودماء الشهداء نحفظ أرض الأنبياء) إحياءً للذكرى السنوية الثانية لفتوى المرجعية الدينيّة العُليا.