في مثل هذا اليوم.. داعش تستولي على المجمع الحكومي في الرمادي وتفكر بزحف نحو الجنوب
2025/05/15
في مثل هذا اليوم، الخامس عشر من أيار/مايو عام 2015، شهدت مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، واحدة من أخطر اللحظات في تاريخها الحديث، حين اجتاح مسلحو داعش الإرهابي المجمع الحكومي في قلب المدينة، في خطوة شكلت تحوّلاً استراتيجياً لداعش آنذاك، وهددت بشكل مباشر أمن واستقرار المحافظات الجنوبية، لاسيما كربلاء والنجف المقدستين.
بدأ الهجوم الإرهابي بسلسلة من التفجيرات الانتحارية، نفذها قادة المجاميع المسلحة بثلاث مركبات مفخخة استهدفت المجمع الحكومي، ما أدى إلى انهيار أجزاء من مبنى مديرية الشؤون ومقر قيادة شرطة الأنبار، إلى جانب ديوان محافظة الأنبار.
وفي ظل الانهيار السريع لقوات الشرطة المحلية التي انسحب معظمها من مواقعها، استطاع الإرهابيون فرض سيطرته الكاملة على المجمع، معلناً لحظة سقوط المدينة بيد الفكر الظلامي المتطرف.
سيطرة داعش على الرمادي لم تكن مجرد تحرك إرهابي عابر، بل كانت خطوة خطيرة فتحت الباب أمام الارهابيين للتوسع باتجاه مناطق محاذية، منها الطريق إلى كربلاء والنجف، المدينتان اللتان طالما حلم التنظيم بتهديمهما، انطلاقاً من عدائه العقائدي العميق لهويتهما الدينية ومكانتهما الرمزية في وجدان الملايين من المسلمين.
اللافت في المشهد، والذي أثار صدمة داخل الأوساط الوطنية، هو الدعم غير المعلن ـ وأحياناً العلني ـ الذي تلقاه داعش الإرهابي من بعض أبناء تلك المناطق، ومن شخصيات سياسية وشيوخ عشائرية تورطوا في التحريض الطائفي والترويج لأجندات دموية، غايتها تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي خدمةً لمشاريعهم السلطوية الضيقة.
لم تكن الرمادي مجرد مدينة سقطت عسكرياً، بل تحولت إلى مسرحٍ لإعادة إنتاج الفكر التكفيري بنسخته الأشد تطرفاً، حيث عاش البعض القليل من الأهالي تحت وطأة إرهاب يومي، وفرضت على أنفاسهم لغة الخوف والتهديد والقتل، لتُطمس معالم الحياة المدنية، وتُغلق المدارس وتُحرق المراكز الصحية، ويُستبدل القانون بسطوة السلاح والدم.
اليوم، وبعد مرور أحد عشر عاماً على ذلك الحدث، لا يزال الخامس عشر من أيار علامة فارقة في ذاكرة الحرب على الإرهاب، وتذكرة مريرة بمدى هشاشة بعض المؤسسات، وخطورة التواطؤ المحلي مع المشاريع الإجرامية، وهو ما يدعو إلى اليقظة المستمرة من عودة الفكر المتطرف تحت أي غطاء، سياسي أو اجتماعي أو ديني.