من الذاكرة.. الشهيد السيد عبد الرحمن الموسوي ارتقى شهيداً
2025/07/31
وُلد الشهيد السيّد عبد الرحمن نعمة غالي الموسوي عام 1962 في ذي قار، ونشأ في بيئة غرسَت فيه حبَّ الدين والوطن. بعد إكمال دراسته التجارية في بغداد وعمله في عدة مجالات، اتجه إلى النجف الأشرف لطلب العلوم الدينية في الحوزة العلمية، فتدرج في الدراسة بين مسجد الهندي والمدرسة الغروية حتى بلغ مرحلة البحث الخارج تحت إشراف كبار المراجع، معتزاً بقربه من العلماء وحرصه على خدمة المجتمع. لم يقتصر نشاطه على الدرس والتعلم، بل أسس موكب "أولاد الزهراء" لخدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام)، وأشرف على دورات فقهية وتربوية في مركز الأمير التابع للعتبة العلوية المقدسة، مشهوداً له بورعه وشجاعته وتمسكه بصلة الرحم.
عند صدور فتوى الجهاد الكفائي الداعية للدفاع عن الأرض والعرض، كان من أوائل المستجيبين، منضمًّا إلى فرقة الإمام علي القتالية / اللواء الثاني. حمل سلاحه إلى جبهات قتال صلاح الدين، وخاصة في معركة الحراريات ببيجي. تميّز في ساحات الوغى بجمعهِ بين البطولة والتبليغ، حيث حوّل مواقع القتال إلى منابر لتثبيت الإخوة المجاهدين، يلقي الدروس الفقهية والعقائدية ويُحيي مراسم العزاء مستلهماً روح الثورة الحسينية، مؤمناً بأن الجهاد ذروة سنام الإسلام وأقوى وسيلة لحفظ كرامة الأمة. وفي اليوم الثامن من تشرين الثاني عام 2015، المصادف ذكرى شهادة الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وبعد إصراره على إقامة مجلس عزاء وقراءة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، تعرضت مجموعته لهجوم غادر من فلول داعش الإرهابية، فاستشهد وهو ممسك بسلاحه في يد وكتاب الزيارة في الأخرى، مجسداً بأعظم صورة معنى التضحية والفداء في سبيل الله والدفاع عن المقدسات.
لقد قدّم هذا المجاهد وعشرات الآلاف من أمثاله دماءهم الطاهرة درعاً واقياً للإنسان والمقدسات في العراق، إيماناً منهم بأن السيف هو الضامن الحقيقي لصيانة الحقوق والحيلولة دون انتهاك الحرمات. وشاهد العالم أجمع كيف أن تسليم السلاح أو التخلي عن المقاومة يفتح الباب على مصراعيه لسفك دماء الأبرياء وانتهاك الأعراض وتدمير المقدسات، كما حدث ويحدث في دولٍ تعيش اليوم مآسيَ تُذكّر بفظائع داعش، وهي عبرةٌ دامغةٌ على أن دماء الشهداء هي التي تحفظ الأرض وترفع الظلم عن المستضعفين.