كفوف العطاء
كفوف العطاء.. حين ضمّدت المرجعية جراح كركوك واحتضنت أكثر من 250 عائلة متضررة
2025/10/03
في مثل هذا اليوم، نستعيد ذكرى واحدة من المواقف المشرقة التي سجّلها تاريخ فتوى الدفاع الكفائي، حين لم تقتصر المرجعية الدينية العليا على حثّ أبنائها على حمل السلاح بوجه الإرهاب، بل مدّت يدها الأخرى لتواسي الجراح وتحتضن عوائل الشهداء والنازحين. كان ذلك يوم تجسّدت فيه صورة العراق الموحد: يد تقاتل ويد تعطي.
كركوك، هذه المدينة التي طالما وُصفت بأنها عراق مصغّر بما تحتضنه من أطياف متنوعة، كانت قد تلقت نصيبها الأوفر من الهجمات الدامية والتفجيرات العنيفة على أيدي عصابات داعش الإرهابية. وفي قلبها، قضاء طوز خورماتو، الذي شكّل خط النار الأكثر اشتعالاً، وذاق مرارة الخراب والتفجيرات المتكررة، خصوصاً في الأحداث الأخيرة آنذاك التي أوقعت عشرات الشهداء والجرحى، وأثقلت كاهل أكثر من (250) عائلة بين مكلومة ومشردة.
في مواجهة هذا الألم، شدّت لجنة الإغاثة التابعة لمكتب المرجعية الدينية العليا الرحال نحو القضاء، لتقدّم ما يخفف من معاناة المتضررين. وقد حمل الوفد معه مبالغ مالية ومعونات غذائية، فضلاً عن المدافئ والفرش والأغطية، لتكون برداً وسلاماً على تلك البيوت التي لفّها الحزن والبرد معاً.
عائلات الشهداء والجرحى لم تُخفِ مشاعرها الجياشة، إذ أثنت على هذه الخطوة المباركة، مؤكدة أن زيارات اللجنة لا تقدّم فقط معونات مادية، بل ترسل رسائل أمل وروح أخوّة، وتعزز الثقة بأن أبناء المرجعية لا يتركون شعبهم في لحظة محنة.
هكذا ظلّت المرجعية العليا، في زمن الحرب كما في زمن السلم، مرجعاً للعطاء والسند، تجمع بين حزم السلاح على الجبهات ورقة الرحمة في الأحياء المنكوبة، لتبقى شاهدة على عراق يتعافى رغم الجراح، ويُكمل مسيرته بالوحدة والتكاتف.
___________________________________

المصدر : موسوعة فتوى الدفاع الكفائي، الجزء 16