أدب فتوى الدفاع المقدسة
عين الصقر..اسطورة جنوبية ارعبت الدواعش
2017/10/18
كالصخرة صابرا، وكالجبال ثابتاً، وفجأة يباغت اعداءه وينقض بنيرانه كالرعد في المعارك على عناصر داعش..تلك ابرز صفات قناص الحشد الشعبي علي جياد عبيد - ابو تحسين الصالحي الملقب "بعين الصقر" و"شيخ المجاهدين" والذي تحول الى اسطورة وطنية برزت من مدينة البصرة الجنوبية عام 2014 حتى افل نجمه الاسبوع الماضي في تلال حمرين حينما نال أخر وسام للشجاعة والبطولة، إلا وهو وسام الشهادة.

الصالحي البالغ من العمر 64 عاماً خاض خمسة حروب من أجل الوطن، كانت الأولى في تشرين في الجولان عام 1973 عندما كان عسكري في الجيش العراقي، وانتهت الخامسة في تطوعه على صفوف الحشد الشعبي بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي، وتنقل بين الفصائل حتى استقر في اللواء الـ11 "لواء علي الاكبر" التابع للعتبة الحسينية، وتقلد مسؤولية فصيل القناصين في اللواء.

المئات من أرهابي داعش قضى عليهم ابو تحسين بسلاح قناصه "الشتاير" الذي يصل مدى رصاصه الى 7 كم وأصبح ضمن مقتنيات متحف العتبة الحسينية المقدسة، ليكون واحدا من بين المئات من المقتنيات الثمينة والكنوز الحسينية التي خلدها المتحف، وفاء و عرفانا لكل ما قدمه هذا القناص العراقي البطل من تضحيات ومآثر كانت لها بصمة في سوح القتال، وفقا لما اعلنته العتبة الحسينية.
ولده حسين حدّث المربد، عن بعض تفاصيل حياته، وأشار الى أن تلك المهارات الفريدة في القنص اكتسبها في الجيش العراقي خلال دورة على يد خبراء روس، وتمكن خلال سنوات التطوع في الحشد ومحاربة داعش التي كانت هي من اصعب الحروب من قنص 367 ارهابياً.

ويضيف ان آخر معركة له كانت في تلال حمرين ضمن عمليات تحرير قضاء الحويجة، وأنجز الواجب مع زملاءه القناصين بنجاح تام وباشروا بتطهير مساحة 900 متر تضم وديان وارض وعرة، لكن تعرض لهم إرهابيون من خلفهم وأمامهم يرتدون زيّ الحشد الشعبي واشتبكوا معهم لنحو ساعة ونصف ثم استشهد الصالحي مع اثنين من القناصين اضافة الى اصابة آخرين.

احد زملاءه في اللواء ابو نجم، يصف عبر حديثه للمربد الصالحي بالرمز والقدوة لجميع المقاتلين ويواظب على تأدية الواجبات ليلاً ونهاراً دون انقطاع، ويحث فصيلي القناصين والمغاوير الذي يدرب مقاتليهما على الصبر والثبات في الواجبات وعدم التأثر بمتغيرات المعركة.

ويوضح بان اغلب الواجبات التي كان ينفذها كانت من تلقاء نفسه، بعدما يرتدي الملابس الصحراوية الخاصة اضافة الى غشاء التخفي ويقوم منذ بداية النهار بالاستطلاع وأخذ موقع له ويبقى مستقراً ينتظر فرائسه حتى غياب الشمس، وكل قنص له يقوم بتسجيلها وينادي بها عبر جهاز الاتصال ليتم احتسابها رسمياً.

زميله المقاتل الآخر كرار الحجاج، يقول للمربد، أنه شارك في اغلب معارك الحشد الشعبي خاصة الكبرى منها كمعارك تحرير مدن جرف الصخر والفلوجه وتكريت وبيجي وكان يمتاز في اصراره على ان يكون في المقدمة والتسلل امام القطاعات واصطياد الدواعش، كما انه كان متواضعاً وهادئاً وعادة مايقوم بنفسه ليطبخ للمقاتلين، الا انه كان مغيب اعلاميا في حين كان يفترض ان يستغل كرمز للشجاعة لكسب الحرب الاعلامية ضد الارهاب.
عين الصقر والد لعشرة اولاد وبنات، اقيم له تشييعاً مهيبا في العتبة الحسينية، كما شاركت الاهالي والعشائر في محافظات الوسط والجنوب بتشييعه بعد ان اوقفت الرتل الذي يحمل جثامنه على الطريق الخارجي الذي يمر بمحافظاتهم، وفي مدينة البصرة كان له التشييع الكبير والرسمي والشعبي وشاركت فيه قيادة العمليات وممثلين عن الحكومة المحلية وشيوخ عشائر انطلق من المسجد الأعظم في قضاء الزبير بعدما صلى عليه معتمد المرجعية إلى داره في منطقة صبخة العرب وسط مدينة البصره كما توعدت فصائل الحشد بأخذ ثأره.

وقبيل استشهاد ظهر الشهيد ابو تحسين في شريط فيديو بثه الحشد الشعبي وهو يتلو وصيته، داعياً اهل بيته الى الاحتساب الى أمر الله تعالى والصبر على بلائه في حال استشهاده في سبيل الله لان ذلك عن طريق الجهاد والاستمرار على هذا النهج حتى النصر المؤزر.

وفي تقرير أخر يقول (أنا مرتاح، وضميري مرتاح، وعندما أحصل على اجازة دورية فلا أريد الا العودة الى هنا. وفي آخر مرة ، منحت إجازة لمدة شهر ولكن بعد 12 يومًا عدت الى القتال).

وظهر أبو تحسين في مواقع مختلفة بتقارير مصورة وحاز على ألقاب متعددة الى جانب "عين الصقر" منها "العنيد" و"صائد الدواعش" و"اسطورة القناصين" بسبب مهارته الفريدة.

ونشرت صحيفة ديلي ستار" البريطانية له قصة صنفتها بالرائعة وركزت على مشاركته في حروب الوطن الخمسة والدفاع عن العراق، وقالت أنه جندي مخضرم شجاع قتل 173 داعشيا خلال أقل من سنة.

وفي تقارير صحفية أخرى تحدث عما يلحقه سلاحه الفعال من اصابات قاتلة بأهدافه، ويضيف ان (السلاح يرجعه الى الوراء لمسافة متر واحد قبل ان يجعله ينحني الى الأسفل).

حكومة البصرة المحلية ، لم تنس تضحياته اذ اتفقت مع النحات العراقي أحمد البحراني، على انشاء تمثال تذكاري له وسط المحافظة تخليدا لذكرى بطل في عمر التقاعد ضخم البنية ذو لحية رمادية كثة ويرتدي عادة سترة جلدية يحيطها مخازن الرصاص، اما مجلس النواب فوافق على اطلاق لقب (شيخ المجاهدين) له اكراما لدماءه التي سالت في ارض المعركة.

المصدر / راديو المربد
صور من الخبر