أدب فتوى الدفاع المقدسة
الشّهيدُ السّعيدُ عبّاس جبّار غاوي الدّيوان
2023/09/21

إنّ للجهادِ نظراتٍ عديدةً، فهناك مَن ينظر للجهاد على أنّه منزلةٌ عظيمةٌ لا ينالها إلا ذو حظٍّ عظيمٍ، وهناك مِن ضعفاء النفوس مَن ينظرُ للجهاد على أنّه إلقاءُ النفس في الهاوية والموت؛ وما ذلك إلا لسيطرةِ الشّيطان عليهم، ولأعمالهم الفاسدة في الحياة الدّنيا، وحسدهم المجاهدينَ الأبطال المرابطينَ في جبهات القتال، يريدونَ بذلك إضعافَ عزيمتهم وتقليلَ همّتهم، وهناك مَن ينظرُ للجهاد على أنّه استشهادٌ، فمَن لم يُستشهَد لم ينلْ أجرَ الجهاد!، إلا إنّ المتمعِّنَ في حياة المجاهدينَ على مرّ الزمن يجدُ أنّ كثيراً مِنَ الشُّهداء الأبرار رضوان الله تعالى عليهم قد قاتلوا في أكثر مِن مكان حتى نالوا شرف الشّهادة، وهناك مَن اشتركَ في كثيرٍ مِن المعارك، وفي أكثر مِن مكانٍ ولم ينلْ هذا الوسام، والملاحظ في حياة الشّهيد السّعيد (عبّاس جبّار غاوي الدّيوان) أنّه اشترك في كثيرٍ مِن المعارك، وفي أزمانٍ مختلفةٍ، ولم يُستشهَد، إذْ ادُخر ليومٍ أكبر ووقتٍ أسوأ مِن ذلك الوقت، ولأجرٍ أعظم إنْ شاءَ اللهُ.
وُلِد الشّهيد عبّاس بتاريخ(1967م) في قضاء القُرنة في مدينة البصرة، أكمل دراسته الابتدائيّة في مدرسة الجوابر، والمتوسّطة والإعداديّة في مدرسة الشّعب في قضاء القُرنة، والتحق بكلِّيّة الإدارة والاقتصاد حتى وصل المرحلةَ الرابعةَ فيها، وحصلت له كثيرٌ مِن المضايقات في زمن النظام المقبور البائد؛ لأنّه كان مِن مجاهدي الأهوار آنذاك، فاضطرّ إلى الهجرة من البلاد إلى جمهوريّة إيران الإسلاميّة، ومِن ثَمَّ إلى اليَمَن، و بعدها انتقل إلى سوريا، وبعد سقوط النظام في سنة(2003م)، رجع إلى العراق وعمل في بلديّة القُرنة، ويُذكر أنّ الشّهيد كان متزوِّجاً وله ابنةٌ واحدةٌ.
كان الشّهيدُ يُقيمُ عزاء الإمام الحُسين(عليه السلام ) في بيته، وكان يخدم في العديد مِن مواكب عزاء سيِّد الشُّهداء(عليه السلام)، وما إنْ أصدرَ المرجعُ الدينيُّ الأعلى السيّد عليٌّ السيستانيُّ فتوى الجهاد الكفائيّ؛ وذلك لاحتلال العراق من العصابات الإرهابيّة التي أطلقت على نفسها (داعش)، التي تهدفُ للقضاءِ على الدّين الإسلاميّ وإشباع الغرائز، وغيرها مِن الأمور التي لا تمتُّ للإسلام بصلة، حتّى لبّى الشّهيدُ نداءَ المرجعيّة الدينيّة، وحمِد اللهَ على بقائِهِ على قيد الحياة لكي يجاهدَ مرّةً أخرى، فالتحق بالمجاهدينَ والمدافعينَ عن أرض العراق الكريمة في منطقة الدُّجيل، واشترك في معارك كثيرةٍ في تلك المنطقة، التي كان فيها سفرُهُ إلى الحياة الآخرة الأبديّة شهيداً بتاريخ(27/10/2014م)، فهنيئاً له هذه الشّهادة التي تمنّاها الكثيرونَ، ونالها القليلونَ، ورحم اللهُ الشّهداء وأسكنهم فسيح جنّاته، إنّه نِعمَ المولى ونِعمَ النصير.


أحمد آل جمّاز الحسينيّ