أدب فتوى الدفاع المقدسة
حكمة مرجعية..التوجيهات المرجعية في المال العام
2025/04/23
استعرضت المرجعية الدينية العليا، مقومات بناء شخصية المواطن الصالح، موجهةً خطابها لجميع المواطنين بغض النظر إذا كان المخاطب مسؤولا كبيرا أو موظفا أو غير ذلك،ثم جاءت المخاطبة لجميع أفراد المجتمع في هذا البلد بغض النظر أن الدولة قد وفت بالتزاماتها مع المواطنين أم أنها لم تلتزم بذلك، الحديث عن أهمية بناء شخصية المواطن الصالح، هو الحديث عن الشخص الذي يساهم في البناء ويكون معطاء للخير والذي يتعايش مع الآخرين تعايشا صحيحا يؤدي إلى الازدهار والاستقرار، مبينا إن الالتزام بهذه المبادئ تؤدي إلى تحقيق العدالة والأمن الاجتماعي ، إن الشعوب اذا أرادت إن تحقق لنفسها العدالة والأمن والاستقرار الازدهار والتماسك الاجتماعي والرخاء الاقتصادي والمعيشي ،وان يكون له العزة والاستقلالية والاحترام لدى الآخرين ، إن الإسلام أولى اهتماما كبيرا وأساسيا للوطن وحبه والدفاع عنه والتضحية من اجل عزته وكرامته ، وحثت المرجعية العليا على ضرورة الحفاظ على الأموال العامة وانها ليست بلا مالك بل هي ملك لكل الشعب ولابد ان يراعى في التصرف فيها المصلحة العامة ونفع عموم المجتمع وتحدثت المرجعية العليا في ذلك " انّ من الضروريّ الحفاظ على الأموال العامّة من قبل المسؤول أو الموظّف أو المواطن، لأنّها ليست بلا مالك بل هي ملكٌ لكلّ الشعب، ولابُدّ أن تُراعى في التصرّف بها المصلحةُ العامّة ونفع حقوق المجتمع، وإنّ من يمدّ يده الى شيء منها فإنّما هو يسرق من كيس الشعب وهو خصمُه في ذلك، وإن من غير الصحيح أن يتصوّر من يقوم بالاستحواذ أو السرقة من المال العامّ بأنّه سرق من مال الحكومة أو الوزارة أو الدائرة، بل إنه سرق من مال الشعب كلّه وخصيمُه الشعبُ بأجمعه، ولابُدّ من غرس هذا المعنى في نفوس الأبناء منذ الصغر وجعله ثقافةً عامّة ينشأ عليها الصغير ويتقيّد بها الكبير، وإن على كلّ مواطن سواءً أكان موظّفاً في دائرة حكوميّة أو عاملاً في شركة أو كاسباً في السوق أو كان في أيّ موقع آخر يلزمه التقيّد بعدم التصرّف بالأموال العامّة إلّا وفق ما هو مخصّص ومقرّر لها بموجب القانون، وإن الشعب بحاجة إلى ثقافة الحفاظ على الأموال العامّة بدءً من الطفل وحتّى الكبير، ونتمنّى أن يتمّ إدراج تلك الثقافة في المناهج الدراسيّة من الابتدائيّة وحتّى الدراسة الجامعيّة، لخطورة الاستحواذ على الأموال العامّة بغير وجه حقّ وتأثير الفساد في الحياة، وإن السبب وراء جانب من الفساد الماليّ الذي تشهده المؤسّسات الحكوميّة يعود إلى عدم العمل بما فيه الكفاية لجعل احترام المال العامّ المسمى بـ(مال الحكومة) ثقافة عامّة في المجتمع، بحيث يستشعر الجميع أن الاستحواذ عليه بغير وجه حقّ إنّما هو سرقة تماماً كالسرقة من الأموال العائدة للأشخاص، بل إنها أسوء وأقبح لأنّ المسروق منه هم عامّة الشعب "[1]

وان الأصل أن يكون استعمال المال العام حق لكل أفراد المجتمع، مادام أن هذا الاستعمال لا يخل بالغرض الذي خصص له المال العام، فلكل فرد حرية السير في الطرق العامة والتنزه في الحدائق العامة ودخول دور العبادة وغير ذلك من الأماكن العامة.

ومن كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام):"وكتب (عليه السلام) إلى بعض عمّاله ممّن خان الأمانة واستحوذ على الأموال العامّة قائلاً: (كَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِيدُ هَذِهِ اَلْأُمَّةَ عَنْ دُنْيَاهُمْ وَتَنْوِي غِرَّتَهُمْ عَنْ فَيْئِهِمْ فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ اَلشِّدَّةُ فِي خِيَانَةِ اَلْأُمَّةِ أَسْرَعْتَ اَلْكَرَّةَ وَعَاجَلْتَ اَلْوَثْبَةَ وَاِخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ اَلْمَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِمُ اِخْتِطَافَ اَلذِّئْبِ اَلْأَزَلِّ (سريع الوثبة) دَامِيَةَ اَلْمِعْزَى اَلْكَسِيرَةَ فَحَمَلْتَهُ إِلَى اَلْحِجَازِ رَحِيبَ اَلصَّدْرِ بِحَمْلِهِ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ مِنْ أَخْذِهِ كَأَنَّكَ لاَ أَبَا لِغَيْرِكَ حَدَرْتَ إِلَى أَهْلِكَ تُرَاثَكَ مِنْ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَسُبْحَانَ اَللَّهِ أَمَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَوَ مَا تَخَافُ نِقَاشَ اَلْحِسَابِ أَيُّهَا اَلْمَعْدُودُ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ أُولِي اَلْأَلْبَابِ كَيْفَ تُسِبغُ شَرَاباً وَطَعَاماً وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً وَتَشْرَبُ حَرَاماً وَتَبْتَاعُ اَلْإِمَاءَ وَتَنْكِحُ اَلنِّسَاءَ مِنْ أَمْوَالِ اَلْيَتَامَى وَاَلْمَسَاكِينِ وَاَلْمُؤْمِنِينَ وَاَلْمُجَاهِدِينَ اَلَّذِينَ أَفَاءَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ اَلْأَمْوَالَ وَأَحْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ اَلْبِلاَدَ فَاتَّقِ اَللَّهَ وَاُرْدُدْ إِلَى هَؤُلاَءِ اَلْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اَللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَى اَللَّهِ فِيكَ وَلَأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي اَلَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلاَّ دَخَلَ اَلنَّارَ وَوَاَللَّهِ لَوْ أَنَّ اَلْحَسَنَ أوَ اَلْحُسَيْنَ فَعَلاَ مِثْلَ اَلَّذِي فَعَلْتَ مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ وَلاَ ظَفِرَا مِنِّي بِإِرَادَةٍ حَتَّى آخُذُ اَلْحَقَّ مِنْهُمَا وَأُزِيحَ اَلْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا)"[2]





[1]خطبة الجمعة ،بتاريخ 16 ذو الحجة 1438 هـ الموافق 08/09/2017 م ، بأمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي دام عزه

[2] خطبة الجمعة: 24جمادي الأول 1437 هـ الموافق 03/04/ 2016 م: بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه).


نقل من: موقع مؤسسة الوافي لتوثيق والدراسات
صور من الخبر