مآثر من صفحات التاريخ قصص والسيرة للشهداء فتوى الدفاء الكفائي : الشهيد السعيد حسن عبد علي العيساوي
2024/10/19
الشهيد السعيد: حسن عبد علي العيساوي
الولادة: بابل -الاسكندرية ١٩٧٩
السكن: كربلاء المقدسة
الشهادة: بيجي ٢٠١٥/٧/٢٠م
ولد الشهيد في محافظة بابل قضاء الاسكندرية، متزوج وله ثلاثة أولاد، وبسبب ظروف خاصة انتقلت العائلة الى كربلاء المقدسة، عمل الشهيد في أوائل حياته خبازا من اجل اعانة والده وكان رحمه الله خلوقا ملتزما ويساعد الآخرين.
وخلال وجوده في كربلاء أتيحت له الفرصة أن يتعلم العلوم الحوزوية على يد أحد السادة الفضلاء، وكان استاذه معجبا بذكاء تلميذه وسرعة تعلمه حيث كان فخورا به
بقي الشهيد مدة من الزمن يدرس في كربلاء بعدها قرر الذهاب الى النجف الاشرف لإكمال دراسته هناك، وبتسديد وتوفيق الهي تمكن الشهيد من تذليل كافة الصعوبات التي كانت تعيق مسيرته العلمية من حيث السكن والاستقرار قريبا من درسه واساتذته فحصل على سكن وبدأت حياته الجديدة من هناك وكان عمره الشريف خمسة عشر عاما وكان متفوقا ومجدا منشغلا في تلقي الدروس مع الظروف الامنية الصعبة بالاضافة الى الظروف الاقتصادية، ولم تثنه تلك العوائق عن الاستمرار في طلب العلم وكان اذا رجع الى اهله في كربلاء يمارس عمله التبليغي في نشر التعاليم الدينية ويعطي الدرس لبعض الشباب المؤمنين فكان مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ» وكانت تعقد هذه المجالس سرا وخوفا من جلاوزة النظام البائد على ارواح الشباب المؤمنين، وكان من ابرز اساتذته (السيد حيدر المؤمن، والشيخ عباس السراج، والشيخ مهند الشيباني وواصل دراسته حتى وصل الى (البحث الخارج) ومن ابرز اساتذته الذين حضر عندهم (سماحة السيد محمد رضا السيستاني، سماحة السيد محمد باقر السيستاني، سماحة الشيخ هادي آل راضي، سماحة آية الله العظمى الشيخ بشيرالنجفي).
كان رحمه الله مولعاً بنشر الثقافة الاسلامية الاصلية والاخلاق المحمدية الشريفة غني النفس متعففا لا يسعى الا لرضا الله عز وجل ويبتعد عن كل ما فيه سخط الله وغضبه فكان من الدعاة الى الله الصادقين.
كانت لشهيدنا شمائل عظمية نذكر منها بإيجاز خوفه من الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية يعظم العلماء ويحترمهم وكان صادق الحديث أمينا يبتعد عن الاخلاق السيئة التي لا تليق بالمؤمنين فضلا عن طلبة العلم بل كان يحث ويحافظ على الاداب الرفيعة التي يتميز بها طالب العلوم الدينية، كريما رغم فقره الشديد لا يخرج ضيفه منه الا وقد ادى معه كل حقوق الضيافة، لا يكن في قلبه حقدا وغيضا لمن أساء له بل كان يصبر ويحتسب ويتحمل الاذى من صفاته ايضا انه كان يحسن الجوار ويساعد جاره ويقدم لهم المعونة وكذا كان مع زوار الامام الحسين في الزيارة الاربعينية يفتح داره للزائرين ويقدم لهم الطعام والمبيت وكل ما يحتاجه الزائر من خدمة خالصة لوجه الله عز وجل حتى انه في بعض الليالي لا يجد مكانا ينام هو فيه ، له علاقة خاصة مع الامام الحسين حيث كان كثير الزيارة و في كل ليلة جمعة يذهب قاصدا سيد الشهداء .
عند اجتياح داعش العراق وتهديدها مدننا المقدسة والآمنة كان الشهيد يراقب ما آلت اليه الاوضاع بتخوف واستياء شديدين وكان يحرص على ترسيخ حب الوطن في نفوس الشباب والدفاع عنه والاستعداد للتضحية في سبيله، وكأنه كان ينتظر ساعة الحسم وهي ساعة صدور الفتوى المباركة التي دعت المؤمنين الى الدفاع الكفائي ضد اعداء الانسانية.
كان الشهيد من طليعة الملبين لتلك الفتوى المباركة حيث دخل مراكز التدريب التي فتحتها العتبة الحسينية المقدسة وكان ذلك في شهر رمضان المبارك، ومن ثم انتقل الى العمل تحت اشراف العتبة العلوية المقدسة ثم الى منطقة الرحالية حيث كان مرابطا مع المجاهدين مبلغا ومجاهدا مع فرقة العباس القتالية واشترك في عدة معارك نذكر منها معركة تحرير جرف النصر واللطيفية واليوسفية وسامراء وسيد غريب ومنطقة العوينات والعوجة.
وكان يسعى دائما الى أن يكون مع المجاهدين في خطوط القتال حتى يتمكن من القتال وشحذ الهمم، وكان ذلك احد الاسباب التي دفعته الى الانتقال الى مديرية التوجيه العقائدي للحشد الشعبي حيث مارس دوره كمبلغ قتالي في الجبهات ونتيجة لحضوره المتواصل وما أبداه من شجاعة فائقة كُلف بمسؤولية مقر المديرية في محور بيجي وكان مقره في قرية المزرعة المحاذية لبيجي.
كان الشهيد كتلة من الشجاعة والنشاط فهو في حركة دائبة ليلاً ونهاراً يتفقد اخوانه المجاهدين في الجبهات ويقدم لهم الخدمات المختلفة وكان له دور فعال في ايصال المساعدات للمجاهدين بالتنسيق مع المتبرعين من اصحاب الحملات ومعتمدي السيد السيستاني الظل كما كان له اهتمام خاص بمساعدة الاهالي من تلك المناطق.
في احدى زياراته المجاهدين في داخل بيجي -التي شهدت معارك شرسة بين المجاهدين والدواعش ومعه زميله الذي جمع بينهم الجهاد وكان مرشحا ليكون بديلا عنه السيد محمد رضا الناجي والشاب الملائكي مصطفى وبعض المجاهدين حيث يتفقد نقاطهم-انفجرت عليهم عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق لترتقي ارواحهم الطاهرة الى بارئهم في يوم الاثنين اليوم الثالث من عيد الفطر المبارك ١٤٣٦هـ.