أدب فتوى الدفاع المقدسة
"ارجو ان تنشروا الحلوى على جثماني"
2024/10/26
في ناحية العتبة بمحافظة البصرة ولد المجاهد القائد السيد نوفل ابراهيم في عائلة عُرفت بالتدين تحمل نسب رسول الله أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في ناحيته وانتقل الى اعدادية الصناعة في قضاء الزبير وما ان أكمل عامه الـ (۲۱) حتى انطلقت شرارة الانتفاضة المباركة فكانت تلك الشرارة سببا في توقد روحية الجهاد في قلب هذا الرجل الذي اختار الجهاد طريقا ومنهجا.
انتفض السيد نوفل مع المجاهدين ووقف بكل شجاعة بوجه الطاغوت ابان الانتفاضة الشعبانية المباركة والتي هاجر على اثرها الى الجمهورية الاسلامية، فالتحق هناك بصفوف مجاهدي بدر وكان من المجاهدين الاوفياء والخلص فاشترك في عمليات الاهوار عام ۱۹۹۲ ضمن قاطع (العمارة- البصرة) التابع لفرقة محمد رسول الله الله ، كما وشارك في تلك الفترات بمعارك ذي قار) وبعد ذلك انتقل للعمل في كردستان ضمن مجموعات المجاهدين المتواجدة هناك وعلى خط التماس مع العدو البعثي في منطقة (السليمانية وكركوك وكفري وديالي فكانت بصمات عمله وجهاده وإخلاصه واضحة خلال فترة تواجده وجهاده في تلك المناطق، بعد سقوط النظام السابق البائد ودخول قوات الاحتلال الى ارض الوطن عاد الشهيد الى مدينة البصرة.
وبعد أن سقطت اجزاء من الوطن بيد الدواعش واصدرت المرجعية الدينية الفتوى المباركة كان من ضمن الأوائل الذين لبوا ذلك النداء وتصدوا لمواجهة الدواعش، وحينما طلب منه ابن عمه أن يستريح قائلا له: "اما ان لك ان ترتاح بعد مسير جهادي استمر لـ ٢٥ عاما فغضب من السؤال واجابه قائلا: الآن الفتوى عززت موقفنا واعطتنا حماسا أكثر وإذا لم نذهب لقتال الدواعش فإنهم سوف يأتون الينا وينتهكون اعراضنا"
عين قائدا لمعارك ديالى وأشرف على تحرير ناحية العظيم والمناطق والقرى المجاورة لها وكان شجاعا لا يهاب الموت وكان يردد دائما تلك المقولة التي اعتاد الجميع على سماعها منه وهي: كيف يخاف الرجل؟ فلم يعرف للخوف معنى.
بعد تحرير العظيم واستتباب الامن هناك عاد الى مدينته البصرة، أخذ اجازة لمدة عشرة ايام، ولكنه كان يحمل في قلبه هماً يتمثل بالحصار المفروض على المدنيين من اتباع اهل البيت (عليهم السلام) اهلا في منطقة آمرلي فكان يحدث كل من يلتقيه عن مظلومية آمرلي والمدنيين هناك، وما ان سمع باقتراب عمليات فك الحصار على آمرلي حتى قطع اجازته تلك وغادر اهله مودعا اياهم للمشاركة في تلك العمليات المباركة.
كان من قادة تلك المعركة ضمن اللواء الثالث -الحشد الشعبي والذي سمي فيما بعد باسم (لواء أسد آمرلي) حيث أُطلق هذا اللقب عليه للدور الكبير الذي قام به في عمليات فك الحصار عنها.

في ليلة انطلاق العمليات اتصل بعائلته فكلم زوجته وبدأ يوصيها بـ (أبنائه الثلاثة وابنتيه) وبعد ان أكمل حديثه معها وودعها تحدث الى أخيه السيد مصطفى وقال له: (ارجو ان تنشروا الحلوى على جثماني)، بعدها خرج لاستطلاع المنطقة وهناك انفجرت عبوة ناسفة على قوة الاستطلاع وأُصيب الشهيد ابو شرار وعلى أثرها نقل الى المستشفى ولكنه رفض البقاء هناك وقال: (ابو شرار لا يرقد في المستشفى).

خرج من المستشفى ليقود في صبيحة تلك الليلة احدى أصعب واهم المحاور في عمليات فك الحصار عن آمرلي، واثناء تقدم القوات انفجرت عبوة ناسفة على سيارته فأصيب مرة اخرى ولكنه رفض الرجوع وبقي يقود المعركة وهو مصاب.
اثناء تقدم القوات في محوره والذي كان يقع على عاتقه تحرير منطقة (سليمان بيك) المعروفة بقوة تمركز الارهاب فيها وبسبب كثافة النيران وخصوصا القناصة تباطأت القوات في التقدم وما كان من الشهيد إلا ان يخلع درعه وينزع قميصه ويبقى مكشوف الصدر امام نيران العدو في موقف بطولي يعيد الى الاذهان الموقف البطولي لعابس (رضوان الله تعالى عليه)، ذلك الرجل الذي خلع درعه ليتلقى سيوف بني أمية بجسمه العاري، وهكذا فعل ابو شرار امام نيران أحفاد بني أمية فتحفزت القوات وخلع بعض المجاهدين دروعهم وكشفوا صدورهم امام العدو فتقدمت القطعات بعد ان تقدم الشهيد ابو شرار امامهم وصار يمشي امام المدرعات.
فكان لابد وان يتحقق النصر كنتيجة حتمية لهذا التفاني والاخلاص لكنه كان نصرا بطعم الحلاوة، عند السيد ابي شرار، فقد كتب اسمه في صحيفة الخلد فكان لابد وان ترتفع روحه نحو السماء.

فبرصاصة قناص غادرة عرجت تلك الروح الملكوتية نحو الرفيق الاعلى لتسقي الارض بدمه الطاهر وليسجل لنا التاريخ اسماء أنصار الامام الحسين بعد ١٤٠٠ عام من واقعة الطف، وليعيدوا الى الاذهان بطولة وشجاعة تلكم الرجال في الذود عن حرم اهل البيت.
وليكن المصور الحربي حاضرا يسجل تلك اللحظات لتبقى عالقة في الاذهان.

فسلام على تلك الارواح الطيبة في جنة الخلد عند مليك مقتدر