أدب فتوى الدفاع المقدسة
الشهيد محمد رمز الأخوة والوطنية في ساحات الدفاع
2024/11/05
الشهيد السعيد: محمد فاضل محمد الجبوري
الولادة بغداد / الكرادة ١٩٩٤
الاستشهاد: سامراء ٢٠١٥/٣/١
من اخواننا اهل السنة في بغداد، ولد محمد الذي كتب له ان يخط اسمه في مدارج النور، وترعرع في عائلة محافظة، وتربى تربية اسلامية، وأكمل دراسته الأكاديمية في مدينة بغداد.
محمد، ذلك الشاب صاحب الصفات الحميدة، والذي ازاح عن قلبه كل هموم الدنيا فلم تكن الابتسامة لتفارق ذلك الوجه الملائكي، فهي ابتسامة شاب مفعم بالحياة والحيوية.
سنحت له الفرصة بأن يغادر العراق الى بلاد المهجر، فاختار (فنلندا) بلداً ثانياً يعيش فيه، ولكن
رغم بعد المسافة الا انه كان يحمل العراق في قلبه، ويعيش همه في واقع حياته هناك.
وما إن أخذت رايات الظلام تظهر في ارض السواد حتى اتصل محمد بأخيه وابلغه بقراره، ذلك القرار الذي غير معنى حياته لأنه لم يستطع أن يكون بعيداً عن وطنه حينما استصرخ نداء الواجب
للدفاع عنه.
عاد محمد الى بلده الام ليلتحق بالحشد الشعبي، وليشارك ابناء بلده في تحرير الارض من رجس داعش، وصار بذلك عنوانا بارزا في نبذ الطائفية، فهو السني الذي شارك اخاه الشيعي في خندق واحد يقاتل من خلاله اعداء الانسانية.
عاد محمد ليشارك في تحرير ناحية المعتصم والحاوي، ويقف شامخا على سواتر العزة والاباء مدافعا عن وطنه وارضه ومقدساته، ملبيا فتوى المرجعية الدينية في النجف الاشرف.
في هذه الفترة اخذ محمد يقترب من آفاق معالم الشهادة فكان يحدث نفسه بها ويطلب من الجميع أن يدعوا له بالشهادة، فتحدث مع آمر فوجه قائلا: أنتم الشيعة لديكم قطعة قماش خضراء تضعونها على الكتف أو على الرأس، وقطعة القماش تعني أنكم تستشهدون»، وما إن سمع أ أحد المجاهدين كلامه، حتى قدم له قطعة خضراء كان قد جاء بها من الامام الهادي فاعتصب بها محمد منذ ذلك اليوم.
محمد الذي كان مصداقاً للأخوة الصادقة والصالحة مع اقرانه وجيرانه وأصدقائه والمجاهدين الذين يقاتلون معه جنباً إلى جنب، صار يحدث الناس عن قرب تحقيق البشارة تلك البشارة التي لطالما انتظرها، وبذل الغالي والنفيس من أجلها.
فذهب الى صديقه الحلاق وطلب منه أن يحلق شعره كأنه عريس، فاستغرب صديقه وقال له: «هل تريد الزواج؟» فرد عليه قائلاً: «بل اريد الشهادة»، وما التقى بأحد من أقربائه حتى ودعه وداع مفارق، فذهب الى خاله، وودعه وقال له: لدي احساس بأن هذا السفرة هو آخر سفر لي»، وبعدها تحدث بذلك مع اخيه، ومن ثم وقبل ان يغادر المنزل التفت الى امه وقال لها: «لدي احساس تشعر به الوالدة حين تريد أن تودع ابنها الوداع الاخير».
التحق محمد بالجبهات في قاطع الاسحاقي، وما هي الا ايام قلائل حتى قال لرفيق مسيرته الجهادية: سوف استشهد»، وفي صبيحة يومه الاخير واثناء الاشتباك مع العدو اصيب برصاصة غادرة اخترقت رأسه الذي كان قد لفه بالراية الخضراء، ولتتخضب الراية بدمه الطاهر، نعم لقد اصيب محمد، وبعد يومين من اصابته فاضت روحه الى السماء لتعانق الخلود ويخط اسمه في سجل السعداء، وما ان وصل نبأ استشهاده حتى خرجت المنطقة بأسرها بسنتها وشيعتها بكبارها وصغارها، ورجالها ونسائها،
لتشيع الجثمان الطاهر للشهيد محمد لتختلط مشاعر الحزن والفرح لدى كل محب وقريب. وليدفن ذلك الجثمان الطاهر قرب مرقد المولى امير المؤمنين كما كانت وصيته، وكما كان يحب ويتمنى ان يحصل له ذلك.


فسلام عليه وعلى تلك الروح التي حملها بين جنبيه.


صور من الخبر