شال الوفاء!! رسالة حب على أجنحة الشهادة
2025/01/09
في أروقة المعركة، حيث دوي المدافع واهتزت الأرض تحت وقع الأقدام الثقيلة، كان الشهيد محمد شاطي الخيكاني يقف شامخاً في صفوف فرقة العباس القتالية التي هبت في الدفاع عن ارض الوطن اثناء صدور فتوى الدفاع الكفائي.
كان شاباً متفانياً في جهاده، وقلبه مشغول بحلمه الكبير الذي ظل يراوده طويلاً؛ حلم البناء في أرض السلام بعد أن يضع حداً للظلام الذي حلّ بفكر العدو.
قبل أن يذهب إلى المعركة، كان محمد قد عقد قرانه على فتاةٍ من محافظة ذي قار، تلك الفتاة التي اختارها قلبه، وكانت هي أيضاً قد اختارته، اذ كانت حياتهما قد بدأت للتو، ولم تمضِ سوى فترة قصيرة على خطبتهما، لكن أيامهما أصبحت جزءاً من ذكريات يحن إليها القلب في كل لحظة.
في إحدى ليالي المعركة، وأثناء خوضه معركة تلعفر، ثم الحويجة، لاحظ صديقه المقرب في الصفوف القتالية الشال الذي يضعه محمد على عنقه. كان هذا الشال مختلفاً، يحمل خيوطاً من الأمل والحب...
سأل صديقه محمد عن هذا الشال، فتفاجأ حين أخبره محمد: "هذا شال خطيبتي. قالت لي: أريد ثواب من الساتر، مو بس انته تأخذ ثواب."
كان محمد يبتسم وهو ينظر إلى الشال، وكأن ذلك الرباط بينه وبين حبيبته كان جزءاً من سلاحه الذي يدفعه للاستمرار في المعركة بكل شجاعة. لم يكن الشال مجرد قطعة قماش، بل كان بمثابة رمز للحب الذي يحمله قلبه، ورغبة في أن تكون كل لحظة من عمره ذات قيمة.
استمر محمد في المعركة، وواصل تقدمه بعزيمة لا تلين. ووسط الاشتباكات العنيفة، لم يفارق الشال عن رقبته. كان الشال يلامس جسده بكل حرص، حتى اللحظة الأخيرة.
وفي النهاية، حين لقي محمد ربه شهيداً في المعركة، كان جثمانه الطاهر يحمل الشال الذي رمز إلى حب عميق، ووفاء لا حد له. سرت الأخبار بسرعة إلى بلدته في محافظة ذي قار، حيث انتظرته خطيبته في بيت عائلتها. وعندما وصل الجثمان، كانت الفتاة في انتظار حبيبها الذي لن يعود، لكن الشال الذي كان يحمل ذكرى حبها وهديتها كانت تلامس جسده البارد، وكأنها تقول له: "ثوابنا معاً، يا حبيبي."
سلامٌ عليك يا محمد شاطي الخيكاني، شهيداً ضحى بنفسه من أجل العراق، وسلامٌ على قلبك الذي كان ينبض بالحب والوفاء. رحمك الله وأسكنك الجنة، وأنت قد أنهيت مهمتك في هذه الحياة، لكن ذكراك ستظل خالدة في قلوبنا إلى الأبد.