أدب فتوى الدفاع المقدسة
الشهيد صبيح الكركوشي: ملحمة الثبات والإيمان على طريق الحسين
2025/02/20
حين تنبض القلوب بالإيمان، وتتوقد الأرواح بعشق العقيدة، لا يكون للجبن موضع، ولا للتخاذل سبيل. تلك هي سيرة الأبطال الذين نذروا أرواحهم للذود عن الدين والوطن، وساروا على خطى الحق، موقنين بأن الجهاد في سبيل الله هو أرفع منازل العز والشرف.
وُلد الشهيد صبيح نجم عبيد الكركوشي عام 1963م، في البصرة، فنهل منذ نعومة أظفاره من معين الإيمان والتقوى، وترعرع على مبادئ الولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، حتى كان من المخلصين في خدمتهم وخدمة زوارهم. ولأنه حمل في قلبه إيماناً لا يلين، ووعياً لا يخبو، لم يكن غريباً أن يقع في قبضة النظام البائد، ليُزجَّ في ظلمات السجون ستة أشهر، ظانّين أنهم سيطفئون جذوة يقينه، إلا أن المحن لم تزده إلا صلابةً وإصراراً على نهج الصالحين.
ومع مرور السنين، ازداد تعلق الشهيد بخدمة العتبات المقدسة، فأصبح من خدام العتبة الحسينية المقدسة، يمارس عمله بصدق وإخلاص، وكأنّه يتهيأ لموعد مقدّر مع الشهادة. وفي 14 شعبان 1435هـ، عندما صدح صوت المرجعية بنداء الفتوى المباركة، كان الشهيد صبيح على أعتاب الضريح الشريف، لم يتردد، ولم يطلب مهلة للتفكير، بل لبّى النداء فوراً، دون أن يعود إلى بيته أو يودّع أهله، فقد كانت روحه قد سبقت جسده إلى ميادين القتال، فحمل سلاحه وامتشق يقينه، والتحق بـ لواء علي الأكبر التابع للعتبة الحسينية، ليكون في مقدمة المجاهدين المدافعين عن الأرض والعقيدة.
وفي أشرَف الشهور، وبينما كان صائماً محتسباً، خاض الشهيد صبيح نجم عبيد الكركوشي إحدى أشرس المعارك في عملية تحرير بيجي – محافظة صلاح الدين، وهناك، يوم 15 يوليو 2015، ارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها، ملتحقاً بركب الشهداء الذين سبقوه، بعدما خطّ بدمه الطاهر أروع صور البطولة والفداء.
لم يكن جهاده مقتصراً على ساحات القتال، بل كان يرى أن الدفاع عن العقيدة لا يكتمل إلا بالعلم والمعرفة، لذلك كان حريصاً على حثّ إخوانه على التفقّه بالدين والثقافة العقائدية، وكان يوصي أخاه أبا حيدر بمواصلة المشاركة في التشابية والدفاع عن المذهب، لأن المعركة ضد الباطل لم تكن يوماً معركة سلاح فحسب، بل هي أيضاً معركة وعي وثبات.

السلام على روحك الطاهرة أيها الشهيد، وعلى كل من سار على درب الحسين (عليه السلام)، طبت حياً وطبت شهيداً، وجعل الله مقامك مع سيد الشهداء وأوليائه الصالحين.

رحم الله من يقرأ له الفاتحة.
صور من الخبر