اخبروها أن تسامحني...
2025/03/07
اختصر المسافات لمحاسبة اعداء الانسانية، تاركا المحاماة، ليحامي عن ارضه وشعبه ومقدساته، ترك القضاء والمحاكم والنقابات واعتنق القضاء والقدر، ترك الشهادة من كلية القانون معتنقا الشهادة في سبيل الله.
جامع المصطفى في قضاء الزبير ذلك الجار المقرب والصديق الحميم لزين العابدين الذي كانت
مئذنته تعشق صوته اوقات الاذان كان لذلك الجار والصديق أثر على نفس زين العابدين. فقد اغترف من وحي انواره وقدسيته الايمان وصقلت شخصيته في ظل تلك الاجواء الايمانية وبرفقته القرآن الكريم ومفاتيح الجنان، فأصبح زين العابدين ذو العقدين من عمره» مؤمنا رساليا يحمل هموم ما كان يحاك ضد امته ودينه ومذهبه من مؤامرات استكبارية ماكرة على ايدي اعداء الانسان، هدفها استهداف المقدسات ومذهب اهل البيت الاعداء الذين طغوا وعاثوا في الارض فسادا، فكان شهيدنا من الصفوة المباركة التي هبت حين الاستماع لنداء السماء.
كان زين العابدين شابا متدينا زاهدا عابدا تقيا خلوقا مؤمنا، ومن صفاته الهدوء والتسامح والتواضع، ملماً بمسائل الابتلاء في عباداته ومعاملاته، وكثيراً ما كان يتواصل مع رجال الدين من حيث الاستفسار عن الاحكام الشرعية، فكان قوي الايمان حريصا على اداء صلاته في اوقاتها، وخدمة المؤمنين وقضاء حوائجهم، وعلى تماس دائم من العوائل المتعففة والمحتاجة، وله علاقه خاصة مع اهل البيت ، ولا تزال آثاره في مجالس الوعظ والارشاد ومجالس التعزية.
كان زين العابدين من الحريصين على الحضور للمسيرة السنوية التي يقيمها سكان مدينة الزبير
للامام الحسين ، وهو من جملة مؤسسي موكب تشيع الزهراء الن في قضاء الزبير.
كان الشهيد مواظبا على اداء صلاة الجمعة والجماعة، ويحيي ليالي القدر في المسجد الاعظم الذي يعتبره مقره الروحي، حيث يلتقي بأصدقائه، وكان دائما ما يتمنى ان يصبح قارئا للقرآن الكريم، حيث كان دائما يرتل بصوته ويتدرب على ذلك من خلال القراءة في المناسبات والمراسيم التي تقام سنويا للتلاوة والشعائر التي تقام لإحياء ولادات ووفيات اهل البيت فكان قارئا للقران ومؤذنا في جامع المصطفى.
تربی زین العابدين في اسرة مؤمنة فقيرة كريمة لها تاريخ مشرف من خلال نشاطاتها في خدمة اهل البيت واحياء المناسبات الدينية وخصوصا المواكب الحسينية .
زين العابدين من مواليد البصرة ۱۹۹۳ اعزب ، كان يحب الشهادة ومتأثراً بها خصوصا وهو
يستمع للإسراء والمعراج، حيث كان دائما يقول: ما اكثر ذنوب الانسان فلا يغسلها غير الشهادة ! انهى دراسته الابتدائية والمتوسطة، وأكمل الإعدادية، ثم قدم اوراقه ومؤهلاته ليكمل دراسته في كلية القانون، ثم اتجه للأعمال الشريفة الحرة، لبيع الارصدة لمساعدة نفسه على الاستمرار وإعانته لشراء ما يلزم من امور متعلقة بالمستلزمات؛ لإكمال دراسته حيث كان في مرحلتها الثانية.
تدرب زین العابدين على فنون القتال حيث اندرج في صفوف فوج الشهادة اثناء فترة التدريب، ولم يترك زيارة الحسين ولم يتخلَّ عن صديقيه القرآن ومفاتيح الجنان، وإقامة مجالس التعزية وهو في معسكر التدريب، فكان مؤمنا جدا بما يقدمه وما يقرأ من أذكار وعبادات.
التحق مع اخيه الشهيد مصطفى في صفوف الحشد الشعبي، واشترك معه في عدة معارك كان اهمها السجارية وحصيبة الشرقية التي استشهد فيها.
موعد مع الشهادة
التحق زين العابدين في صباح يوم الجمعة بعد تأخره يومين عن وجبة التحاق رفاقه المجاهدين وذلك بسبب امتحاناته الجامعية؛ لينال وسام الشهادة يوم السبت حيث سقط شهيدا مضرجا بالدماء اثر اشتباكات عنيفة دارت ساعات عديدة وبعد نفاد الذخيرة كانت محطته الاخيرة بتاريخ ١٠ / ٧/ ٢٠١٥م (۲۳) رمضان).
بقي جثمان زين العابدين الطاهر في ارض المعركة أكثر من ستة أشهر حتى تم العثور عليه بتاريخ ٥ / ٢ / ٢٠١٦، وتم التعرف عليه من خلال القرص الذي كان يحمل اسمه بعد تحرير ناحية حصيبه الشرقية، وثم نقل جثمانه الطاهر الى البقعة التي كان يعشقها النجف الاشرف، حيث يرقد الإمام علي، الذي كان متمسكا بنهجه وإنسانيته ليحل ضيفا عند امير المؤمنين
كيفية الاستشهاد: اشتباك مسلح
في صباح يوم السبت تعرضت النقاط التي كانت تنتشر على الاماكن المتقدمة لخط النار الى هجوم كبير حيث تم مشاغلتهم من عدة جوانب، فلشدة التعرض اصبحت المسافات قريبة بينهم وبين العدو، وبعد ان نفدت ذخيرته التي لم يتمكن من خلالها من المقاومة، استشهد زين العابدين ومن كان معه في تلك النقطة بقذيفة موجهة على النقطة التي كان يقاوم من خلالها العدو، حيث كان الاخ الأكبر للشهيد يقاوم محافظا على الموقف رغم استشهاد اخيه زين العابدين)، وبعد خمس ساعات من المقاومة ونفاد ذخيرة (مصطفى) استشهد ليلتحق بأخيه الذي سيقف القلم اجلالا ليرسم بطولته في صفحة مجد بيضاء أخرى من الاوراق، واعتنق القضاء والقدر بذراعي البسالة، تاركا شهادة كلية القانون معتنقا الشهادة.